اقتصادالرئسية

المغرب و عجز تجاري ب195 مليار درهم وسط صمت رسمي

بينما كان المغاربة يتطلعون إلى مؤشرات اقتصادية تبشر بالنمو والاستقرار،. كشف مكتب الصرف أمس الاثنين عن أرقام تفضح هشاشة الاقتصاد المغربي أمام تقلبات الأسواق العالمية، حيث بلغ العجز التجاري للمغرب” 195 مليار درهم” حتى يوليوز 2025، بزيادة “15.9 في المئة” مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، في مشهد يعكس الاعتماد المفرط على الواردات مقابل صادرات تكاد تتعثر.

الواردات تواصل رحلة الجنون: المواد الخام تقود القطار

تشير بيانات مكتب الصرف إلى أن الواردات ارتفعت “8.8 في المئة” لتصل إلى “469.7 مليار درهم” ، مدفوعة بشكل أساسي بزيادة في المواد الخام بنسبة “28.8 في المئة” ، والمنتجات الجاهزة للتجهيز “14.5 في المئة” ، والسلع الاستهلاكية “13.7 في المئة.. حتى أنصاف المنتجات ارتفعت” 6.8 في المئة”، ما يوضح أن الاقتصاد المغربي لم يخرج بعد من دائرة الاعتماد على الخارج.

أما الفاتورة الطاقية، فقد سجلت تراجعًا طفيفًا” 6.1 في المئة” لتستقر عند” 62.8 مليار درهم”، وهو انخفاض لم يلقِ بظلاله على واقع العجز التجاري، بل كان مجرد قشة تتقاذفها رياح الأزمة.

الصادرات: نمو هامشي وقطاعات تقليدية مهيمنة

على الجانب الآخر، لم ترتق الصادرات إلى مستوى التطلعات، حيث سجلت زيادة “4.2 في المئة” فقط لتصل إلى “274.8 مليار درهم” ، مدفوعة أساسًا بصادرات الفوسفاط ومشتقاته “20.9 في المئة” إلى “55.18 مليار درهم، والصناعات الجوية” 8.9 في المئة” إلى” 16.7 مليار درهم”، والفلاحة والصناعات الغذائية” 3.4 في المئة” إلى” 53.8 مليار درهم”.

ورغم هذا النمو المحدود، تراجع معدل تغطية الواردات بالصادرات 2.6 نقطة ليستقر عند” 58.5 في المئة”، مؤشر صارخ على هشاشة الاقتصاد الوطني وقدرته المحدودة على مقاومة الصدمات الخارجية.

ميزان الخدمات: واحة صغيرة في صحراء العجز

في ظل هذه المؤشرات، يظهر فائض ميزان الخدمات كنقطة مضيئة نسبياً، حيث ارتفع “10.8 في المئة” ليتجاوز “82 مليار درهم” ، مدعوماً بنمو صادرات الخدمات “8.8 في المئة” إلى “168.9 مليار درهم” ، مقابل زيادة الواردات “7 في المئة” لتصل إلى “86.8 مليار درهم” ،ولكن هذه الواحة لا تكفي لسد النقص الهائل في الميزان التجاري.

الاعتماد على التقليدي والهشاشة المستمرة

تعكس هذه الأرقام واقعاً اقتصادياً صعباً: الاعتماد الكبير على الواردات، وركود تنويع الصادرات، خصوصًا في قطاعات جديدة أو ذات قيمة مضافة عالية، وعلى الرغم من تراجع الفاتورة الطاقية، فإن استمرار ضعف معدل التغطية يجعل المغرب عرضة لتقلبات الأسواق العالمية ويطرح تساؤلات حادة حول الاستراتيجية الاقتصادية الرسمية.

في تصريح له حول الوضع، قال الخبير اقتصادي محمد الفينة: “الاعتماد على قطاعات تقليدية مثل الفوسفاط والفلاحة وحده لا يكفي. على المغرب أن يستثمر في الصناعات التكنولوجية والتحويلية، وإلا سنظل ندور في حلقة العجز المستمر، وهذا سيؤثر مباشرة على القدرة الشرائية للأسر المغربية ومستوى المعيشة”.

انعكاسات اجتماعية وسياسية

هذا العجز التجاري ليس مجرد رقم؛ بل انعكاس ملموس على القدرة الشرائية للمواطنين وارتفاع الأسعار في الأسواق، خصوصاً المواد الاستهلاكية والمواد الخام للصناعات الغذائية.. كما أنه يطرح تحدياً سياسياً للسلطات، التي قد تجد نفسها مضطرة لإعادة النظر في سياسات الاستيراد والتحفيز على الصادرات، وإلا فإن الضغط على الميزانية العامة والمواطن سيستمر في التصاعد بلا هوادة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى