الرئسيةثقافة وفنوندابا tv

السينما…ماري أنطوانيت: فلم يمزج بين جودة الصورة وبراعة التمثيل وعمق التاريخ + فيديو

هذه المادة يتم إنجازها بشكل مشترك بين ّدابا بريس” ومجموعة عشاق الفن السابع التي يديرها الكاتب عبد العزيز كوكاس.

حلقة اليوم

كوكاس
بقلم عبدالعزيز كوكاس
كروب عشاق السينما

إنه تحفة صوفيا كوبولا بامتياز، فلم يحكي سيرة أشهر امرأة في قصر فرساي، على يديها انتهت الملكية الفرنسية، لا ينظر المؤرخون لماري أنطوانيت زوجة آخر إمبراطور فرنسي، سوى من زاوية ارتباط اسمها بالترف والإسراف في الملذات وحين ثار جوعى فرنسا سألت عن السبب، فقيل لها إنهم لا يجدون الخبز، فقالت لهم: اعطوهم البيسكويت، وهي العبارة التي قد تكون أسندت إلى ماري حتما، ولدت الإمبراطورة ماري تيريز في النمسا، في عام 1770، أخبرت الأميرة النمساوية الشابة أن والدتها أبرمت اتفاقية مع ملك فرنسا تنص على اتحاد العائلتين الحاكمتين. في سن الرابعة عشرة من عمرها، كان عليها أن تتخلى عن كل شيء.. بما فيه كلبها المدلل، لتذهب إلى قصر فرساي.

بمجرد وصولها إلى فرنسا، تقابل دوفين، الزوج الذي وُعدت به. حتى مع روعة حفل زفافهما الأسطوري، فشل الشابان في إتمام واجب زواجهما. برغم قلة خبرتها بالطقوس الإمبراطورية المبالغ فيها، لاحظت ماري أنطوانيت أن نبيل فرساي لم يقدر جمالها حق قدره ولم يزرع في رحمها ثمرة ولي عهد المملكة، ففجرت أنوثتها في السخرية والإسراف في البذخ والشرب والسهر والعبث والجنون. تتغير حياتها عندما تم الإعلان عن موت لويس الخامس عشر. حيث اعتلت ماري أنطوانيت عرش فرنسا جنبا إلى جنب مع لويس السادس عشر الهادئ والخجول حد القرف. لكن النفقات المجنونة التي كبدتها لخزينة الدولة سرعان ما جعلتها غير محبوبة لدى الفرنسيين.

بعد فلميها “انتحار العذراء” و”فقدتُ في الترجمة”، ترسم الممثلة وكاتبة السيناريو والمخرجة الأمريكية صوفيا كوبولا صورة حميمة للمرأة التي ستصبح ملكة فرنسا زوجة لويس السادس عشر، التي تم إعدامها بالمقصلة في ساحة عامة سنة 1793. تزوجت النمساوية ماري أنطوانيت في سن صغيرة جدا من ولي عهد فرنسا، وظلت تكافح من أجل العثور على مكانها وسعادتها في قصر فرساي حيث يسود الزوج الذي يفر من الواجب الزوجي وتسود الآداب السريالية الغريبة. تعاني من الشعور بالوحدة وبالقرف، كيف يمكن أن تلبس وأن تأكل وأن تتكلم بطريقة ملوكية، فتدفن نفسها في الحفلات والمجون والعبث غير مدركة للكارثة التي تنتظرها.

لقد نجحت كوبولا في جعل المشاهد يكتشف أسرار فتاة صغيرة تواجه عالماً معادياً ومقنّناً، عالما تافها حيث يراقب الناس بعضهم البعض ويحكمون عليهم دوما بالدونية وبالدسائس والنميمات المسيئة. زوجها رجل أخرق يتخلى عن زوجته حتى في حميميات سرير النوم، فسئمت واجبات التمثيل المفروضة عليها في مسرحية بئيسة. لذلك هربت إلى ثمل السكر وجنون الإسراف ورقص الحفلات وملذات الحواس لتعيد ابتكار عالم خاص بها. هل هناك ثمن يجب دفعه مقابل البحث عن السعادة التي ينكرها البعض عندما يكون اسمك ماري أنطوانيت؟ بالطبع، ليس أقله الإعدام بالغيوتين في قلب العاصمة باريس غداة الثورة الفرنسية.

بعيدا عن الكلاسيكية التي تميز هذا النوع من الأفلام التاريخية، قامت صوفيا كوبولا الجريئة بصياغة عمل طموح للغاية، بعد تأهيل شخصية ماري أنطوانيت. من خلال جعلها في صف مع بطلاتها السابقات (“انتحار العذراء”، “فقدت في الترجمة”)، مثل مراهقة تائهة في عالم لا مكان لها فيه. لذلك يعتبر فلمها “ماري أنطوانيت” متعة للعقل والعين معا.

فيلم “ماري أنطوانيت” ليس فيلما تاريخيا، وقد يكون هذا هو ما أحبط جزءا كبيرا من جمهور مهرجان كان حيث عرض أول مرة عام 2006. لن نرى أي مقصلة ولا ثوار هناك، إلا من خلال أصوات قليلة لمحتجين داهموا القصر ومن خلال الأبواب المحطمة أو عدد لا يحصى من المشاعل التي يمكن ملاحظتها في فناء القلعة.

لكن هذا الفلم لم يكن ليكون بهذه الروعة بدون جودة ممثليه، خاصة جيسون شوارتزمان وكريستين دانست في أدائهما الساحر والمبهر حقا، لقد خلق جيسون نجل الممثلة تاليا شاير بأدائه، متعة غير متوقعة، صادم صمته، تعابير وجهه، سلوكه الإمبراطوري ومغامرة الفرسان النبلاء، أما كريستين فقد منحت “ماري أنطوانيت” الكثير من الجنون والتعاطف الإنساني، منحتها بعدا إنسانيا يجعل المشاهد يتضامن مع هذه المرأة الضائعة في وسط مخملي بارد، وقد أثبتت أهليتها بعد ذلك في الفلم الكوميدي “كيف تخسر الأصدقاء وتنفر الناس”.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى