أ ف ب: تسعى منصة أُطلِقَت أخيرا إلى أن تشكّل “موطنا” لأفلام الفلسطينيين،”تعود بدايات السينما الفلسطينية إلى ثلاثينات القرن العشرين” وإلى أن تتيح “إسماع صوتهم”، على ما أفاد مؤسساها بعد إعلانهما عنها، أول من أمس، ضمن مهرجان كان السينمائي، فيما يلاحظ باحث أصدر كتابا عن الفن السابع الفلسطيني أنه يواكب حقبات سياسية أساسية في النزاع مع إسرائيل.
نجوم يخطفون الأنظار بدعمهم لفلسطين في مهرجان كان السينمائي
وتجمع منصة “واترملون +” (بطيخ +) للبث التدفقي التي أطلقتها شركة “واترملون بكتشرز” في الولايات المتحدة نحو 60 فيلما من بينها أعمال لأبرز المخرجين الفلسطينيين، بعضها نال جوائز وشارك في مهرجانات عالمية، وتدور أحداث الكثير منها في قطاع غزة الذي يواصل الجيش الإسرائيلي قصفه منذ انطلاق الحرب الأخيرة ضد حركة حماس قبل عام ونصف العام.
نسعى أن تشكل هذه المنصة موطنا للأفلام الفلسطينية وصانعيها”
يقول الأميركي من أصل فلسطيني حمزة علي الذي أسس المنصة مع شقيقه بديع لوكالة فرانس برس ردا على سؤال وجهته إليه بالبريد الإلكتروني من بيروت، “نسعى إلى أن تشكل هذه المنصة موطنا للأفلام الفلسطينية وصانعيها”.
أما شقيقه بديع فيرى في تصريح لوكالة فرانس برس خلال وجوده في مهرجان كان في جنوب غربي فرنسا أن “شيئا لن يتغير ما لم نُسمِع صوت الفلسطينيين”.
ويضيف، “تصوير الفلسطينيين وكأنهم مجرّدون من الإنسانية وحجبهم هو ما يغذي الإجراءات” ضدهم. ويشّدد على ضرورة جعل الأصوات الفلسطينية “المُتجاهَلة” مسموعة في الولايات المتحدة، حليفة إسرائيل.
المنصة تضم الأميركية من أصل فلسطيني ألانا حديد
الأميركية من أصل فلسطيني ألانا حديد
ويؤكد حمزة علي أن هذه المنصة التي تضم أيضا الأميركية من أصل فلسطيني ألانا حديد، الأخت غير الشقيقة للعارضتين جيجي وبيلا حديد، “هي الوحيدة راهنا التي تُركّز على الأفلام الفلسطينية بعدما خضعت هذه الأعمال “لتقييد شديد” على المنصات المعروفة عقب هجوم 7 أكتوبر2023.
واختيرت الأفلام الفلسطينية التي تعرضها المنصة “بعناية فائقة بناء على قيمتها الفنية ونجاحها ومدى توافرها”، وهي أعمال “من العقود الأخيرة”، وفق ما يوضح حمزة علي.
وفي كتاب “سيرة لسينما الفلسطينيين” الصادر أخيرا عن “مؤسسة الدراسات الفلسطينية”، يحلل الكاتب والناقد السينمائي الفلسطيني سليم البيك خصائص سينما الفلسطينيين من خلال أفلامهم الروائية الطويلة، من “عرس الجليل” (1987) لميشيل خليفي إلى “الأستاذ” لفرح النابلسي الذي أطلق قبل شهرين من اندلاع حرب غزة العام 2023، وهو العمل الروائي الطويل الأول للمخرجة الفلسطينية البريطانية التي سبق أن رُشحت للأوسكار عن شريطها القصير “الهدية”.
فيلم “عرس الجليل” تمحوَر على الوضع الذي كان يعيشه الفلسطينيون
وإذا كان فيلم “عرس الجليل” للمخرجميشيل خليفة تمحوَر على الوضع الذي كان يعيشه الفلسطينيون خلال الانتفاضة الأولى بين عامي 1987 و1993، فإن البيك يُدرج الأفلام التي أعقبته ضمن ما يصفه بـ”سينما أوسلو”، في إشارة إلى اتفاقات أوسلو بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية في مطلع تسعينيات القرن العشرين.
فيلم عرس الجليل
ويشير في حديث لوكالة فرانس برس إلى أن “الشخصيات في سينما أوسلو تتسم بالبؤس وتفتقر إلى الأمل وروح المقاومة والتغيير، وتسلّم بالأمر الواقع”.
ويوضح البيك أن هذه الأفلام، ومن بينها أعمال لميشيل خليفي ورشيد مشهراوي وإيليا سليمان، هي “بمثابة ذاكرة حية لمرحلة في تاريخ الفلسطينيين المعاصر ومرجع لنفسية الفلسطينيين في تلك الحقبة”.
ويصف الأفلام ما بعد العام 2000 بأنها “أكثر واقعية (…) وهي متأثرة بالانتفاضة الثانية” أو “انتفاضة (المسجد) الأقصى” بين عامي 2000 و2005، “ولدى شخصياتها رغبة في المقاومة أو تعبّر عن غضب وتمرد”.
ويلاحظ أن السينما الفلسطينية من العام 2000 إلى اليوم، “تركّز على الموضوع الاجتماعي والخلافات الفلسطينية الفلسطينية المتمثلة في الاقتتال بين حركتي فتح وحماس العام 2007، فيما تراجعت مواضيع المواجهة مع اسرائيل”.
وإضافة إلى “عرس الجليل” و”الأستاذ”، تشمل قائمة أعمال منصة “واترملون +” أفلاما من بينها “عمر” لهاني أبو اسعد و”خمس كاميرات محطمة” من إخراج عماد برناط والإسرائيلي غاي دافيدي، و”المطلوبون الـ18″ لعامر شوملي، ويتناول قصة حقيقية عن إخفاء سكان بلدة بيت ساحور في الضفة الغربية 18 بقرة لإنتاج الحليب في مزرعة جماعية أعلن الجيش الإسرائيلي أنها تشكّل تهديدا للأمن القومي.
فيلم خمس كاميرات محطمة
وأدرجت المنصة كذلك “من المسافة صفر” الذي يمثل فلسطين في الأوسكار هذه السنة، وهو مشروع توثيقي سينمائي أُنتِج العام 2024، أداره المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي ويضمّ 22 فيلماً قصيراً لمجموعة من السينمائيين والفنانين في قطاع غزة وثقوا قصصهم خلال فترة حرب غزة.
وطأة الواقع الفلسطيني تنعكس بشكل ثقيل على السينما الفلسطينية
ويرى البيك أن وهذا الانعكاس يسبب محدودية المساحات والشخصيات. فالشخصية لا تستطيع أن تجتاز إلى الطرف الثاني بسبب الجدار أو الحاجز أو الجندي الإسرائيلي الذي يدفع الفلسطيني إلى العودة من حيث أتى أو يزجه في السجن”.
ويلاحظ أن ثمة جوامع مشتركة بين الأفلام الفلسطينية “هي السوداوية (..) والمشهد الأخير هو نفسه المشهد الأول، إذ تعود الشخصية إلى النقطة التي بدأ فيها الفيلم من دون أن تكون أنجزت شيئا”.