طنجة ومأساة جديدة: جريمة قتل زوجية تكشف عنفًا بنيويًا ضد النساء
19/06/2025
0
بقلم: بثينة المكودي
شهدت مدينة طنجة مؤخرًا جريمة قتل مأساوية راحت ضحيتها امرأة على يد زوجها، الذي أقدم على فعلته بدافع “الشك” في أنها تنوي الانفصال عنه. لا وجود لدليل، ولا تهديد مؤكد، فقط هاجس فقدان السيطرة على شريكة قررت أن تفك قيد العلاقة. الجريمة، وفق ما يرويه مقربون، لم تكن انفجارًا عرضيًا، بل تتويجًا لمسار من التوتر والضغط النفسي، ينتهي على الدوام بثمن تؤديه المرأة.
ليست حادثة معزولة
ما حدث في طنجة لا يمكن التعامل معه كحادث فردي أو لحظة انفعال، بل يندرج ضمن سياق يتكرر في صمت: قتل النساء من طرف شركائهن. هذه الوقائع، التي باتت تُصنف عالميًا ضمن “القتل الزوجي” أو femicide، لا تفضح فقط عنفًا منزليًا، بل تكشف اختلالًا عميقًا في الثقافة المجتمعية ومفاهيم السلطة والملكية داخل الأسرة.
تعليق فدوى الرجواني: الجريمة لها عمق سياسي وثقافي
الناشطة الحقوقية والأستاذة فدوى الرجواني علّقت على الجريمة من خلال تدوينة على أحد مواقع التواصل الاجتماعي، اعتبرت فيها أن ما حدث لا يمكن فصله عن بنيات مجتمعية تغذي العنف ضد النساء. وقالت:
“ما وقع في طنجة ليس مجرد حادث مأساوي عابر يُضاف إلى أرشيف الجرائم الأسرية، بل هو تجل صارخ لوضع بنيوي مختل، تؤدي فيه النساء ثمنا باهظا لأبسط تمرد أو رفض أو تعبير عن رأي مخالف للذكر.”
وأكدت الرجواني أن الجريمة ليست لحظة غضب، بل هي مشهد آخر من مسلسل القتل الزوجي، حيث تكون المرأة هدفًا لا لشيء سوى لكونها امرأة.
وأضافت أن الجريمة لا تنفصل عن مناخ عام يُطبع مع العنف، ويشرعن له بخطابات تبريرية منتشرة في الفضاء الرقمي، بل ويقف وراءها مؤثرون ومثقفون وأساتذة.
صدمة مضاعفة في الفضاء الرقمي
ما عمّق وقع الجريمة، بحسب الرجواني، هو سيل التعليقات التي برّرت أو برّكت الفعل. تعليقات اعتبرتها “ذخائر رمزية” تُطلق على صدور النساء، وتؤسس لثقافة الإلغاء والتصفية المعنوية لكل من تتجرأ على الاختيار.
“يكفي أن نقرأ بعض التعليقات على الجريمة لنفهم حجم التحريض الرمزي الذي تتعرض له النساء يوميا… خطاب الكراهية لا يقتل بسكين، بل بالكلمة التي تشحذ السكين وتبررها وتلبسها لبوس الرجولة والحق.”
في ختام تعليقها، دعت فدوى الرجواني إلى تحرك عاجل على ثلاث مستويات، التشريعي بتصنيف القتل الزوجي كجريمة قائمة على النوع وتشديد العقوبات، والثقافي والتربوي، وذلك بترسيخ قيم المساواة والاحترام داخل الأسرة والمدرسة، دون إغفال المستوى الإعلامي والرقمي برصد ومحاربة خطاب التحريض والكراهية في الفضاء العمومي.
لا تنمية دون كرامة النساء
أكدت الرجواني أن الدفاع عن حياة النساء وحقوقهن لا يمكن فصله عن المشروع الديمقراطي. فالقتل الزوجي، في عمقه، ليس فقط انتهاكًا فرديًا، بل فشل جماعي في حماية الحياة والكرامة.