الإعلامي تفنوت يكتب في: بعض من الكلام عن الوطنية والوطن والهوية… وتعقيدات التاريخ….(الحلقة 3)
في خضم هذا المناخ أعادتنا القضية الفلسطينية من حيث المعنى التاريخي إلى ماكنا فيه من قراءة بعض " المقاطع المكتظة " بالتحليل والتوضيح في كتاب " استبانة " بخصوص الفكرة الوطنية، وتعريفاتها المركبة والمعقدة وتاريخها المتعدد... الشعب الفلسطيني كان جزءا عضويا في مكونات التفكير والفعل الوطني المغربي،بل ومبعثا في لحظات كثيرة لإنتاج أطروحات اجتهادية في العديد من حقول المعرفة المغربية بروح نقدية وتجديدية لاتتوقف..
منذ مايقارب الثلاثة والعشرين سنة ( موت ملك ونهاية عهد )أخذ المغاربة يتكلمون كثيرا ؛ في الملاعب وعلى صفحات الجرائد الورقية والإلكترونية، وعبر جل وسائط الإعلام الجماهيرية من تلفزات وإذاعات وفي الندوات المفتوحة والمغلقة عن علاقتهم بالزمن وعن ذاتهم الجماعية وعن هوية هذه الأرض التي أنجبتهم ومن أين أتوا كشعب؟
في أوقات الشدة وتصاعد الأزمات الكبرى ، يرتفع الطلب الجماعي الوطني على المعرفة التاريخية بل و على كل صنوف البحث الأركيولوجي الممتد في الزمن الماضي أملا في العثور على أجوبة تشفي الغليل الذهني بخصوص قضايا الهوية والوطن والوطنية، وأصول الوجود الحضاري لهذه المكونات في تجربتنا الخاصة كمغاربة ضمن دائرتنا الجهوية والكونية …
منذ مايقارب الثلاثة والعشرين سنة ( موت ملك ونهاية عهد )أخذ المغاربة يتكلمون كثيرا ؛ في الملاعب وعلى صفحات الجرائد الورقية والإلكترونية، وعبر جل وسائط الإعلام الجماهيرية من تلفزات وإذاعات وفي الندوات المفتوحة والمغلقة عن علاقتهم بالزمن وعن ذاتهم الجماعية وعن هوية هذه الأرض التي أنجبتهم ومن أين أتوا كشعب؟ ….
وفي خضم كل هذا الجدل المختلف من حيث النوعية والأسلوب ، وكذا من حيث طرق المرافعات وحدتها، و من حيث مدى عمق أو بساطة الموضوعات التي تتوقف عندها بالتعليق والتوضيح،
في خضم كل هذا اختلطت الأمور ببعضعها ،وطفى على سطح التعابير والخطابات خلط وتخبط في استعمال المفاهيم بين الواقعي في التاريخ والمتخيل منه؛ بين ماهو كائن في الحاضر وماأريد له أن يكون امتداد له؛ كما انتشرت أصناف من القول لاتميز في رحلة التاريخ بين الجانب الموضوعي المستقل عن إرادة الأفراد ووعيهم والجانب الذي تبرز فيه تلك الإرادة في شكل مشاريع تقودها نخب حاكمة ، أو عقول رائدة نحو القوة والتقدم…
وكما يقول أسلافنا القدماء لقد اختلط، في الكثير من الأحيان، جسد الحابل بروح النابل؛ فصارت البداهات تضيع وتتفتث بين ثنايا الأحاسيس والعواطف غير العارفة…
وعملا بالرأي المأثور القائل إن أفضل الطرق للخروج من التيهان هو العودة إلى أفضل ما لدى الأمة من أمهات الكتب ومقاطع الإجتهاد التي دبجها رواد معارفها المتعددين حتى يستقيم التفكير الجماعي وتستقيم معه آداب الحوار بصدده…
في هذا الإطار ارتأيت أن أقتنص من كتاب ” استبانة ” للمفكر عبدالله العروي ؛ وعلى حلقات ، بعضا من تنويراته الفكرية بخصوص البحث في موضوعات الوطنية والوطن والهوية والتاريخ في التجربة التاريخية المغربية….
