توقيف عشرات المشاريع الاستثمارية بالدارالبيضاء..هل سيستمر العامل توفيق بنعلي ومعه واليه في التمرد على أوامر الملك؟
بعد أن فضح الملك محمد السادس، في خطابه الأخير، حول الاستثمار، “كذِب” بعض مسؤولي الدارالبيضاء على المستثمرين، الذين سبق أن قاموا بتوقيف مشاريعهم الاستثمارية بالدارالبيضاء، منذ أكثر من سنتين، أصبحت “مؤامرة” هؤلاء المسؤولين مكشوفة للغادي والبادي، إذ كانوا، في سابقة من نوعها، “يدّعون” أن واقعة تدخل الملك محمد السادس الشخصي والمباشر، بصفته رئيس الدولة، لإعمال القانون في قضية هدم “فيلات أخنوش بأگادير”، وحديثه عن “رخص الاستثناء”، وفي قضية إعفائه لعامل مقاطعات آنفا بعد إبلاغه بتقرير “مفبرك” يُزعم فيه أن رشيد اعفيرات رخّص لهدم بنايات ذات صبغة أثرية، “يدّعون” أن هذه القضايا هي السبب في توقيف أوراش البناء، وكان هؤلاء المسؤولون يُوهمون المستثمرين بأن تدخلات الملك المذكورة لإعمال القانون هي “أمر غير مباشر” وُجّه لهم بتوقيف هذه المشاريع…
لقد انكشف زيف هذه التبريرات وظهر أنها “كذبة باينة”، إذ لا يُمكن أن يقبل عقل أن يكون الملك محمد السادس وراء تعطيل مشاريع، وهو الذي قال إن “أخطر ما يواجه تنمية البلاد، والنهوض بالاستثمارات، هي العراقيل المقصودة”، ليشدد على ضرورة محاربة ذلك.
المعضلة، اليوم، هي أن الرأي العام بات على بيّنة من أن هذه التبريرات هي التي كان بعض مسؤولي الدارالبيضاء يُواجهون بها “سرِّيّا” المستثمرين “ضحايا رخص الاستثناء” و”ضحايا المباني الأثرية المزعومة” لتوقيف مشاريعهم، رغم توفرهم على كل التراخيص القانونية، ابتداءً من رخصة الاستثناء، الصادرة عن والي جهة الدارالبيضاء سطات، سعيد احميدوش نفسه، ورخصتي الهدم والبناء، الصادرتين عن مجلس مدينة الدارالبيضاء، حتى أصبحت تراخيص مسؤولي جهة الدار البيضاء سطات عديمة القيمة “ما كتسوى حتّى بصلة”.
إن المتأمل في هذه التبريرات، أو “الكذبة الباينة”، التي راح ضحيتها عشرات المستثمرين بالدارالبيضاء، يصيبه الرعب من تجرّؤ مسؤولين ترابيين على عصيان أوامر الملك في واضحة النهار، إذ كيف يمكن أن نصف “فعلة” السي توفيق بنعلي، العامل مدير الوكالة الحضرية بالدارالبيضاء، عندما بادر إلى مناورة فاقعة، لجأ إليها حتى لا تُكتشف “الكذبة” وينفضح التضليل، حين عمد، ، بمباركة من الوالي احميدوش، إلى إقحام وزير الثقافة السابق، عثمان الفردوس، بعد أن وجه له طلب بتاريخ 01 شتنبر 2020. ودفعه إلى اتخاذ القرار عدد 145.21 بتاريخ 21 يناير 2021، والذي يُقيّد فيه مجالا حضريا بكامله بمدينة الدارالبيضاء في عداد الآثار التاريخية، بناءً على طلب العامل بنعلي، الذي حدد مساحةً شاسعةً تضم جماعة حضرية بالدارالبيضاء بكاملها، بيّن حدودها في تصميم أرفقه بهذا الطلب.
والمصيبة أن هذه “الفعلة” أصبحت، هي بدورها، بعد ذلك، ذريعة لدى الوالي والسي توفيق لتوقيف أوراش في العاصمة الاقتصادية وعدم الترخيص لمشاريع جديدة منذ أكثر من سنتين ونصف، وهذه الحالات عديدة وموجودة، بإمكان أي تحقيق نزيه ومعمّق، سواء كان إداريا أو قضائيا، أن يقف على حقيقتها المرة، التي يعاني منها “ضحايا رخص الاستثناء”، و”ضحايا المباني الأثرية المزعومة”، والتي تُظهر أن مبررات توقيف المشاريع بالدارالبيضاء واهية، وأن والي جهة الدارالبيضاء سطات، ومدير الوكالة الحضرية، هما من يلزم توقيفهما، ومحاسبتهما على ما تسبّبا فيه من خسارات مادية فادحة تكبدها ومازال يتكبّدها أولئك المستثمرون، وومحاسبتهما، أيضا، على ما يتسبّبان فيه من ضياع ملايير الدراهم من المداخيل على خزينة الدولة!!، فضلا عن ضياع أعداد كبيرة من مناصب الشغل.
فهؤلاء المسؤولان يستهتران بأوامر الملك محمد السادس ويضربان بعرض الحائط كل توجيهاته المطالِبة باتخاذ كل الإجراءات لتشجيع وجلب الاستثمارات… علما أنه ليس بالصدفة، نهائيا، أن ملك البلاد عاد ليشدد، مرة أخرى، في خطاب افتتاح البرلمان، على ضرورة “رفع العراقيل”، التي قال إنها “لا تزال تَحُول دون تحقيق الاستثمار الوطني لإقلاع حقيقي، على جميع المستويات”…
إن ما يقع في الدارالبيضاء، كما سبق أن كتبت وأكدت، يتعدّى، بالفعل، حدود العقل وحدود المنطق وحدود التصديق، إذ كيف يمكن تصور أن والي جهة الدارالبيضاء سطات سعيد احميدوش، ومدير وكالته الحضرية توفيق بنعلي مازالا يخرجان “العين الحمرا” في وجوه الضحايا المستثمرين، رافضين تنفيذ الأوامر الملكية الصارمة، التي وجهها لهم الجالس على العرش، الملك محمد السادس، ملك البلاد ورئيس الدولة، في خطابه الملكي الأخير، والقاضية برفع جميع العراقيل أمام المستثمرين ووأمام مشاريعهم الاستثمارية…
أكثر من هذا، فإن الملك محمد السادس، في إشارة إلى ضرورة أن يرفع أمثال هؤلاء أياديهم عن الاستثمار، شدّد، في خطابه الأخير، على أن “المراكز الجهوية للاستثمار مطالبة بالإشراف الشامل على عملية الاستثمار، في كل المراحل، والرفع من فعاليتها وجودة خدماتها، في مواكبة وتأطير حاملي المشاريع، حتى إخراجها إلى حيز الوجود”…
والمعنى واضح هنا وهو أن مديري هذه المراكز أصبحوا مسؤولين مباشرين عن تشجيع الاستثمار، بقوة الخطاب الملكي، في انتظار إخراج التشريعات القانونية، التي طلبها الملك من النواب، في نفس الخطاب…
فهل سيتحول استمرار العامل توفيق بنعلي ومعه واليه سعيد احميدوش في التمرّد على أوامر الملك، بعد خطاب الاستثمار، إلى عصيان ممنهج يستوجب المحاسبة والعقاب؟! وإن “غدا” لناظره لقريب!!!