جميل راتب شارك في ثورة يناير ورغم معارضته للإخوان اعتبر ماوقع في ميدان رابعة العدوية”شيئاً فظيعاً”.
برحيل الفنان جميل راتب، تفقد السينمل المصرية والعربية أحد أبرز أعلامها، طوى رحيله، أمس الأربعاء، عن عمر 92 عاماً نهاية حقبة كاملة من زمن الفن الأنيق.
ويعد الفنان المصري/ الفرنسي الذي ولد في 18 غشت بالإسكندرية العام 1926 لأب مصري وأم فرنسية، من أبرز الوجوه المصرية والعربية التي صنعت مجد السينما المصرية طيلة خمسة عقود.
مسيرة حافلة
قرر جميل أبو بكر راتب دراسة التمثيل في السر، بعيداً عن عائلته التي كانت ترفض عمله بالفن، وبدأ في التمثيل وهو في العشرين من عمره، وكانت أول مشاركاته السينمائية في فيلم “أنا الشرق” 1946 من إخراج عبد الحميد زكي، وبطولةالممثلة الفرنسية كلود غودار، والتي كانت ملكة جمال فرنسا حينذاك، وفضلّتالمشاركة مع الوجه المصري الجديد قبل هجرته إلى فرنسا، وقد مثلت باللغة الفرنسية وتم عمل دوبلاج لصوتها.
وقبل أن يسطع سينمائياً، عمل راتب في مهن كثيرة منها “شيّال” في سوق الخضار، و”كومبارس” ومترجماً، ومساعد مخرج.
ويعد فيلم “الصعود إلى الهاوية” عام 1978 نقطة تحول في مشوار جميل راتب السينمائي، وقد حصل على جائزة أفضل دور ثانٍ عن الفيلم وسلمها له الرئيسالراحل أنور السادات.
شارك راتب في العديد من الأعمال الفنية المهمة منها؛ أفلام “ولا عزاء للسيدات” و”البريء” و”البداية” مع الفنان أحمد زكي، و”طيور الظلام” مع الفنان عادل إمام، و”وداعاً بونابارت” مع المخرج العالمي يوسف شاهين، و”الساحر” و”الكيف” مع الفنان محمود عبدالعزيز، وكان دوره في الأخير من أكثر أدواره التي علقت بذاكرة جمهوره.
وأدى راتب دور “ماجد” إلى جانب النجم المصري عمر الشريف في “لورانس العرب” من إخراج ديفيد لين، كما شارك بالأداء الصوتي في فيلم “عمر المختار”.
وشارك الراحل في مسلسلات عديدة منها؛ “الراية البيضاء” و”الزوجة أول من يعلم” و”أحلام الفتى الطائر” و”رحلة المليون” و”زيزينيا” و”يوميات ونيس” الذي جسد فيه دور جد العائلة العطوف.
وخاض تجربة الإخراج المسرحي وقدم مسرحيات؛ “الأستاذ” و”زيارة السيدة العجوز” و”شهرزاد”، وعمل مع المخرج المسرحي التونسي الفاضل بن جعيدي وكذلك المخرج التونسي فريد بوغدير، كما عمل مع النجم العالمي أنطوني كوين كمساعد مخرج في مسرحية “زيارة السيدة العجوز”.
كرّم مهرجان القاهرة السينمائي الدولي جميل راتب عن مجمل مشواره الفني في 2005 والمهرجان القومي للسينما المصرية في دورته العشرين عام 2016.
في الالتزام السياسي
شارك راتب في ثورة 25 يناير ضد الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك، وكان كثير التعليق على الأحداث السياسية في مصر، ورغم موقفه المضاد لجماعةالإخوان المسلمين وتأييده لثورة 30 يونيو ضد الجماعة، إلا أنه اعتبر ما حدث معاعتصام أنصار الرئيس الإخواني محمد مرسي في ميدان “رابعة العدوية” بالقاهرة “شيئاً فظيعاً”.
جميل راتب: لو لم نصل للديمقراطية سنثور مرة أخرى والثورة مستمرة
وفي أكثر من مناسبة أبدى راتب اعتراضه على قانون تنظيم التظاهر الحالي بمصر، مؤكداً أنه مع حرية التظاهر لكن بدون عنف أو تخريب، وحذّر من إعاقة التجربة الديمقراطية في مصر قائلاً: “ولو لم نصل للديمقراطية سنثور مرة أخرى،والثورة مستمرة”.
تزوج راتب من سيدة فرنسية كانت تعمل بالتمثيل، واعتزلت بعد ذلك، وتفرغت للعمل كمديرة إنتاج، ثم منتجة منفذة، ثم مديرة مسرح “الشانزليزيه”.
قبل أن يسطع سينمائياً عمل راتب في مهن كثيرة منها شيّال في سوق الخضار وكومبارس ومترجماً ومساعد مخرج
وخلال زواجه حرص راتب على احترام عقيدة زوجته المسيحية، وقال في لقاء تلفزيوني: “لو كنت أنجبت أعتقد أنّ زوجتي كانت لتفضل أن يكون الأبناء مسيحيين لأنها تحترم ديانتها كثيراً، وأعتقد أنّ هذا الأمر كان سيصبح محل نقاش بيننا، وربما هذا من ضمن أسباب تأجيلي أمر الإنجاب والذي كانت تلّح عليه كثيراً إلا أنني كنت أرفض هذا الموضوع”.
وفي اللقاء نفسه أكد راتب أنّ الإنسان “لابد أن يختار ديانته، ولابد أن يكون هناك تسامح، وأن يحترم كل شخص ديانة الآخر”، مشدداً على أنّ الإسلام “دين متسامح جداً ويعترف بالديانة المسيحية واليهودية”. وأكد أنّ الإسلاميين المتطرفين لا يعبرون عن الإسلام.