المشكلة يا “بن كيران” ليست هي بيان خواء أخنوش السياسي…؟!!
نحن لا نريد إعادة عزيز إلى حجمه السياسي بل نريد من عزيز وغيره من الأوليغارشيات الافتراسية أن يعيدوا ما أخذوه دون وجه حق
حين يكتب البعض أن بنكيران “شرشم” اخنوش بالأمس، فثمة شواهد ظاهرية على ذلك، أما حين يصر آخرون على خروج أخنوش فائزا في حرب “الشيوخ والشيخات”، فهم في افضل الحالات وبالتماس الأعذار لهم كمن، يرى الرمل ماء في صحراء “الدوخة”.
اخنوش بمحاولته تقمص دور “النواعري” الذي يتقنه بنكيران، بدا كمن دخل حقل “فلايو/ فلييو”، وهو يعتقد أنه لن يعطس.
بنكيران لم يبذل مجهودا استثنائيا لإعادة اخنوش إلى حجمه السياسي، باعتبار سي عزيز ليس بينه وبين السياسة إلا ما بين الشيخ والشيخة.
ولكن نحن لا نريد إعادة عزيز إلى حجمه السياسي، بل نريد من عزيز وغيره من الأوليغارشيات الافتراسية أن يعيدوا ما أخذوه دون وجه حق.
وجزء مما أخذوه دون وجه حق، كان لبنكيران دور فيه.
بنكيران يبرر تحرير أسعار المحروقات دون سن إجراءات تمنع الاحتكار واستغلال التحرير لمراكمة أرباح غير مشروع، بالنية الحسنة.
يستمر بنكيران في تشييد صورة رئيس حكومة طيب “نية بلغة المغاربة”، كان محاطا بشياطين.
شياطين جعلوه يوقع على تفويض اخنوش مسؤولية صندوق التنمية القروية بملاييره، دون أن يفطن للمقلب.
شياطين، كان يعتقد المسكين انهم بعد تحرير قطاع المحروقات سيتحلون بالروح الوطنية، ولن يلجأوا للاحتكار.
قد تساعد مهارات بنكيران الخطابية في جعل جمهور واسع يهضم هذه التبريرات “المتهافتة”.
نعرف “خروب” بلادنا، ويصعب الإقناع أن بنكيران كان صاحب “الحل والعقد” في قرار تحرير المحروقات.
إنه قرار في المغرب من جنس القرارات السيادية التي لا يمكن لرئيس الحكومة التقرير فيها وهو لم يقرر حتى فيما هو أقل من هذا القرار وتخلى عن صلاحيات منحها له الدستور
يستمر بنكيران ببراعة خطابية في تحمل مسؤولية قرارات ليست له.
هي رسالة للفوق: نحن من يتقن دور البراشوك.
واليوم، يعتبر النقاش حول من حرر، وفوائد القرار من عدمه تحويرا للنقاش الأساس.
النقاش هو الأمن الطاقي، ومن يتحمل مسؤولية تهديده، وهو نقاش يمتد للتآمر من أجل عدم إنقاذ لاسامير، وفي هذه الحالة فالكل شريك في الجريمة.
الفرق ان بنكيران منفذ، واخنوش من المستفيدين الكبار.
يطالب بنكيران اخنوش بأن يتبرع بمليار درهم من ثروته للتعبير عن تضامنه مع الفقراء في هذه الأوقات العصيبة.
يا سلام، على المقاربة الإحسانية.
هي نفس مقاربة قفف الحريرة.
نسرق منك اموالك ، ثم نتصدق عليك.
نسمح لشركات المحروقات بمراكمة أرباح غير مشروعة (رقم 17 مليار درهم أصبح متجازا، فالتقديرات اليوم تصل إلى أكثر من 40 مليار درهم)، ثم نكتفي بمطالبة واحد من الحيتان الكبرى “بإخراج الصدقة”.
حتى في المقاربة الدينية يا سيد بنكيران، لا تكفير عن المظالم إلا برد الحقوق لأهلها.
لا نريد من اخنوش أن يكون محسنا، ولا نريد المزيد في تحويل شعب إلى كتلة متسولين.
أما في فن الخطابة، فالحقيقة أن بنكيران “عاود ليه القراية”.
استطاع أن يظهر اخنوش جاهلا، حين اطلق اتهاماته نحو البيجيدي بإخفاء رسالة الجزائريين بخصوص مرور الغاز الجزائري عبر التراب المغربي. واعطاه دروسا في تقاليد دار المخزن.
وفي كل مرة كان يرد عليه بتذكيره أن من يشيرون عليه فيما يقوله عديمو الكفاءة، وكأنه يقول له بطريقة غير مباشرة: انت لا “تقشع” في السياسة، وما تقوله “ليس كلامك”، ولأنك “فالصو” سياسيا، تحيط نفسك بسلعة فاسدة وجاهلة سياسيا معتقدا أنها “الطوب”.
والحقيقة انك حين تسمع للناطق الرسمي باسم الحكومة بايتاس، أو حين تسمع لمن اختاره أخنوش ناطقا باسم الحزب، تدرك أن الرجل ما “فيدوش” سياسيا، ومحاط بمستشارين إعلاميين وسياسيين “كارثة”.
ولكن السؤال: ماذا غيرت خرجة بنكيران؟
لا شيء، لأن المشكلة ليست هي بيان خواء اخنوش السياسي.
المشكل: هو نسق من الفساد يتحكم في مفاصل الدولة وتنتعش داخله اوليغارشيات افتراسية كانت تربح في زمن دعم المحروقات وربحت أكثر في المقايسة ثم ازدادت ارباحها فحشا بعد التحرير
أوليغارشيات تربح حين تكون الأوضاع عادية، وتزداد ارباحها في أوقات الأزمات: كوفيد والجفاف والحرب الروسية الأوكرانية نماذج دالة.
أوليغارشيات افتراسية تنتعش في كل الظروف. لا تعرف غير مراكمة الأرباح، وغير مستعدة لتحمل اي نقص في الأرباح (وليس خسارة القليل) في الأوضاع الصعبة، بل هي تعتبر هذه الأوضاع الصعبة بدورها محطة للاستثمار في تنمية ثرواتها الريعية والافتراسية.
اوليغارشيا لا تختلف عن أثرياء الحروب.