الرئسيةرأي/ كرونيك

الصمت موقف…

ولا جدوى من الانتخابات.... بل يلزم الوقوف على الخلل في مفاصل السؤال السياسي لا المهزلة الانتخابوية..

أخازي5
بقلم: خالد أخازي روائي وإعلامي

لم يفهم صمتي لا سكوتي العديد من الزملاء والأصدقاء عما يعتمل في الساحة السياسية بعدما كنت أدون على الأقل مقالا سياسيا ساخرا أسبوعيا أكشف فيه ما أراه عبثا وملهاة سياسية في مغرب لم تستقم بعد ديمقراطيته… ولا يقطع مع استرقاق الرقاب بقوة المال والسلطة.
والحقيقة أنني مطوق بالخيبات..
والحسرة واليأس يقفان سدا منيعا يحول دون التفكير في الواقع السياسي على عهد أخنوش…

اليأس من شعب رأيته بأم يبيع صوته وقد أخرج توا من داره أو براكته…
اليأس من شعب يبيع صوته وهو يعيش البؤس…
اليأس من شعب تزغرد نساؤه لرؤساء العصابات ولصوص المال العام…
اليأس من شعب يمجد جلاديه.. وتقبل بقفة أو عطية مالية مقابل أن صوته وصوت ذويه…
اليأس من وطن ديمقراطيته مجرد تدوير دقيق للفساد…. ومجرد تناوب على مواقع الغنيمة…. ومجرد واجهة تفرز الريع السياسي باسم الشعب..


صمت… وهناك فرق بين الصمت والسكوت..
أمام داري… كانت الأموال توزع على الملأ… وكانت مكاتب التصويت مكاتب استمالة جمعت كل أطراف الجريمة السياسية من الشعب والمسؤولين…
وكانت الديمقراطية تنحر بالمال والنكاية…
المصيبة أن بعض رجال السلطة يكرهون الديمقراطية…
المصيبة أن الانتخابات في المغرب مجرد طقس ختان للإرادة الشعبية…
لهذا صمت… صمت… فلا جدوى من النقد..

هل انتقد حكومة أخنوش…؟
ما الفائدة…؟ ما النتيجة…؟
فكل انتقاد لأخنوش حاليا هو شرعنة لمرحلته وتزكية للكاهن المزيف… بنكيران…
ما الفائدة من تتبع سقطات أخنوش …؟ هل سيغير الأمر شيئا من جوهر القضية حول طبيعة ديمقراطية لا تنتج نخبا حقيقية… وحول إرادة شعبية لها سلطة المحاسبة…؟
إنني صامت لأنني يائس من شعب يبيع نفسه ويقيم الحفلات لجلاديه وتزغرد نساؤه للصوصه…
يائس من ديمقراطية لا تصنع غير الوهم وتقتل الآمال ولا تزرع غير اليأس…
أنا صامت…. فلا فائدة من القول والشعب قبل أن يكون حطبا لفرن اللصوص وطبالا في مجزرة الحقوق….
أنا صامت… لأني يائس من الانتخابات… ولا جدوى في انتقاد أخنوش وحكومته…
فالرابح من الانتقاد هو لص آخر أو منافق أو تاجر أوهام…..
أنا يائس لأنني رأيت بالمباشر درجة الذل التي وصل إليها المجتمع وكم أصبح الناس يتقبلون الهوان ويقايضون كرامتهم مقابل عطاء زائل…
ورأيت هذا التكالب من عدة جهات على تزوير إرادة الشعب الذي هو مستعد للبيع والشراء..
فالصمت… ليس حيادا…
بل النقد السياسي لن يخدم غير العبث ويزكي ممارسة سياسية مزيفة ويمنح نفسا جديدا للنفاق السياسي باسم المعارضة….
الصمت إدانة…

ولا جدوى من الانتخابات…. بل يلزم الوقوف على الخلل في مفاصل السؤال السياسي لا المهزلة الانتخابوية..
هذا شعبنا غير قابل للفهم..
فالذين أخرجوا من ديارهم في مدن الصفيح وتم طردهم بالآليات بدون رحمة وظهروا يبكون وينعلون هم أنفسهم من أعادوا الوجوه أنفسها مقابل ثمن زهيد…
والذين مات أهاليهم على الأرصفة وقرب المستشفيات وتم رميهم للشارع هم أنفسهم من ساهموا في عملية تدوير الفساد الانتخابي..
والذين احتجوا على الغلاء والبؤس والشقاء في مدن بئيسة نائية هم أنفسهم من أعادوا إنتاج البؤس.
والذين بلا مأوى ولا شغل مستعدون للموت من أجل الدفاع عن فاسد يمنحهم عطاء شهريا أو يتوسط لهم من أجل سرير في المستشفى أو جانح متابع في قضية….
من ننتقد أخنوش… و غيرهم…؟
للأسف نحن شعب فاسد بلا قيم وأكثرنا غدا بلا عزة نفس…
حتى المثقفون والنخبة اعتزلت وباعت اسمها بعيدا والباقي اندمج في اللعبة وتصدر المواقع…
فهل لنا أن ندبج مقالات نقدية عن حكومة أخنوش في ممارسة عبثية بلا معنى… تزيد المشهد السياسي شرعية الصوت الآخر وتمنح عراب الشعبوية المنافقة مسافة أخذ الأنفاس…؟
الحقيقة….. أنه لا جدوى من الكتابة السياسية حين تكون السياسة مجرد طقس فولكلوري….. لا تنافس شرعي للتناوب الحقيقي على السلطة…
الصمت لا السكوت تعبير عن عمق الخيبة…
من الشعب ذاته…. ومن النخب المزيفة…

ملاحظة: أعلم أن هناك من الشعب شريحة عريضة غير فاسدة ولا تشترى بالمال ولا بالمناصب، لكن بلاغيا أحيانا يطلق الكل ولا يستثنى منه الجزء… لغرض التنبيه البياني… فعذرا فليس كل الشعب وإنما الإطلاق لقرينة بلاغية…. كقولك خرج الناس لاستقبال فلان… ولم يخرجوا جميعا…. تحياتي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى