في لحظة سياسية لافتة، اختار فريق الاتحاد المغربي للشغل بمجلس المستشارين أن يرفع الصوت نيابة عن آلاف المتقاعدين، الذين يعيشون اليوم على هامش السياسات العمومية، رغم ما أسدوه من خدمات للوطن طيلة عقود من العمل. فخلال جلسة رقابية خصصت لمساءلة الحكومة، طالب الفريق بضرورة الالتفات العاجل لهذه الفئة، التي تواجه أوضاعا اجتماعية واقتصادية صعبة بسبب تدهور القدرة الشرائية وغلاء المعيشة.
احتساب المعاشات.. معادلة غير منصفة
أولى النقاط التي أثارها الفريق همت طريقة احتساب التقييم السنوي للمعاشات ضمن النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد (RCAR)، حيث أكد المستشارون أن هذه الآلية أصبحت غير مواكِبة للواقع المعيشي، ولا تعكس التحولات المتسارعة في أسعار المواد والخدمات الأساسية، وهو ما يجعل المتقاعدين عاجزين عن تغطية احتياجاتهم اليومية، خصوصا في ظل غياب زيادات حقيقية ومستمرة.
دعوة إلى حوار وطني شامل
في خطوة تروم إرساء مقاربة تشاركية، دعا الفريق البرلماني إلى إطلاق حوار وطني مفتوح حول أوضاع المتقاعدين، يكون ممثلوهم النقابيون في صلبه، وفي مقدمتهم الاتحاد النقابي للمتقاعدين التابع للاتحاد المغربي للشغل.
كما اقترح تشكيل لجنة مشتركة بين الحكومة والنقابات، تتولى متابعة مخرجات هذا الحوار، ووضع برامج عمومية موجهة لهذه الفئة.
مشروع قانون المالية 2026.. فرصة لتصحيح المسار
واعتبر الفريق أن الإعداد لمشروع قانون المالية للسنة المقبلة، فرصة سانحة لرد الاعتبار للمتقاعدين، عبر تخصيص اعتمادات مالية حقيقية للرفع من المعاشات، إلى جانب إعفاءات وتخفيضات ضريبية على المعاشات التكميلية، وإدراج تقرير مفصل داخل المشروع يرصد أوضاع هذه الفئة ويقترح حلولًا ملموسة.
صندوق دعم صحي واجتماعي.. ضرورة ملحّة
واحدة من أبرز مقترحات الفريق تمثلت في إحداث صندوق خاص بالدعم الصحي والاجتماعي لفائدة المتقاعدين، يضمن لهم الولوج الميسر إلى العلاج، والتكفل بالأدوية والأمراض المزمنة، خاصة في ظل تزايد أعداد المتقاعدين من ذوي الاحتياجات الصحية المستمرة.
جواز المتقاعد.. من التقدير إلى التفعيل
ولأن الاعتراف لا يجب أن يظل شعارا، اقترح الفريق منح “جواز خاص بالمتقاعدين”، يمكّنهم من الاستفادة من تخفيضات وعروض مجانية في النقل العمومي، والخدمات الثقافية والرياضية والترفيهية، وكذا عند اقتناء الأدوية. خطوة رمزية تحمل في طياتها بُعدًا كبيرًا من التقدير لفئة كرّست عمرها لخدمة البلاد.
تمكين الجمعيات الاجتماعية.. شريك استراتيجي
ووعيا بدور النسيج الجمعوي، دعا الاتحاد المغربي للشغل إلى تمكين جمعيات ومؤسسات الأعمال الاجتماعية الناشطة في هذا المجال من الإمكانيات والتكوينات اللازمة لتوسيع نطاق خدماتها الموجهة للمتقاعدين، بما يسهم في تحسين جودة حياتهم.
العدالة الاجتماعية.. لا تستقيم دون إنصاف المتقاعدين
في ختام مداخلته، شدد الفريق على أن إنصاف المتقاعدين ليس مجرد مطلب نقابي، بل هو التزام أخلاقي واجتماعي يجب أن تترجمه السياسات العمومية على أرض الواقع، ضمن رؤية شمولية تقطع مع المقاربات الظرفية، وأكد أن ترجمة هذه المقترحات إلى إجراءات فعلية رهين بإرادة سياسية حقيقية تنحاز للعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية
