الرئسيةفكر .. تنوير

في ذكرى رحيله..محمد عابد الجابري و” الكتلة التاريخية”

أولوية الثقافي تعني في السياق الذي نتحرك فيه اليوم قيام نوع من الإجمع الفكري بين جميع التيارات السياسية والطبقات والفئات بما في ذلك الطبقة المسيرة نفسها أو قسم منها على الأقل حول قضايا وأهداف وطنية وقومية تفرضها الظروف على الأمة ككل"

طيلة مساره الفكري و السياسي النضالي، رفع الفقيد الجابري مطلب الديمقراطية باعتبارها ضرورة وجودية، تاريخية، و حضارية، متوقفا بالتحليل عند سؤال كيفية الانتقال إليها في تربة غير حبلى بالديمقراطية.

جليل
بقلم الكاتب والفاعل الحقوقي جيليل طليمات

و في هذا الصدد, أكد الجابري، في أكثر من مناسبة، على أن المدخل الرئيس إلى الديمقراطية هو تأسيس الوعي المجتمعي بها ، أي أهمية وأولوية الثقافة الديمقراطية كرافعة للبناء السياسي, وكاختيار فكري وسياسي مؤسسي لها, يقول في هذا السياق :

“إن أولوية الثقافي تعني في السياق الذي نتحرك فيه اليوم قيام نوع من الإجمع الفكري بين جميع التيارات السياسية والطبقات والفئات بما في ذلك الطبقة المسيرة نفسها أو قسم منها على الأقل حول قضايا وأهداف وطنية وقومية تفرضها الظروف على الأمة ككل”.

هذا هو ” الطريق الخاص” إلى الديمقراطية, وشرط أية نهضة أو تقدم”،  ذلك هو مضمون “الكتلة التاريخية” التي دعا ونظر لها الجابري ، وساجل حولها المتحفظين من هذه الدعوة , لاختزالها ” الكتلة التاريخية ” في مجرد تحالفات حزبية ، بالنسبة للبعض ، ولما تنطوي عليه من تبديد لاختلاف ” الهويات..والمرجعيات” بالنسبة لفريق آخر.!

ولقد أكد الجابري في أكثر من مناسبة ردا على ذلك ,أن الكتلة التاريخية لا تلغي اختلاف المرجعيات الإيديولوجية والعقدية، وإنما تؤجله، وأنها ليست أبدية، بل انتقالية، فهي في الأخير الجواب الممكن على حالات الانحلال والعجز لمختلف التشكيلات الحزبية والنقابية ..

إذ لا أحد منها بإمكانه لوحده تحقيق الديمقراطية والتنمية الشاملة. ويطمئن فقيدنا الأحزاب المدعوة إلى الانخراط في بناء هذه الكتلة التاريخية بأنها لن تخسر فيها “أحلامها ولا تاريخها”، الذي ستخسره هو”الشرنقة المترهلة التي تسجن فيها نفسها” (مواقف عدد 67). بل إن ربحها أكبر، فمن داخل هذه الكتلة التاريخية، باعتبارها أداة الانتقال إلى الديمقراطية، ” ستعيد هذه الأحزاب تجد يد ارتباطها بالمجتمع, ارتباطا جديدا، حيا، فاعلا والمساهمة بالتالي في بعث الحركة فيه من جديد ..”

في وضعية الانحدار الحزبي , والانسداد لمجال السياسي ,ووهن القوى الديمقراطية التقدمية.., ما أشد الحاجة إلى التوقف ,بموضوعية وتأني عند تصور الراحل ” لكتلة تاريخية” في وضعنا الخصوصي , وتمثل مقاصدها النهضوية , والإجتهاد في ترجمتها إلى واقع مطابق لوضعنا المجتمعي .

في ذكرى
بعد 12 سنة مرت على رحيله , ستبقى أعمال المفكر والباحث والسياسي المناضل والمربي م ع الجابري, لا مجرد موضوع للتفكير النظري الاجتهادي ,و النقدي , وإنما أيضا مرشد فعل سياسي عقلاني يغالب عوائق الديمقراطية المؤجلة , والنهضة المعاقة ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى