الرئسيةثقافة وفنون

«التبوريدة»: فروسية الأجداد يحفظها الأحفاد

الأناضول: سفيان بنزكري شاب مغربي يمتهن الفروسية التقليدية (التبوريدة) منذ أزيد من عقد من الزمن، وقد تتلمذ لسنوات على يد والده.

التبوريدة

تسلم بنزكري (23 عاما) مشعل «التبوريدة» من والده، وأصبح يشارك في المهرجانات والمسابقات الوطنية.
قصة بنزكري مثال على حرص الآباء على تعليم أولادهم «التبوريدة» للمحافظة على تراث يجمع بين الفروسية والشجاعة والفن التقليدي والتدريب.

يحاكي معارك التحرير واحتفالات الانتصار،

و»التبوريدة» استعراض للفرسان يحاكي معارك التحرير واحتفالات الانتصار، إذ تنطلق الخيول في سباق لنحو 100 متر ينتهي بإطلاق النار في الهواء.

وترتبط قطاعات عدة بـ»التبوريدة»، مثل تربية الخيل وصناعة السروج، مما يجعل العديد من الحرفيين يتفنون وينقلون شغفهم بالخيول وتزيينها بما غلا ثمنه وحلا شكله.

في أنحاء المغرب لا تزال «التبوريدة» حاضرة، بفضل حرص الآباء على نقل تجربتهم ومعارفهم إلى الأبناء.
وتعرف مختلف مدن وقرى مهرجانات ومسابقات لـ»التبوريدة»، تشهد حضورا كبيرا للمواطنين، وتتخللها أنشطة أخرى موازية.

وتُعنى مؤسسات عدة، مثل الشركة الملكية لتشجيع الفرس (حكومية)، بهذه المسابقات التي تظهر ضمن أمور عدة مدى تحكم الفارس في جواده.

وخلال استعراضات فرق الخيالة «البواردية» تنطلق أهازيج شعبية، منها «الطقطوقة» الجبلية ووصلات «النفار» وفرق «الطبالة» و«الغياطة» و»الكوامانجية».

 

بنزكري قال إن تعلمه أدبيات «التبوريدة» من والده حسن، الذي حرص على تلقينه الأمور كافة المتعلقة بها.وأضاف أن والده كان «مقدم سربة»، أي «رئيس فرقة خيول»، وحصل على هذه المرتبة بعد سنوات من العمل.

الوصول إلى مرتبة «مقدم سربة» يتطلب التدرب على يد أستاذ «التبوريدة»

وتابع أن والده هو شيخه (معلمه)، خاصة أن الوصول إلى مرتبة «مقدم سربة» يتطلب التدرب على يد أستاذ «التبوريدة».

«عندما كان والدي مقدم كان يدربني قبل المشاركة بالإقصائيات (المسابقات)»، حسب بنزكري.

وعدّد من ذلك «التدريب على الأرض وفوق الخيل، على أساس تعلم الفارس كيف يحمل البندقية، وألا تشكل خطورة عليه أو على الفرس أو الفارس المجاور له».

وشدد على ضرورة الحفاظ على هذا الموروث، لكي يكون في أحسن حلة مستقبلا.

بنزكري حرص على المشاركة بمهرجان مدينة تيفلت الثقافي (شمال غرب) في يوليوز الجاري، حيث تم تنظيم مسابقة «التبوريدة» بمشاركة أزيد من 50 سربة.

وعرفت هذه المسابقة حضورا كبيرا للجمهور، الذي يتفاعل خاصة حين يطلق الفرسان الطلقة من بنادقهم بشكل موحد.

ويعطي المقدم (رئيس الفرقة) إشارة انطلاق الفرسان لنحو 100 متر، تنتهي بإطلاق النار في الهواء بشكل موحد.

«التبوريدة» تتطلب خبرة وتجربة وتدريبا مستمرا

سعيد الجمعاوي (42 عام) «مقدم سربة» في إقليم القنيطرة (شمال غرب) قال إن «التبوريدة» تتطلب خبرة وتجربة وتدريبا مستمرا، خاصة أن المسابقة تتطلب مراحل عدة.

وأضاف أنه يحرص على اصطحاب أبنائه في المسابقات للتعرف أكثر على هذا التراث.

وأردف أنه ورث «التبوريدة» أبا عن جد، ويعمل على تلقين هذا التراث لأولاده.

الجمعاوي اعتبر أنه بمجرد الركوب فوق الخيل ينسى الفارس الجهد البدني والمالي.

وأشار إلى أنه بدأ في امتهان «التبوريدة» حين كان عمره 18 سنة.
ترتبط قطاعات عدة بـ»التبوريدة»، خاصة الصناعة التقليدية مثل الملابس والسروج، فضلا عن تربية الخيول بمختلف أنواعها.

والمرحلة الأولى من مسابقة «التبوريدة» تتمثل في جمالية وتناسق ملابس الفرسان، لذلك تتفنن كل فرقة في اختيار ملابسها لونا وشكلا.

«التبوريدة» وفرسانها في المغرب مرتبطة بشكل كبير بسروج تقليدية

وزينة خيول «التبوريدة» وفرسانها في المغرب مرتبطة بشكل كبير بسروج تقليدية، يبدع الصناع التقليديون في حياكتها.

ومن بين الصناعات التقليدية أيضا أحذية الفرسان، التي تكون عادة طويلة ومصنوعة من الجلد.

وحسب الشركة الملكية لتشجيع الفرس، في منشورات سابقة، يرتبط الفرس ارتباطا وثيقا بتاريخ المغاربة.

ويعتبر الفرس البربري أول سلالة في المغرب، قبل أن يأتي العرب إلى المنطقة بسلالتهم الخاصة، أي الحصان العربي.

أما الفرس العربي- البربري فجاء نتيجة تهجين بين هاتين السلالتين الأوليين، وكلاهما له القدرة على التأقلم مع محيطهما الطبيعي القاسي، الذي يقل فيه الكلأ.

واحتفظ المغاربة للفرس بمكانة متميزة، إذ يتعلقون به من باب حب الزينة والشغف، ويرتبطون به في الأعياد والحفلات والمواسم الشعبية ومهرجانات «التبوريدة».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى