
شهد تقنين زراعة القنب الهندي بالمغرب خلال السنوات الأخيرة دينامية مدعومة، مع هدف الانتقال من قطاع غير مهيكل إلى منظومة مهيكلة ومنتجة وواعدة على أكثر من صعيد.
وبفضل إطار قانوني متين ومقاربة إدماج سوسيو-اقتصادي للمزارعين المحليين، بدأت ثمارهما تظهر بالفعل على أرض الواقع، تسهر الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي على تفيعل استراتيجية الدولة في مجال الزراعة والإنتاج والتصنيع والتحويل والتسويق والتصدير والاستيراد المرتبط بالقنب الهندي لأغراض طبية وصيدلانية وصناعية.
انطلاق دينامية شاملة بفضل منظومة من آليات المواكبة والتثمين والمصادقة والرقابة
فمن تاونات إلى الحسيمة مرورا بشفشاون، تنتظم التعاونيات والفاعلون الصناعيون تدريجيا ليصبحوا روادا لقطاع في أوج النمو، وتتمثل مهمتهم اليومية في زراعة وتحويل هذه النبتة بشكل قانوني لأغراض طبية وصناعية وتجميلية، وفق متطلبات التنظيم والتتبع التي يفرضها القانون وتؤطرها الهيئة المنظمة لمختلف الأنشطة المرتبطة بالقنب الهندي.
ومن الإنتاج إلى التسويق وصولا إلى التصدير، انطلقت دينامية شاملة بفضل منظومة من آليات المواكبة والتثمين والمصادقة والرقابة.
ويعكس ذلك، الارتفاع الملحوظ في عدد التراخيص المسلمة سنة 2025 من طرف الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي، التي ارتفعت إلى 4003 تراخيص، مسجلة بذلك زيادة قدرها 20 في المائة مقارنة بالسنة الماضية.
وليس هذا فحسب، بل اتسعت أيضا المساحات المزروعة بالقنب المقنن بأكثر من الضعف، خلال سنة واحدة، وفق معطيات الوكالة، حيث تمت زراعة نحو 4751 هكتارا سنة 2025 من طرف 5493 مزارعا منضوين في 366 تعاونية، مقابل 2169 هكتارا سنة 2024 من طرف 2647 مزارعا ضمن 185 تعاونية.
وفي هذا السياق، تمت زراعة الصنف المحلي المعروف بـ”البلدية” من قبل 4419 مزارعا ضمن 259 تعاونية، على مساحة 1627 هكتارا بتاونات، و1222 هكتارا بشفشاون، و1289 هكتارا بالحسيمة.
وبخصوص الصنف المستورد، فقد تمت زراعة ما مجموعه 613 هكتارا من طرف 1074 مزارعا منضوين في 107 تعاونيات، ضمنها 418 هكتارا بتاونات، و125 هكتارا بشفشاون، و70 هكتارا بالحسيمة.
وتعزى هذه الإنجازات، بالأساس، إلى بروتوكول مواكبة ميدانية دائم أطلقته الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي لفائدة مختلف المتدخلين، يشمل إنجاز المساطر الإدارية وتنظيم دورات تكوينية لفائدة الفاعلين والتعاونيات المنتجة.
وفضلا عن ذلك، وضعت الوكالة رهن إشارة جميع المعنيين دلائل ومراجع تقنية تمكنهم من مطابقة التكيف مع المعايير الدولية، والانفتاح على السوق العالمية، وتسويق منتجاتهم بقيمة مضافة قوية.
المكافحة الحازمة للانحرافات يمر تقنين زراعة وتثمين القنب الهندي أيضا عبر عمل صارم ومنتظم يهم المكافحة الحازمة لمختلف الانحرافات المحتملة.
ولتحقيق ذلك، عززت الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي، في العام 2025، عمليات المراقبة ذات الصلة بالملاءمة والتقيد الصارم والدائم للفاعلين المرخصين بالمقتضيات التنظيمية، من خلال إرساء منصة لرقمنة تدفقات القنب الهندي، وذلك بغية ضمان الرصد والرصد والمراقبة في الوقت الفعلي.
