
يعتبر تبنّي مجلس الأمن للقرار رقم 2797 محطة مفصلية في مسار نزاع الصحراء المغربية، إذ يعيد التأكيد على مركزية مبادرة الحكم الذاتي التي قدّمها المغرب سنة 2007 باعتبارها الحل الواقعي والجاد لإنهاء هذا النزاع الإقليمي الممتد منذ عقود.
منح المقترح المغربي بعداً مؤسساتياً جديداً يرسّخ مكانته كخيار سياسي متقدّم
إن مصادقة الهيئة الأممية على هذا القرار، يعني أن المجتمع الدولي منح المقترح المغربي بعداً مؤسساتياً جديداً يرسّخ مكانته كخيار سياسي متقدّم يوازن بين مبدأ السيادة الوطنية ومتطلبات التسوية السلمية.
و بهذا المعنى، فإن القرار يعكس أيضاً إدراكاً متنامياً لدى المنتظم الدولي لنجاعة المقاربة المغربية المبنية على التنمية الميدانية بالأقاليم الجنوبية، مقابل محدودية الخطابات الانفصالية التي فقدت تأثيرها السياسي والإعلامي.
اليوم لم يعد النقاش داخل الأمم المتحدة يدور حول “الخيارات الممكنة”
فاليوم لم يعد النقاش داخل الأمم المتحدة يدور حول “الخيارات الممكنة”، بل حول كيفية تفعيل نموذج الحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية، وهو ما يشكّل انتصاراً دبلوماسياً واضحاً للرباط ويؤكد نجاح استراتيجيتها القائمة على الشرعية والواقعية.
في هذا الإطار، اعتبر مركز التفكير الإسباني Real Instituto Elcano في تحليل نشره مؤخراً أن “الأمم المتحدة باتت تتعامل مع مبادرة الحكم الذاتي كخيار استراتيجي لا بديل عنه”، مبرزاً أن “الواقعية المغربية أصبحت مرجعاً لدى العديد من الدول الأوروبية التي غيّرت مواقفها لصالح الرباط خلال السنوات الأخيرة”.
كما اعتبر الخبير في العلاقات الدولية محمد بودن، القرار 2797 “يمثّل تتويجاً لمسار دبلوماسي طويل قاده المغرب بثبات، ويعبّر عن اقتناع متزايد لدى القوى الكبرى بأن الاستقرار الإقليمي لا يمكن تحقيقه إلا من خلال مقاربة مغربية مسؤولة تراعي الأمن والتنمية في المنطقة”.
تفاعلات دولية كبيرة
خلّف اعتماد القرار 2797 موجة تفاعلات متباينة. الولايات المتحدة، صاحبة مشروع القرار، رحّبت باعتماده واعتبرته خطوة نحو حلّ واقعي، مؤكدة في تفسير التصويت تمسّكها بمسار يُفضي إلى تسوية سياسية على أساس مبادرة الحكم الذاتي المغربية، مع تجديد ولاية المينورسو لعام إضافي.
فيما رحبت باريس علناً باعتماد القرار، وقدمت قراءتها له باعتباره «تأكيداً جديداً» على جدية وواقعية خطة الحكم الذاتي المغربية كحل نهائي للنزاع.
ربطت الدبلوماسية الفرنسية بين هذا القرار والمسار الذي تبنّته رسمياً
كما ربطت الدبلوماسية الفرنسية بين هذا القرار والمسار الذي تبنّته رسمياً خلال السنتين الماضيتين، وهو الاعتراف بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، وهو ما سبق أن أكده الرئيس إيمانويل ماكرون في مراسلات رسمية مع الرباط بأن «حاضر الصحراء ومستقبلها يندرجان في إطار السيادة المغربية».
و قدّمت باريس القرار أيضاً بوصفه فرصة لفتح «أفق سلام» إقليمي، ما يعني أنها ترى في الملف ليس فقط نزاعاً ترابياً، بل متغيراً أمنياً في شمال غرب إفريقيا.
الموقف الإسباني ينهي مع مقولة “تصفية الاستعمار” المروجة جزائريا وبوليساريا
فيما أعادت التأكيد على أن مبادرة الحكم الذاتي المغربية هي «الأكثر جدية وواقعية ومصداقية» لإنهاء النزاع. هذا الاصطفاف الإسباني مهم لأنه يأتي من القوة الاستعمارية السابقة في الصحراء، ولأنه ينعكس عملياً في تعاون أمني واقتصادي متصاعد مع المغرب. كما
أنه يضعف حجة “تصفية الاستعمار” التي تحاول جبهة البوليساريو والجزائر إبقاءها في واجهة السجال الأممي، لأن مدريد لم تعد تدفع في اتجاه استفتاء تقرير المصير بل في اتجاه حل داخل السيادة المغربية.




