في لقاء خاص:الحمودي يقدم تصوره لمفهوم “الحراك” ويعتبره منظورا جديدا للتغيير وعنصرا ثمينا فيه
اعتبر عبدالله الحمودي، أن كلمة الحراك صعبة، وأنها كلمة من جهة مشجعة، ومن جهة أخرى مبهمة، مؤكدا، أن التسمية نفسها تبحث عن واقع ما، وأن الباحثين عن حركية يبحثون عن واقع، وهو ليس فقط تغيير واقع سياسي واقتصادي وغيره، بل بحث عن كيفية العمل، وكيفية الخروج من المأزق.
جاء ذلك، خلال لقاء خاص الذي نظمه المكتب السياسي للاشتراكي الموحد، الأحد الماضي 16 يناير بالدارالبيضاء، حيث أكد الانتروبولوجي الحمودي في معرض بحثه فيما تعنيه كلمة حراك، أنها تحيل إلى عدم تفكير بكثرة من طرف الباحثين عن حركية عن ضمانات مسبقة للنجاح، بل على تلجيمها لكي يحدث الانعتاق.
في السياق ذاته، أكد عبدالله الحمودي، في تفاعل مع سؤال للصحافي والإعلامي عبدالرحيم تفنوت، الذي حاوره، أن الحراك ليس هو المظاهرة، بل هي قسط منه، مثلما التجمهر وجه من الحراك، مشيرا، أن حراك 20 فبراير وقعت في غفلة من الناس، إذ بدأ الناس يخرجون هنا وهناك، إلا أن وصلت إلى ما يزيد عن 115 مدينة وقرية، والمشاركين فيها انداك سرعان ما يشعرون أنها تتجاوزهم، ومعناه الشعور يتبدل والحركة تتغذى، والفهم يتغير.
الحمودي تابع في المستوى ذاته من التحليل، أنه ومقارنة مع الستينات، ظهر نوع من الإبداع ونوع من الكلام والشعارات تجاوزت خطوطا حمراء كانت موضوعة سابقا.
المتحدث ذاته، عاد ليؤكد من خلال كل ما سبق، أن الحراك نوع جديد، فيه ما يشبه الثورة، غير أنه لا يتقيد بشيء اسمه نظرية الثورة، مبنية على أحزاب قائدة، أو نقابات، طبعا لا يعني ذلك، أن الأحزاب في هذه الحراكات كانت غائبة، ولكنها لم تكن كلها، كانت أحزاب اليسار، وكان حزب جديد “البيجيدي”، مشيرا، أن الأهم أن هذا الحراك، أن الطريق الذي صنع منه لا يشبه الطريق الذي نظر له في نظرية الثورة، أو تاريخ الثورات.
وتابع الحمودي في اللقاء الخاص ذاته، أن ذلك لا يعني أن أهدافه ليس أهداف التغيير، وهو ما يعني أن هذه الحراكات أحدثت لدينا هزة وحيرة في كل ما ركمناه معرفة حول معاني الثورة، وهو ما اعتبره شيء إيجابي، لأنه حين “تتودر” “كتعاود تلقى راسك” إذا كنت محظوظا، واشتغلت بشكل جيد، وإذا يضيف الحمودي، نحن في مرحلة إعادة صياغة مفاهيم التغيير والحركة الاجتماعية.
في السياق ذاته، واستمرارا في تقديم “الانتروبولوجي” الحمودي تحليله لكلمة “الحراك” قال، إننا كنا نفكر في السابق تأسيسا على نظرية “القيمة” وكيف أن تلك القيمة كانت تنتج من طرف اليد العاملة، وكيف أن التغيير يصعد من المعامل، وتنتج عنه النقابات، ويمكن في هذا المسار أن يلتقي العمال مع طبقات أخرى، ويناضلون من أجل التغيير، أي النظرية الكلاسيكية التي تتأسس على الطبقات، اليوم، يؤكد الحمودي، لا نظرية إنتاج القيمة، ولا نظرية الطبقة يجب أن يعاد النظر فيها، مستدركا بالقول، إنني لست ممن يقولون أن الطبقات لم تعد، ولكني أقول: إن العمال والعاملات الذي ينتجون القيمة، هم الان أعداد من الناس المختلفة، من بينهم الكثيرون باتوا ينتجون القيمة في الإعلاميات وغيرها..، هو شغل ينتج القيمة و ربما بمجموعات تفوق تلك التي كانت تنتج باليد والعضلات، مؤكدا أن هذا سؤال مطروح، ويمكن أن نتكلم فيه، وبناء عليه نشكل الأحزاب الجديدة والنقابات الجديدة، والتأطيرات الجديدة لما هو جديد ويسمى الحراك.
المتحدث ذاته، أشار أن كلمة “الحراك، وليس من منطلق شوفيني، أنها كلمة عربية، ولم أجد لها مرادفا ولا ترجمة بالفرنسية، الأساسي يعيد الحمودي، التأكيد أننا اليوم أمام أشياء جديدة، وأمام ممارسة أخذ المبادرة، والتي قد تنجح وقد لا تنجح، ولكن في تقديري يجب أن نقبض عليه كشيء ثمين، لأنها خرجت من صميم اللغة، ومن صميم المجتمع، خرجت في المغرب، وخرجت في تونس ومصر ميدان التحرير، ولا أعلم إن كانوا في هذين البلدين سموها حراك، أم لا.
من خلال كل ما سبق، اعتبر الحمودي، أن الحراك مستمر ولا أومن بأنه جاء فبراير وذهب، أو تراجع كل شيء، وإنما أعتبر يضيف الحمودي، أنه لن يأتي فبراير، ولكن أومن أنها في حاجة لمن يفتح لها أفقا، بغض النظر عن النجاح، أو حتى التراجع، لأنه وضدا على منطق اليأس فبراير قائم من ناحية التحليل التاريخي، هو موجود من خلال هذه الاحتجاجات الجزئية، بل وأكثر من جزئية، ومنها حراك الريف، الذي بات مسألة وطنية، و ذا بعد وطني كبير، عكس إميضر مثلا، لديه بعد وطني، لكنه لا يملك الشحنة الوطنية، بما فيها التساؤل حولها، أو التساؤل حول الجهوية.
المتحدث ذاته، وفي معرض حديثه عن حراك الريف، أشار أن هذا الأخير ترتبت عنه نتائج كثيرة، منها القمع والزج بقيادته ومناضليه في السجن، والذين كانوا يطالبون بأشياء مشروعة، ومن يتحدث على أنه انفصال، يقول الحمودي، غير صحيح، فأنا اشتغلت بالريف وأعرف أن ساكنتها تعتمد على نفسها ولا تقول إنها ليست مغربية، بل لديهم اهتمام بمنطقتهم بدون كفر بالدولة أو الوطن، ولديهم أهداف محلية في التنمية، وفي الثقافة وهو في نظري شيء مهم.