وقد أنجزت الوكالة ما لا يقل عن 5.430 عملية لمراقبة الامتثال للمقتضيات التنظيمية، منها 2.801 عملية لمراقبة نشاط زراعة القنب الهندي المشروع، و300 عملية لمراقبة نشاط استيراد البذور، و642 عملية لمراقبة نشاط التسويق، و59 عملية لمراقبة نشاط التصدير، و71 عملية لمراقبة نشاط التحويل، و1.557 عملية تتعلق بمراقبة نشاط النقل.
وبحسب الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي، لا تزال 235 رخصة ممنوحة ل 165 فاعل سارية المفعول في العام 2025، تتصدرها 127 رخصة تتعلق بنشاط التحويل.
وعلاوة على ذلك، قام 5 فاعلين ببناء وتجهيز مصانع التحويل الخاصة بهم، التي أصبحت قيد التشغيل في العام 2025 بقدرة تحويل إجمالية تبلغ 568 طنا من القنب، في حين أن 11 مصنعا آخر لا تزال قيد الإنشاء.
وقد مكنت كميات الكانابيديول المستخرجة والمنتجة في هذه المصانع خلال العام 2025 من تشكيل، وإنتاج، وتسجيل المنتجات التجميلية والمكملات الغذائية المستخلصة من القنب الهندي الكانابيديول على صعيد الوكالة المغربية للأدوية والمنتجات الصحية، ومنتوجات الصناعات الغذائية المستخلصة من القنب الهندي “الكانابيديول” لدى المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية.
وفي 2025 تم تسجيل 21 مكملا غذائيا و 16 منتوجا تجميليا على مستوى الوكالة المغربية للادوية والمنتجات الصحية و 10 منتجات للصناعات الغذائية لدى المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، ليرتفع بذلك إلى 78 العدد الاجمالي للمنتجات المسجلة.
المغرب مزود ذو مصداقية للقنب الهندي الطبي للأسواق الأجنبية
بخصوص النهوض بالعرض الوطني على المستوى الدولي، وضعت الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي بروتوكولا لليقظة الاقتصادية في الأسواق الدولية للقنب الهندي من أجل تنظيم عمليات محددة الأهداف، للاستكشاف وزيارات للأسواق المحتملة، لفائدة الفاعلين المغاربة، وذلك في أفق النهوض بمنتوج القنب الهندي المغربي وتسريع تثمين العرض المغربي في الخارج.
وفي 2025، قام الفاعلون المرخص لهم من قبل الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي من تصدير منتوجات القنب الهندي نحو فرنسا، وسويسرا، وجمهورية التشيك، واللوكسمبورغ، والبرتغال، وأستراليا وجنوب إفريقيا.
كما يتم تأمين مواكبة شخصية، على التوالي، من قبل الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي، والمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، والمؤسسة المستقلة لمراقبة وتنسيق الصادرات (فوديكس)، وإدارة الجمارك من أجل إنجاح عمليات التصدير وتسويق منتوجات القنب الهندي.
القانون.. ضمانة لحماية للمزارع المحلي
المقتضيات الصادرة عن القانون رقم 21-13 تتوخى حماية صغار المزارعين، من خلال، على الخصوص، منع الفاعلين والوسطاء من اقتناء إنتاج القنب الهندي، بصفة مباشرة من المزارعين.
وحسب الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي، يفرض القانون على أن تبرم تعاونيات المزارعين اتفاق بيع مع الفاعل الذي سيقتني منتوجهم، بما يضمن للمزارعين تصورا أفضل لمداخيلهم والتعرف على سعر البيع منذ البداية.
من جهة أخرى، يسهر الفاعلون على تسويق المنتوج على أساس خطة عمل يقترحونها في إطار ممارسة أنشطتهم المتعلقة بتحويل وتسويق وتصدير هذه المادة.
وفي الوقت الذي يتقدم فيه ورش تقنين هذه النبتة لأغراض طبية وصناعية بوتيرة مدعمة، يواصل هذا القطاع ازدهاره مركزا على المطابقة الصارمة مع المعايير الدولية بفضل انخراط مختلف الأطراف المعنية.