“البيتكوين تُغيّر خريطة الثراء العالمي: من المضاربة إلى تشكيل مليونيرات جدد
28/07/2025
0
تحرير: جيهان مشكور
شهد عام 2025 تحولًا غير مسبوق في عالم المال والأثرياء، حيث استطاعت عملة البيتكوين الرقمية أن تعيد رسم خارطة الثروة العالمية، من خلال خلق أكثر من 15 ألف مليونير جديد بفضل مكاسب قياسية حققتها خلال الأشهر الماضية.
فما هي الأسباب التي أدت إلى هذا الانفجار في قيمة العملة الرقمية؟ وكيف تحولت بيتكوين من أداة مضاربة محفوفة بالمخاطر إلى ركيزة مالية أساسية تلعب دورًا محوريًا في الاقتصاد العالمي؟
صعود قوي وسط تقلبات الأسواق العالمية
منذ مطلع العام الجاري، عرفت البيتكوين ارتفاعًا سريعًا وغير مسبوق، حيث اقترب سعرها من حاجز 123 ألف دولار، مسجلةً مستويات قياسية جديدة في ظل أداء استثنائي لم تشهده من قبل.
لم يكن هذا الصعود وليد الصدفة، بل جاء في سياق تحولات هيكلية كبرى في سوق العملات الرقمية، خاصة مع تحوّل البيتكوين إلى ملاذ آمن وسط الاضطرابات التي شهدتها الأسواق العالمية بسبب التوترات الجيوسياسية ورسوم التعريفات الجمركية التي فرضتها الإدارة الأمريكية.
البيتكوين: من أداة مضاربة إلى عمود فقري مالي عالمي
تغيرت النظرة تجاه العملات المشفرة بشكل جذري في النصف الأول من 2025، حيث باتت تمثل أكثر من مجرد أداة استثمارية محفوفة بالمخاطر، بل أصبحت جزءًا لا يتجزأ من النظام المالي العالمي، فقد دعمت السياسات الأمريكية الجديدة هذا التحول، و بدأ بإعطاء أهمية كبرى لتنظيم وتأمين عمليات التداول في العملات الرقمية، مما زاد من ثقة المستثمرين الأفراد والمؤسسات الكبرى على حد سواء.
وتزامنًا مع ذلك، شهد الدولار الأمريكي تراجعًا ملحوظًا في قيمته، مما عزز من جاذبية البيتكوين باعتبارها مخزنًا للقيمة، لا سيما مع شح المعروض من العملة الرقمية، وهو ما جعلها تتفوق على العديد من الأصول التقليدية كالذهب والأسهم والسندات.
15 ألف مليونير جديد.. انعكاسات ضخمة على الاقتصاد العالمي
تحقق هذه المكاسب الاستثنائية من البيتكوين موجة غير مسبوقة من تراكم الثروات الرقمية، حيث قدرت الدراسات أن أكثر من 15 ألف شخص تحولوا إلى مليونيرات جدد عبر الاستثمار في البيتكوين خلال عام 2025 فقط، هذا الأمر يعكس تحوّلًا كبيرًا في تعريف الأثرياء العالميين، الذين لم يعودوا فقط من أصحاب الشركات الكبرى والأسهم التقليدية، بل يشملون الآن متداولي العملات الرقمية الذين استفادوا من التحولات السريعة في هذا السوق.
الدعم الأمريكي: ركيزة أساسية لتعزيز سوق العملات الرقمية
كان لدعم الإدارة الأمريكية، خصوصًا في عهد دونالد ترامب، دور محوري في هذا التحول، إذ أعلن ترامب خلال حملته الانتخابية عن نية واضحة لجعل الولايات المتحدة مركزًا عالميًا للأصول الرقمية، ووعد بإحداث إصلاحات وتشريعات تضمن تداولًا آمنًا وشفافًا للعملات المشفرة، وقد بدأ تنفيذ هذه السياسات فعليًا مع إصدار تشريعات وتنظيمات تهدف إلى حماية المستثمرين وتسهيل التوسع في السوق.
عوامل جيوسياسية وتجارية تدعم البيتكوين
بالإضافة إلى الدعم التشريعي، لعبت التوترات الجيوسياسية، لا سيما في الشرق الأوسط مع تصاعد التوترات بين إسرائيل وإيران، دورًا في دفع المستثمرين للبحث عن ملاذات آمنة بديلة بعيدًا عن الأسواق التقليدية، كما كان للحرب التجارية بين الولايات المتحدة ودول أخرى أثر واضح في زيادة اللجوء إلى العملات الرقمية، والتي باتت تحظى بثقة أكبر كأصل مستقل غير مرتبط مباشرة بالسياسات النقدية التقليدية.
توقعات مستقبلية: إلى أين يتجه سعر البيتكوين؟
تتباين توقعات المؤسسات المالية الكبرى بشأن سعر البيتكوين في المستقبل القريب والمتوسط.. ترى شركة “Fidelity” أن سعر العملة الرقمية قد يصل إلى مليار دولار للوحدة الواحدة بحلول عام 2038، وهو توقع يحمل في طياته رؤية متفائلة تعكس احتمالات النمو الهائل لهذه الأصول. أما “ARK Investment” فتتوقع وصول السعر إلى 2.4 مليون دولار بحلول عام 2030، بينما تتوقع “Standard Chartered” أن يبلغ سعر البيتكوين 200 ألف دولار بنهاية عام 2025.
هذه التوقعات تعكس ثقة متزايدة في قدرة البيتكوين على الاحتفاظ بقيمتها والتوسع في سوق الأصول المالية العالمية، ما يجعلها لاعبًا رئيسيًا لا يمكن تجاهله في تشكيل مستقبل الاقتصاد.
في النهاية، لم تعد “بيتكوين” مجرّد عملة رقمية يقامر بها المتحمسون للتقنيات الجديدة، بل أصبحت أداة حقيقية لإعادة توزيع الثروة عالميًا، ومع دخولها المعترك الاقتصادي الرسمي بدعم سياسي وتشريعي غير مسبوق، يبدو أننا أمام تحول بنيوي في مفهوم الثراء ذاته. فهل نشهد خلال الأعوام المقبلة تحوّل مليونيرات وادي السيليكون إلى “كريبتو-أثرياء” يقودون الاقتصاد الجديد؟ وحده الزمن كفيل بالإجابة.