الرئسيةمجتمع

الشرفة الأطلسية بالعرائش مشروع تنموي أم مجرد صفقة وفقط؟

لم تكن الشرفة الأطلسية يوما مجرد كورنيش يطل على زرقة المحيط، بل نافذة تاريخية تحتضن وجدان العرائش وتروي قصصها.

بقلم: بثينة المكودي

هناك، حيث تلتقي السماء بالبحر، جلس العشاق، وكتب الغائبون رسائلهم، وارتسمت ملامح مدينة لا تعرف سوى صوت الموج ولون الغروب.

لكن هذا الفضاء الذي ظل لسنوات متنفس لسكان المدينة وزوارها، صار اليوم في قلب نقاش محتدم على مواقع التواصل الاجتماعي، بعدما أعلن عن مشروع ضخم لتأهيله بكلفة تقدر بـ35 مليون درهم.

المشروع الذي أطلقه المجلس الجهوي في فبراير 2024 تحت شعار «تحسين المشهد الحضري وتنويع العرض السياحي» يبدو للوهلة الأولى خطوة نحو النهوض بمدينة طالما اختزلت في موانئ الصيد البحري ومصانع التعليب، غير أن خلف هذا الطموح البراق، يطرح أبناء العرائش والمتتبعون أسئلة لا تقل وجاهة؛

هل نعيش لحظة تحول حقيقية نحو اقتصاد سياحي قوي، أم مجرد عملية تجميلية عابرة؟

من سيتولى هذه الأشغال؟ وهل ستُحترم معايير الشفافية في تدبير صفقة بهذا الحجم؟

والأهم من ذلك، ما مصير روح المكان؟

الشرفة الأطلسية ليست إسمنت وزينة فقط، إنها ذاكرة تتجاوز الحجر إلى نبض مدينة بكاملها.

كثيرون يخشون أن تتحول عمليات التحديث إلى مسخ لهوية الفضاء، لتستبدل جلسات الغروب الهادئة بواجهات باهتة لا تحمل من الأصالة سوى الاسم، فهل يمكن للتنمية أن تتعايش مع الذاكرة، أم أن أحدهما سيزيح الآخر تحت ذريعة «التحديث»؟

هذه المخاوف تحولت إلى فعل ميداني، حيث صدحت أصوات الساكنة بشعار واحد: «أعيدوا لنا شرفتنا»، فبالنسبة لهم، المشروع يهدد بمحو ما تبقى من رمزية المكان، وحول الحوار إلى مواجهة بين لغة الحنين وسلطة الإسمنت.

العرائش اليوم تقف أمام مفترق طرق.

بين مطرقة الحنين وسندان مشاريع التنمية، يظل السؤال قائما؛ هل ستنجح المدينة في الحفاظ على جمالها الطبيعي وروحها التاريخية، أم سنستيقظ قريبا على كورنيش عصري بلا ذاكرة، وصورة مثالية لا تشبه شيئ من الحقيقة؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى