
دينامية التعدد.. دينامية الشمولية.. و البكاري يعقب على افتتاحية يونس دافقير

صدقا، لم أجد توصيفا لما كتبه الصحافي يونس دافقير في زاويته بجريدة “الأحداث المغربية” (عدد يومه الثلاثاء 14 يناير) أدق من التيه، وقد أمسكت قلمي كي لا أخط عبارة “قلة المروءة”.
كيف تطاوع نفس الواحد أن يستدعي مبادرة إنسانية من حجم نبل مبادرة العريضة من أجل الحياة التي تستهدف استصدار قانون يضمن العلاج المجاني لمرضى السرطان، ويخرجها من أفقها السامي، ليوظفها توظيفا بئيسا في مهاجمة مبادرة: 2020 مغرب بدون اعتقال سياسي ومعتقلي رأي.. أي فرق بين توظيف مبادرة إنسانية (صفقنا لها، وانخرطنا فيها، ولم نفكر لحظة في الزج بها في أتون نقاش سياسي) في التهجم على المختلفين مع كيفيات اشتغال النسق الدولتي الحالي الذي يجنح لأمننة كل الفضاءات، أي فرق بين هذا الفعل المفتقد للحس الأخلاقي السليم، وبين من يوظف المشترك الديني أو الوطني في معارك سياسية عابرة..؟,
لم تتعرض مبادرة العريضة من أجل مرضى السرطان حسب تتبعي لأي نوع من أانواع التهجم أو التشكيك وحازت احتضانا وتعاطفا تستحقهما، وحتى الذين لم يوقعوا على العريضة أفاد اغلبهم أن ذلك بسبب شرط وجوب التسجيل في اللوائح الانتخابية
حين فكرنا في إطلاق مبادرة : 2020 مغرب بدون اعتقال سياسي ومعتقلي رأي، كان ذلك بعد أسابيع عديدة من مبادرة العريضة ضد مرض السرطان، وليس موازاة مع ذلك، كما كتب صحافي الأحداث المغربية، بل إن اليوم الذي انطلقت فيه المبادرة ضد الاعتقال السياسي كان مفترضا ان يكون هو اليوم الأخير لانتهاء حملة جمع التوقيعات بخصوص المبادرة الأولى، لولا أن القائمين عليها مددوها أسبوعا آخر، وهو أمر أسعدنا لكون التمديد لم يكن بسبب عدم بلوغها الحد الأدنى من التوقيعات، بل بسبب مطالبة عديدين بذلك التمديد حتى يتسنى لهم التوقيع،،
لا يعلم صحافي الأحداث المغربية أن من المناضلين الذين شكلوا النواة الأولى لعريضة وقف الاعتقال السياسي من كانوا ولا زالوا في “خلايا” جمع التوقيعات لصالح مبادرة من أجل الحياة وإذا كان السيد دافقير يبدو منتشيا بالرقم الذي وصلته توقيعات العريضة ضد السرطان ويتحدانا أن لا نصل لمثله فنحن بالمقابل نشفق على الرجل من هذا الهذيان، لأننا لسنا في سباق من “يجمع اكثر”،،
ذاك قصور في الفهم ناتج عن الحقد حين يحرك صاحبه، وصدق لينين إذ قال: الحقد أسوأ موجه في السياسة، ، والحال أننا نتمنى أن يوقع كل المغاربة الراشدين على عريضة “من أجل الحياة”، وأن يترجم هذا الأمل تشريعا يضمن الحق في العلاج المجاني لكل مرضى السرطان..
غير أن مثار الاستغراب هو أنه قبل انطلاق الحملة المساندة لمرضى السرطان بقليل كانت هناك عرائض كثيرة، وبعد انطلاقها ظهرت أخرى، من قبيل خارجون عن القانون (الحريات الفردية) ، حاشاك (منح يوم عطلة في اليوم الأول للإحاضة) تثمين العمل المنزلي،،،،
فلماذا لم تتم عقد مقارنات بئيسة بين هذه المبادرات التي من حق من آمن بها أن يناضل من أجلها،، حتى ظهرت مبادرة: 2020 مغرب بدون اعتقال سياسي ومعتقلي رأي؟؟ ماذا دها القوم، وجعلهم يخبطون خبط عشواء في ردود مفتقدة للنبل والتعقل؟
إن مبادرتنا للدعوة نحو إنهاء مسلسل الاعتقال بسبب الرأي هي مبادرة تدخل في إطار دينامية احتجاجية مدنية سلمية، لا ينازع في شرعيتها إلا من يحن لزمن خنق الأنفاس، وهي مبادرة لا تسعى لأن يكون حولها إجماع، لأننا نؤمن بأن البلد متعدد، وأننا لا نملك وكالة حصرية للتكلم باسم كل المغاربة، هي مبادرة تعكس خيار من سيوقعون عليها،، ولا معنى لأي مقارنة بين مبادرة تنتمي لحقل الاحتجاج والاعتراض، و مبادرة إنسانية تنتمي لحقل الترافع تشريعيا،، فلا وجه للاتفاق ولا للاختلاف بينهما.. مخجل انه مع بداية العقد الثالث في الألفية الثالثة هناك من مازال يتحدث عن الفرز،، بمنطق فسطاط الخير وفسطاط الشر،،
من يقسم المغاربة لمخلصين للوطن وخونة، من يضع معايير المغربي وغير المغربي،، لا أجد توصيفا لذلك غير الشمولية،،،
ختاما أجدد اعتذاري لكل مرضى السرطان، ولكل الذين انخرطوا بنبل في حملة عريضة من أجل الحياة،، كنت أفضل أن تبقى مبادرتكم بعيدا عن مرمى “التلاسنات” السياسية،، ولكن لولا احترام مبادرتكم ما فكرنا في الرد على من استدعى نبل رسالتكم للتهجم على مواطنين متعددي المشارب الإيديولوجية والسياسية والحزبية (حتى في الموقف من المؤسسات) قدروا أن السلطوية تمادت في جر المغرب نحو ردة حقوقية تجعله شبيها بإمارات تعتقل مواطنيها بسبب بيت في قصيدة شعر،