اقتصادالرئسية

إعفاء مدير وعودة مثيرة للجدل لفريق “فرصة””

قررت الوزيرة فاطمة الزهراء عمور، في خطوة مفاجئة أثارت الكثير من علامات الاستفهام داخل أروقة وزارة السياحة.. إعفاء مدير مديرية التقنين والتطوير والجودة، منصف طيبي، من مهامه، وذلك مباشرة بعد إشرافه على إعداد خطة مفصلة لبرنامج “الزيارات السرية” الرامي إلى مراقبة وتحسين جودة الخدمات الفندقية في المغرب.

المثير في هذا القرار لا يقتصر فقط على التوقيت، بل على الطريقة التي تم بها تحويل المشروع، بعد استكمال مراحل التخطيط والإعداد، إلى شركة سبق أن وُجهت إليها انتقادات واسعة من مؤسسات رقابية رسمية، في مقدمتها المجلس الأعلى للحسابات، بسبب تورطها في إخفاقات متكررة كان أبرزها فشل برنامج “فرصة” ومشروع “رؤية 2020”.

خطة طموحة تنتهي بإعفاء غامض

بحسب مصادر من داخل الوزارة، فإن المدير المقال، منصف طيبي، كان وراء الإعداد التقني والاستراتيجي الكامل لبرنامج “الزيارات السرية”، وهو البرنامج الذي يرتكز على آلية إرسال خبراء متخفين إلى الفنادق والمرافق السياحية من أجل تقييم مدى احترامها لمعايير الجودة، وذلك في إطار نهج رقابي حديث يهدف إلى الرفع من تنافسية العرض السياحي الوطني.

وقد أطلقت الوزارة بالفعل طلب عروض لاختيار خبراء لتنفيذ هذه الزيارات، بعد استكمال التصور الكامل من طرف المديرية التي كان يرأسها طيبي، غير أن القرار الوزاري صدر في اليوم الموالي لإعلان الصفقة، حيث تم إعفاؤه بشكل مفاجئ دون أي توضيح رسمي للأسباب أو خلفيات هذا التغيير الإداري المفاجئ.

عودة “الفاشلين” إلى الواجهة

ما زاد من حدة الجدل هو تسليم المشروع برمته إلى الشركة المغربية للهندسة السياحية، وهي المؤسسة العمومية التي ارتبط اسمها بسلسلة من الإخفاقات المتكررة، سواء في تدبير مشاريع استراتيجية كـ”رؤية 2020″ التي انتهت دون تحقيق الأهداف المسطرة، أو في تنفيذ برنامج “فرصة” المخصص لدعم وتمويل المشاريع الصغرى، والذي تعرض لانتقادات واسعة بسبب ضعف الحكامة وغياب الشفافية في تدبير الملفات.

وقد وجه المجلس الأعلى للحسابات انتقادات واضحة لهذه المؤسسة، خصوصا في تقريره السنوي، حيث أشار إلى اختلالات مالية وإدارية شابت تنفيذ العديد من المشاريع السياحية الوطنية، ما يطرح تساؤلات جوهرية حول منطق إسناد مهمة رقابية من المفترض أن تستند إلى معايير صارمة إلى جهة سبق أن أخفقت في مهام تنفيذية مماثلة.

تساؤلات مشروعة… من يحاسب من؟

يفتح قرار الوزيرة بإقالة مدير الجودة وتكليف جهة مشكوك في كفاءتها، الباب أمام عدة أسئلة، أولها: ما الأسباب الحقيقية وراء هذا الإعفاء؟ وهل يتعلق الأمر بخلافات داخلية أو حسابات سياسية داخل الوزارة؟ أم أن هناك ضغوطات غير معلنة دفعت نحو إزاحة الكفاءات التقنية لفائدة ترتيبات أخرى؟

ثم، كيف يعقل أن تسند مهمة مراقبة جودة الفنادق المغربية، في وقت حساس تمر فيه السياحة المغربية بمرحلة تعافٍ ما بعد الجائحة، إلى جهة لم تثبت نجاعتها في تنفيذ برامج تنموية أقل تعقيدًا؟ وهل تتحول مشاريع الجودة في المغرب إلى أوراق سياسية تتقاذفها المصالح بدل أن تُصان بكفاءات مستقلة ومسؤولة؟

إصلاح أم إعادة إنتاج الفشل؟

في الوقت الذي كانت فيه الأنظار تتجه نحو تعزيز آليات الرقابة السياحية وتحقيق المعايير الدولية في الخدمات الفندقية، يبدو أن الوزارة تسير في الاتجاه المعاكس بإعادة تدوير نفس الأطر والمؤسسات التي فشلت في تجارب سابقة، وهو ما يهدد بفقدان الثقة مجددًا في قدرة الجهاز الحكومي على تحقيق إصلاح حقيقي في قطاع يراهن عليه المغرب كرافعة اقتصادية أساسية.

وفي غياب أي بلاغ رسمي يوضح خلفيات القرار، تبقى الأسئلة مفتوحة، ويبقى المواطن والمستثمر والسائح في انتظار أجوبة لا تأتي، بينما تتكرر نفس السيناريوهات: إعفاءات مباغتة، وصفقات غامضة، ومشاريع تنتهي على أعتاب الفشل، وكأن القطاع السياحي لا يستحق أن يُدار بكفاءة واستقلالية ومحاسبة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى