
في تعقيبه على عرض رئيس الحكومة حول الحصيلة الاقتصادية والمالية واثرها على دينامية الاستثمار والتشغيل، عبر فريق الاتحاد المغربي للشغل بمجلس النواب عن قلق بالغ ازاء ما وصفه بالغياب الصارخ للبُعد الاجتماعي في السياسات الحكومية المرتبطة بالاستثمار والتشغيل، داعيا الى ميثاق اجتماعي ملزم يربط النمو الاقتصادي بتحسين شروط الشغل وضمان العدالة الاجتماعية.
وبالرغم من اشادته بالمؤشرات الاقتصادية التي تبرز صمود الاقتصاد الوطني في وجه الازمات المتعددة، اكد الفريق النقابي ان الارقام تبقى غير كافية لتقييم الحصيلة، ما لم تُقارب من زاوية اثرها على حياة المواطنات والمواطنين، وخصوصا على الشباب والنساء وحاملي الشهادات الذين تُثقلهم البطالة وتهمشهم السياسات التشغيلية الراهنة.
واشار الفريق الى ان واقع التشغيل بالمغرب لا يزال يتسم بالهشاشة، حيث تظل نسبة كبيرة من مناصب الشغل المحدثة مؤقتة ولا تستجيب لمعايير العمل اللائق، في ظل غياب شروط الصحة والسلامة، وتجاهل الحد الادنى من الحقوق الاجتماعية، من قبيل التصريح بالعمال لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، والحق في الراحة الاسبوعية والعطل السنوية.
استفحال التشغيل بالمناولة
وهاجم الفريق ما وصفه باستفحال التشغيل بالمناولة، الذي بات بحسب تعبيره شكلا من اشكال الاستغلال المقنن، حيث تُشغل آلاف العاملات والعمال دون عقود واضحة او احترام لمقتضيات مدونة الشغل، في ظل صمت الوزارة الوصية على القطاع، ما يُفرغ الاستثمار من بعده الاجتماعي، ويحوله الى وسيلة لتراكم الثروة على حساب الكرامة العمالية.
وابرز الفريق ان استمرار التفاوتات المجالية في توزيع الاستثمارات يُكرس الفوارق بين الجهات، ويحول دون تحقيق عدالة ترابية فعلية، رغم كثافة التحفيزات الممنوحة للمستثمرين، التي غالبا ما تُقدم دون اشتراطات اجتماعية واضحة تضمن جودة مناصب الشغل وادماج الفئات المهمشة.
وانتقد المتدخل باسم الاتحاد المغربي للشغل اعتبار التشغيل كلفة زائدة في نظر بعض الفاعلين الاقتصاديين، عوض ان يُنظر اليه كرافعة للانتاج والتنمية، داعيا الحكومة الى مراجعة سياستها في هذا المجال، وربط تمويل البرامج العمومية بمدى قدرتها على الادماج المهني المستدام.
ارساء ميثاق اجتماعي للاستثمار، يُبنى على حوار ثلاثي الاطراف
وفي هذا السياق، دعا الفريق النقابي الى عدد من التدابير العاجلة، من بينها، ارساء ميثاق اجتماعي للاستثمار، يُبنى على حوار ثلاثي الاطراف، ويُلزم المستثمرين باحترام الحقوق الاساسية للاجراء،وتحفيز الاستثمار في الجهات الهشة عبر آليات ضريبية ومالية تضمن العدالة المجالية،ومراجعة السياسات التشغيلية استنادا الى تقييم واقعي وموضوعي لنتائجها، اضافة الى اصلاح منظومة التكوين وربطها بمؤهلات سوق الشغل، عبر تشجيع التكوين بالتناوب والتكوين داخل المقاولات، ثم اشراك النقابات الجادة في اللجان الجهوية والقطاعية المرتبطة بالاستثمار والتشغيل، وتوسيع مجال الحوار الاجتماعي.
واختتم الفريق تدخله بالتأكيد على ان نجاح اي سياسة استثمارية يمر حتما عبر ادماج الطبقة العاملة والفئات الهشة في الدورة الاقتصادية، معتبرا ان الكرامة العمالية والتنمية المتوازنة ليسا ترفا، بل شرطا لبناء مجتمع متماسك واقتصاد قوي.
واكد الفريق استعداده الكامل للانخراط في اي مبادرة وطنية جادة تنطلق من الواقع الاجتماعي للمغاربة، وتُعلي من قيمة العمل المنتج، وتضع التشغيل الكريم في صلب الاولويات الوطنية.