رأي/ كرونيك

عبد الله بوصوف: نطق حيث كان يجب الصمت

هل كان على عبد الله بوصوف وهو المؤرخ... الحاصل على الدكتوراه في التاريخ عام 1991 حول موضوع العلاقات في منطقة البحر الأبيض المتوسط في القرن الثالث عشر... أقول هل كان عليه. وهو... يمثل مؤسسة دستورية، أن يحشر أنفه وبالتالي المغرب في انتخابات إيطاليا...؟

أخازي5
بقلم: خالد أخازي روائي وإعلامي

أليس الصمت عن التنافس السياسي في أوروبا وخاصة إيطاليا هو المقعد المريح للمغرب حاليا… وخريطة أوروبا السياسية تتغير وبوصلتها في سياق تداعيات الحرب تنجذب إبرتها نحو اليمين… بل اليمين المتطرف…؟

سؤال تردد كثيرا في عقلي وقد طلع اليوم المؤرخ سي عبد الله بوصوف بمقال في موقع مغربي بعنوان “انتخابات إيطاليا.. هل تكرس طابع اللاستقرار السياسي أم بوابة لليمين المتطرف؟”.

بداية… لا أعرف من أين أتى بصفة الخبير في الهجرة، فهذا الرجل فعلا قامة وهامة مغربية، وقدم كثيرا للمغرب وخصوصا على مستوى الدينامية الدينية المغربية بأوروبا، لكن هذا لا يرفعه إلى مقام” الخبير في الهجرة” علما أطروحته لنيل الدكتوراه كانت حول العلاقات في البحر الأبيض المتوسط في القرن الثالث عشر ” زمن كانت الهجرة كالرحلة، وأقصى ما يمكن أن يخدم به بلده هو ديبلوماسية الهجرة… التي هي أصلا سلاح كاتم الصوت وليس ملعلعا…

عبدالله بوصوف

تكلم الأمين العام لمجلس الجالية الذي عمر خارج الشرعية الدستورية وفي غياب تام لرئيسه، ولا يشك أحد أن هذا المجلس لم تعد له الشرعية الدستورية… تكلم…. بعد صمت طويل…
للأسف بعض المسؤولين لا يتكلمون حتى يخطب الملك، فيظنون كل صيحة عليهم..
لهذا نحب خطب الملك…
المهم تكلم حيث لا يجب الكلام….
جميل أن يحلل الرجل في اللقاءات المخملية… والصالونات الفكرية… وفي كل منتدى… تضمن فيه أمانة المجالس…فالمجالس أمانات..
لكن أن يفتي في التنافس السياسي الإيطالي بحجة توقيف المد الأوروبي والإيطالي خاصة… فهذا أمر مجانب للصواب مهما كانت مبرراته…
وقد يغدو قريبا مكلفا للديبلوماسية المغربية…
فصناعة الخصوم بالمجان لا تليق برجل دوره لا الكلام بل الفعل والمبادرة خدمة للجالية ولقضايا المغرب المصيرية..
والصمت في هذا المقام خدمة لقضايانا…

نعم كما قال ففرضية اكتساح حزب جورجيا ميلوني اليميني المتطرف للعديد من المقاعد داخل البرلمان الإيطالي، كما كان عليه الأمر سواء في انتخابات فرنسا أو السويد قائمة، لكن نحن كمغاربة نضع المسافة نفسها من التنافس السياسي الغربي، وخصوصا المسؤولين الحكوميين والديبلوماسيين والمؤسساتيين، فقد جانب المؤرخ لا المسؤول عن الهجرة الصواب وهو يدعو مغاربة إيطاليا الذين يفوق عددهم 600 ألف مهاجر مغربي، ونسبة كبيرة منهم لديهم حق التصويت بحكم تمتعهم بالجنسية الإيطالية، إلى المشاركة القوية، سواءً كناخبين أو منتخبين، من أجل وقف ما وصفه باليمين المتطرف، والحد من تمدد ما نعته أفكار هذا الطيف السياسي المعادية للتعددية الثقافية والدينية، والمهددة لمكتسبات المهاجرين وطالبي اللجوء..
كصحافيين وكمحللين نتفهم هذه الدعوة…
لكني لا أفهم عدم التزام الصمت الإيجابي…
من أدراك كيف يكون الغد السياسي الإيطالي…؟

فحين يكون موقعك الدولي شبيه بمكانة سفير أو وزير للجالية… فعليك أن تلزم الصمت وقت انتخابات الدول الصديقة، وألا تحاول تغليب طرف على طرف، فلأن أي موقف رسمي أو شبه رسمي قد يكلف المغرب غاليا.

فأحيانا عبر المغرب عن دعمه لمرشح ما… على حساب آخر… وأدينا الثمن..
لأن الخصم السياسي حين يصل للسلطة لا ينسى خصمه الخارجي…
مقال عبد الله بوصوف المؤرخ جانب الصواب…
للأسف هو في منصب اجتماعي واقتصادي وإنساني، ويمكن أن يصبح مجلس الجالية سفارة عابرة للقارات… تربح الأصدقاء وتنأى بنفسها عن الصراع السياسي، فبعض الحقائق لا تقل…
صدقت ولكن في العلاقات الدولية العملة ليست الصدق بل الصمت حين يجب الصمت والكلام الذي ينسج العلاقات لا يرهنها للضغائن والتحليلات السطحية…
صدقت… لكنك تنسى إكراهات السياسة…

فالمعارضة في أي بلد أوروبي غدت تتغذى على الخطاب الهوياتي والقومية والوطنية، لكن تدبير السلطة هو أنر آخر….
دعوة المغاربة من لدن الأمين العام للمجلس للتصويت ضد اليمين المتطرف دعوة صادقة في ظاهرها مكلفة في باطنها … تفتقد الرؤية الديبلوماسية والنضج السياسي..

عذرا سي بوصوف…. الصمت أحيانا أقل تكلفة من قول الحقيقة
وفي العلاقات الدولية علينا أن نتعلم الصمت الإيجابي…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى