الرئسيةثقافة وفنون

عرض رحباني مُبهر في ختام مهرجانات بعلبك وتحية لزياد

أ ف ب: فيما كان مناصرو “حزب الله” ينظمون مسيرات ويقطعون طرقاً في مختلف المناطق اللبنانية، ومن بينها محيط بعلبك، كانت المهرجانات الدولية لهذه المدينة الواقعة في شرق لبنان تُختَتَم في القلعة الأثرية الشهيرة بحفلة رحبانية الطابع بصيغة عصرية، بصوت المغنية هبة طوجي وبمؤثرات بصرية غامرة.

فبين جدران القلعة وأعمدتها التي تشكّل جزءاً من التاريخ الفني للعائلة الرحبانية ولا تزال مطبوعة بأعمالها وبصوت الفنانة فيروز، استعاد عرض “حقبات” الذي توّج مهرجانات بعلبك الدولية تاريخ القلعة ومعابدها بالصوت والصورة الثلاثية الأبعاد في قسمه الأول، وفي جزئه الثاني توقف عند أغنيات طبعت مسيرة طوجي.

فكرة “هذا المشروع الكبير” نشأت قبل 15 عاماً

ومن خلال إسقاطات ضوئية ومشاهد بصرية لمعابد بعلبك، كما كانت قبل نحو ألفَي سنة، أُسقطت على جدران معبد باخوس، بدا العرض الغامر متحركاً، متجاوزاً الحدود التقليدية للمسرح، ووُظفت الإضاءة والمشاهد الثلاثية الأبعاد على أعمدة جوبيتر، والمعابد الأخرى التي صمدت آلاف السنين.

وأشار أسامة الرحباني في كلمة ألقاها إلى أن فكرة “هذا المشروع الكبير” نشأت قبل 15 عاماً، مضيفاً: إنه “مشروع كبير يحتاج الكثير من العمل والتنسيق بين الصورة والموسيقى والإضاءة والنقل الحي والمسح ثلاثي الأبعاد لمختلف أقسام القلعة، لكي نقدّم شيئاً مختلفاً”.

وبأغنية عنوانها “هليوبوليس”، أي “مدينة الشمس” باليونانية، وهي الصفة التي كانت تُطلَق تاريخياً على بعلبك، افتُتح العرض المبهر مشهدياً.

اشتقنا إلى أن نلتقي على الأمل والفن والحب والموسيقى

وأطلّت طوجي من داخل معبد باخوس بثوب أبيض رومانيّ النمط، مطرّز بخيوط ذهبية، صممه نيكولا جبران وأدت أغنية “مطرح ما بودي الصوت”، ثم وقفت على أدراج معبد باخوس وأقرّت بأن “لهذه الوقفة رهبة كبيرة”. وقالت: “اشتقنا إلى أن نلتقي على الأمل والفن والحب والموسيقى. رجعنا ورجعت بعلبك تضيء”، وخاطبت الجمهور: “وجودكم رسالة صمود ولحظة حضّرناها بإصرار”، واصفة الحفلة بأنها “رحلة نسافر فيها بالزمن من خلال الموسيقى ونرى الحقبات التي مرت من هنا”.

وعندما أنشدت “أنا اسمي بعلبك” من كلمات غدي الرحباني وتلحين أسامة، حمل الراقصون المشاعل وأُسقطت مشاهد الشموع المشتعلة على جدران معبدي باخوس وجوبيتر.

ثم ركعت طوجي واضعة على كتفيها وشاحاً مخملياً بلون الخمرة داخل معبد باخوس، ممجدة بعلبك بأغنية عنوانها “جايي تصلي بفياتك”، التي تقدم فيها تحية للأخوين الرحباني وفيروز.

وارتدت بعدها القلعة حلة كاتدرائية “نوتردام” الباريسية، وأنشدت طوجي “افي ماريا” التي سبق وغنتها خلال إعادة افتتاح الكاتدرائية بعد ترميمها أواخر العام 2024.

كما استعادت الحفلة لوحات غنائية من مسرحيتَي “صيف 840″ (1987)، و”أيام فخر الدين” التي قُدّمت في بعلبك العام 1966.

حضر المؤلف الموسيقي والمسرحي الراحل منصور الرحباني

وفيما تضمّن العرض تحية إلى المؤلف الموسيقي والمسرحي الراحل منصور الرحباني، والد أسامة وأحد الأخوين رحباني اللذين طبعا الفن اللبناني طوال عقود، في مئوية ولادته، صدح صوت الفنان الراحل يلقي بصوته الرخيم قصيدة “راجعون من رماده”، وتصدرت صورته وأبيات القصيدة خلفية المسرح.

فرضت وفاة الفنان المسرحي والموسيقي زياد الرحباني في 26 يوليوز الماضي عن 69 عاماً نفسها على العرض، وقال أسامة الرحباني عن ابن عمّه زياد: “قبل نحو عشرة أيام، فقدنا عظيماً من لبنان.. بوجوده وبغيابه، كان ثقله كبيراً جداً، وكان ظاهرة أثّرت على الجميع دون استثناء”.

وغنّت طوجي “بَلا ولا شي”، التي ألّفها وغنّاها زياد، فيما كان يمرّ على الشاشة شريط صور لم يسبق نشرها لزياد ضمن العائلة الرحبانية.

وأضفى عازف البوق الفرنسي لبناني الأصل ذو الشهرة العالمية إبراهيم معلوف، وهو زوج طوجي، لمسة خاصة على أغنية الرحباني الراحل، حيث شارك معلوف أسامة مقطوعة تعتمد على الارتجال، فيما كان أسامة يتنقل ما بين العزف على البيانو وقيادة الأوركسترا.
واستضاف العرض كذلك المغني الفرنسي من أصل لبناني المولود في السنغال، إيكا، الذي غنى مع طوجي أغنية عنوانها “لي سيدر”.
وفي القسم الثاني من الحفلة أطلّت طوجي بثوب أحمر، وتخللته أغنيات شكلت محطات مهمة في مسيرة الفنانة البالغة 37 عاماً.

أحب الرحابنة الآباء منهم والأبناء هم الأفضل والأرقى في أعمالهم

وقالت شانتال خوري (53 عاماً)، وحضرت من بيروت: “أحب الرحابنة، الآباء منهم والأبناء. هم الأفضل والأرقى في أعمالهم”، مضيفة: “أصررت على الحضور مع أنني كنت متخوفة من الوضع المتشنج ومن إمكان حصول تحركات احتجاجية على الأرض” بسبب قرار الحكومة اللبنانية “حصر السلاح” في أيدي الدولة، خصوصاً أن بعلبك ومحيطها تُعَدّ أحد أبرز معاقل “حزب الله”.

وبالفعل، انتشر مناصرو الحزب على طرق المنطقة، وقطعوا بعضها بالإطارات المشتعلة قبل أن يفتحها الجيش اللبناني، كذلك جابت تظاهرات بالسيارات ودراجات “السكوتر” عدداً من المناطق، من بينها الطريق المؤدية إلى مطار بيروت الدولي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى