وعبرت مديرة الصندوق كريستالينا جورجييفا عن قلقها، بقولها “نحن في يناير فقط ولدينا من الآن نماذج في البرازيل والبيرو وبوليفيا وكولومبيا والمملكة المتحدة، وكل ذلك لأسباب مختلفة ولكن مع توترات اجتماعية واضحة جدا”.
وأشارت “إذا كان ارتفاع أسعار الفائدة سيؤثر في نهاية المطاف على أسواق العمل، وهي نتيجة منطقية لهدف التباطؤ، فقد يؤدي ذلك إلى توترات إضافية”.
وأضافت أن “الوضع لن يتحسن قريبا بسبب “التضخم الذي لا يزال صلبا” وفي مواجهته “لم ينته عمل البنوك المركزية بعد”، مشددة على أن “الأزمة لم تنته بعد على الأرجح”.
وأفاد محللون وأوساط اقتصادية إن البنوك المركزية حول العالم قامت بواحدة من أكبر إخفاقاتها على الإطلاق في ما يتعلق بقدرتها على التنبؤ، عندما أساءت بشدة تقدير حجم ومدة أسوأ ارتفاع في التضخم منذ عقود.
وأوضح الصندوق طيلة أشهر بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا أن الأسعار المرتفعة في كافة أنحاء العالم باتت تشكل اختبارا حقيقيا لقدرة صانعي السياسة النقدية في البنوك المركزية للسيطرة على انفلات مؤشر أسعار الاستهلاك.
وقالت جورجييفا إن التباطؤ الاقتصادي يفترض أن يكون في 2023 أكبر مما توقعه الصندوق في منشوراته الأخيرة في أكتوبر الماضي، إلا أن أسواق العمل “أثبتت مقاومتها”، معتبرة ذلك “نقطة إيجابية”.
ونجم ذلك أساسا عن “تحرك الحكومات بسرعة لتوفير الدعم المالي للسكان في مواجهة ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة. لكن المساحة المتاحة تتقلص”.
ويرى الصندوق أنه طالما أن الناس لديهم وظائف حتى لو كانت الأسعار مرتفعة فهم يستهلكون، الأمر الذي ساعد الاقتصاد في الربع الثالث لاسيما في الولايات وفي أوروبا لكن تأثير تشديد السياسات المالية لم يحصل بعد.
وفي الوقت نفسه سيكون تأثير رفع معدلات الفائدة على البلدان المَدينة قاسيا. وأشارت جورجييفا التي تحذر مؤسستها منذ أشهر من خطر تحول نحو ستين في المئة من البلدان الناشئة والنامية إلى بلدان تعاني من أزمات ديون سيادية.
وقالت “بالنسبة إلى البلدان ذات المديونية المرتفعة والتي يتم تصنيف إصداراتها بالدولار، ستكون الآثار السياسات النقدية كبيرة. وعندما يضاف إلى ذلك تخفيض في قيمة العملة في البلدان المعنية، يؤدي ذلك إلى صعوبات كبيرة للسكان”.
وانتهزت الفرصة للتذكير بضرورة إعادة هيكلة ديون هذه الدول بسرعة وهو موضوع “يفترض أن نعقد بشأنه اجتماعا في فبراير على أعلى مستوى، مع الدائنين الرئيسيين الصين والهند والسعودية، وكذلك القطاع الخاص”.
ومع ذلك ما زال صندوق النقد يعتبر أنه “يمكن تجنب ركود عالمي” حتى لو شهد عدد من البلدان انخفاضًا في اجمالي الناتج المحلي، على الأقل “إذا لم تكن هناك صدمة إضافية”.
من المتوقع أن يتباطأ نمو الاقتصاد العالمي من 3.2 في المئة في العام الماضي إلى 2.7 في المئة هذا العام
وأكدت مديرة الصندوق على أنهم إذا استمروا في مسارهم فستصبح الصين مرة أخرى مساهما إيجابيا في النمو العالمي وإن لم تبلغ النسب التي سجلت حتى الآن.
واعتبرت أن قدرة الاقتصاد الأميركي على المقاومة تجعل من الممكن تجنب تراجع على المستوى العالمي. وقالت إن “ما نراه في الولايات المتحدة لافت”.
وأبرزت إلى انخفاض معدلات البطالة واستمرار الاستهلاك. وقالت “نشهد أيضا تحولا في الإنفاق من السلع إلى الخدمات” مما يدعم النشاط.
وقالت إن هذا “يجعل من الممكن تصور احتمال أن تفلت الولايات المتحدة من الركود. وفي حالة تعرضهم لركود تقني، يفترض أن يبقى خفيفا”.
وفي سبتمبر الماضي أكد الصندوق أن حوالي 20 إلى 30 دولة في أمسّ الحاجة إلى الحصول على مساعدات لمواجهة ارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة ونقص إمداداتها الناجم عن الحرب في أوكرانيا.
وارتفعت الأسعار وتكاليف الشحن في جميع أنحاء العالم بعد بدء الحرب بسبب غلق طرقات الإمداد والعقوبات والقيود التجارية الأخرى.
ويبحث الصندوق مع الحكومات عن طرق لمساعدة البلدان المتضررة من صدمة الغذاء العالمية التي سببتها الحرب في شرق أوروبا، كجزء من إعادة التفكير الأوسع في كيفية مساعدة الدول الأعضاء على أفضل وجه.
ومن المتوقع أن يتباطأ نمو الاقتصاد العالمي من 3.2 في المئة في العام الماضي إلى 2.7 في المئة هذا العام بعدما كان عند نحو 6 في المئة في عام 2021، وسط تصاعد التحديات التي تواجهها الحكومات.
ويمثل نمو الناتج الإجمالي العالمي في 2023، أضعف أنماط النمو على الإطلاق منذ العام 2001 باستثناء فترة الأزمة المالية العالمية في 2008 والمرحلة الحرجة من الأزمة الصحية خلال العامين الماضيين.
وتنبئ الآفاق بأعباء ثقيلة من جراء أزمة تكلفة المعيشة وتشديد الأوضاع المالية في معظم دول العالم إلى جانب التحديات الجيوسياسية.