كلمة وفيها اعتذار…
إلى كل الأصدقاء والأحبة والرفاق الذين تابعوا معنا الحلقتين السابقتين أقدم اعتذاري عن الإنقطاع الذي حصل بعد ذلك، الأمر الذي قد يكون خلق بعض التشويش وعدم الإسترسال في المتابعة…
لقد وقع بين ذلك اليوم الذي نشرت فيه الحلقة الثانية، وهذا اليوم الذي نستأنف فيه هذا الكلام الممتع والمحرض على التأمل، حدث أليم هيمنت تأثيراته علينا جميعا كمغاربة ألا وهو حدث ” قتل واغتيال ” الصحفية الفلسطينية ” شيرين أبو عاقله ” بكيفية بشعة جعلت كل من تابعها ينفجر غضبا وحزنا وإدانة لهذا الفعل الإجرامي المحسوب…
لقد توقفت أنفاس الرأي العام الوطني والإقليمي والدولي وهي تتابع ألم هذا الشعب العنيد وهو يطالب بحقه البسيط في بناء دولته الوطنية، واستعادة حقه التاريخي على أرضه، ووطنه المستلب بقوة السياسة الدولية المختلة وأسلحة الحرب غير المتوازنة…
وفي خضم هذا المناخ أعادتنا القضية الفلسطينية من حيث المعنى التاريخي إلى ماكنا فيه من قراءة بعض ” المقاطع المكتظة ” بالتحليل والتوضيح في كتاب ” استبانة ” بخصوص الفكرة الوطنية، وتعريفاتها المركبة والمعقدة وتاريخها المتعدد…
الشعب الفلسطيني كان جزءا عضويا في مكونات التفكير والفعل الوطني المغربي،بل ومبعثا في لحظات كثيرة لإنتاج أطروحات اجتهادية في العديد من حقول المعرفة المغربية بروح نقدية وتجديدية لاتتوقف..
ولقد كان مفكرنا عبدالله العروي واحدا من أولئك المثقفين الطليعيين الذين نبهوا لخصوصية الحركة الثورية التحريرية الفلسطينية وقدرتها التنويرية على مساعدة محيطها الإقليمي العربي لاستدراك تأخره والتقدم بأحواله نحو التحرر السياسي والوطني في وقت كان لازال الوعي التاريخي ” متأخرا ” بفعل التقليد وإيديولوجيات النكوص…
والآن لنعد إلى ماكنا قد توقفنا عنده، وبالضبط عند الفقرة التي وضع لها عبدالله العروي عنوانا فيه نفحة بيداغوجية لاتخلو من تنبيه وتذكير بروح ديكارتية….
– – —— —- – – – ——-
– ماهي عناصر الأمة المغربية؟
– أفهم من السؤال ماهي مكونات الشعب المغربي؟
هو كغيره من شعوب الأرض خليط من أقوام جاءت من الجهات الثلاث، من الشمال ومن الجنوب، ومن الشرق.
وإلى حد الساعة لا أحد يعرف بالضبط متى وكيف، رغم الأفكار المسبقة التي نحملها جميعا.
لذلك أكتفي بإبداء ملاحظات مقتضبة.
يقع في هذه المسألة خلط بين مكونات الطبقة الحاكمة ومكونات الشعب. إذ، لايوجد تطابق بين هذه المكونات المختلفة.
المكون الأندلسي موجود في المخزن وغير موجود في ساكنة الجبال، المكون الحرطاني موجود في الواحات وغير موجود على مستوى المخزن، المكون اليهودي موجود بين ساكنة المدن وغير موجود في أغلب المناطق الفلاحية.
الملاحظة الثانية هي أن مجئ المكون العربي متأخر جدا بالنسبة للعنصر الأمازيغي وبأعداد قليلة لم تؤثر في المجموع.
إذن، وهذه هي الملاحظة الثالثة والأخيرة،
العنصر البشري في المغرب متجانس. وهو مادلت عليه كل البحوث الأنثربولوجية التي جاءت مناقضة لماكانت تروج له الإدارة الفرنسية. لايوجد فرق واضح بين السكان يشير إلى اختلاف في الأصول الإثنية.
الفرق الوحيد الذي ظل قائما إلى يومنا هذا هو المتعلق باللسان هناك مغاربة ناطقون بلهجات عربية وآخرون ناطقون بلهجات أمازيغية
طوال السنوات التي عشتها، قبل وبعد الإستقلال، لم نكن نعير لهذا الفارق أهمية كبرى. نعلم أن الأجداد تكلموا الأمازيغية مدة قرون ثم تكلموا العربية بعد انتشار العقيدة الإسلامية، وأخيرا لم يعد يعرف قسم من السكان سكان المدن الكبرى بخاصة، سوى اللغة العربية مثلنا في هذا الباب مثل شعوب كثيرة.
يبدو أن الوضع بدأ يتغير وبسرعة أثناء العقدين الأخيرين. وبالطبع سيعاد النظر في تقييم الماضي. ماكان يظهر تقدما، وتطورا إيجابيا قد يراه البعض تنكرا وانتكاسا.
لايمكن للمؤرخ أن يجزم بماسيقع.
كتبت مرة أني لم أشعر أبدا أني أنتمي إلى أقلية تحتاج إلى سلطة تحميها. أتفهم جيدا أن مثل هذا التصريح قد يخدش كرامة البعض، لكني قلت ماقلت تعبيرا عن تجربة.
المغرب الذي عشت فيه وأنا شاب عند تكوين وعيي الوطني، هو مغرب محدود مغرب المدن الكبرى والمتوسطة. سكانه كانوا في أغلبهم على نمط واحد، كنت أشعر أن لافارق من أي نوع بين مغربي ومغربي آخر…
لوكنت سافرت إلى مناطق نائية ربما كان الوقع في وجداني مختلفا…
……………………..
( الحلقة القادمة: ماهي أهم فترات تاريخ المغرب )