ابن عبدالرحيم بوعبيد يكتب: عن يهود المغرب..اللعبة المزدوجة المستحيلة
21/07/2025
0
بقلم علي بوعبيد
“بينما يُباد شعبٌ منهجيًا تحت القنابل، جائعًا ومتروكًا في ظل لامبالاة عامة، رأى السيد كادوش، ممثل الطائفة اليهودية المغربية، أنه من المناسب خلال لقاء نظمه الأكاديمي لحسن اليوسي، أن يحتفل بحماسة بفضائل التعايش اليهودي-المسلم في المغرب – حتى أنه اقترح إقرار يوم عطلة رسمية بمناسبة رأس السنة العبرية.
مثل هذه الجرأة قد تبدو مشروعة من حيث المبدأ، لو لم تكن غطاءً للصمت إزاء المأساة الفلسطينية. صمت يضع السيد كادوش في تعارض صارخ مع الشعور الوطني والمواقف الملكية التي يدّعي التمسك بها.
سياسة الإبادة الجماعية لإسرائيل تقدم مبررات جديدة للافض التطبيع
في الواقع، يكشف خطاب السيد كادوش عن حقائق صادمة: أولًا، أن السياسة الإبادة الجماعية لإسرائيل تعطي مبررات جديدة لرفض التطبيع؛ ثم أن الإدانات الملكية – (الخطاب الملكي في القمة الإسلامية 15 في مايو 2024 الذي وصف العدوان على غزة بأنه “إهانة للإنسانية جمعاء”) – غابت تمامًا عن تصريحاته.
التناقض صارخ: الصوت نفسه الذي يُشيد بالحماية التي قدمها محمد الخامس ليهود المغرب في زمن حكومة فيشي الفرنسية، يصبح صامتًا بشكل غريب أمام الجرائم المعاصرة.
كيف يمكن التباهي بقيم التسامح في المغرب، في الوقت الذي يُصمت فيه عن انتهاك فاضح للسلام؟ كيف يمكن تدريس التاريخ في المدارس المغربية من دون الحديث عن جرائم تُرتكب أمام أعيننا؟ كيف يمكن استحضار العناية الملكية بكل القضايا، باستثناء فلسطين؟
دعمك يا سيد كادوش، للسياسة الإسرائيلية هو ما جلب العار لليهود عبر العالم
هذا الخطاب المزدوج، وقد بات مكشوفًا، يتجلى في صمت ممثلي اليهود المغاربة تجاه ما يحصل في إسرائيل أو غيرها. نشاط السيد كادوش ضمن إطار دعم إسرائيل لا يبدو موجهًا لإصلاح هذا الخراب الأخلاقي. ولا يبدو أنه يحمل همّ الضمير الذي دفع ببعض اليهود إلى الصراخ: “ليس باسمي”.
في هذه الظروف، ومن باب الاحترام لضحايا الأمس واليوم – ولمن يحسون بتزايد الهوة بين خطاب الأمة وخطاب الملك – فالأجدر هو الصمت.
لأن كل مديح مبالغ فيه يضاعف فداحة ما يحصل: دعمك يا سيد كادوش، للسياسة الإسرائيلية هو ما جلب العار لليهود عبر العالم.
لايمكن الادعاء بحب المغرب ومعه دعم السياسة الإجرامية لإسرائيل
وما هو واضح أكثر فأكثر، أن أي تطبيع حقيقي لن يجد له مكانًا ما لم يعِ اليهود المغاربة – الحملة الأوائل لهذا الإرث الأخلاقي – أنه لا يمكن خلط حبهم للمغرب مع دعمهم للسياسة الإجرامية الإسرائيلية، إلا بالمطالبة بوقف فوري لهذه المأساة التي تتجاوز مصير شعبٍ ما، إلى كرامة الإنسانية جمعاء، بغض النظر عن انتماءاتهم.
علمًا أن هذا الدرس التاريخي سيُعلَّم لأبنائنا كما تُدرّس كبرى مآسي القرن العشرين.”