التقرير الذي أنجزته مجموعة العمل الموضوعاتية المكلفة بتقييم الخطة الوطنية لإصلاح الإدارة التي شكلها مجلس النواب، كشف عن الفساد الإداري الذي لا يزال ينخر مرافق الإدارات العمومية، ما يحد من فعاليتها وانتاجيتها، مما يؤثر سلبا على علاقتها بالمرتفق، منبها إلى أن الإدارة العمومية أصبحت تشكل عائقا أمام خدمة المواطنين وأمام الاستثمار والتنمية.
وفضلا عن الفساد الإداري، أشار التقرير نفسه، أن تضخم القواعد القانونية وكثرة الإجراءات والمساطر الإدارية وتجلي مظاهر التسيير الانفرادي داخل الإدارة العمومية، أدت إلى خلق نمط إداري تطبعه الرتابة والبيروقراطية، ما أسفر عن خلق نوع من النفور لدى المواطنين والمستثمرين الذين باتوا عرضة لتعطيل مصالحهم جراء الافراط في التعقيدات الإدارية، الشيء الذي أثر على جودة الخدمات التي تقدمها الإدارة العمومية ووقفت حاجزا أمام مسار الإصلاح الإداري والتنمية الاقتصادية بالبلاد.
في السياق ذاته، أظهر التقرير البرلماني أعطاب التمركز الإداري، إذ اشار أنه وبالرغم التدخلات الإصلاحية السابقة التي اهتمت بموضوع اللاتمركز الإداري إلا أن واقع الأمر يبرز أن الإدارة العمومية ما زالت تعاني من مركزية مفرطة، مما فوت على المغرب فرصا مهمة للتغيير والإصلاح وتقريب الإدارة من المواطنين.
في جانب اخر من التقرير، تحدث هذا الأخير عن إشكالية تعقيد المساطر الإدارية التي تعتبر من السمات البارزة التي تطبع علاقة الإدارة بمحيطها مما أدى إلى إضعاف الجهود الاصلاحية والتقليل من مفعولها، وأدى إلى ضعف مردودية الجهاز الإدارية وارتفاع كلفة سير الإدارة، فضلا عن غياب تحفيز الاستثمار وانعدام الشفافية في التدبير الإدارية، وبروز ممارسات سلبية كالرشوة واستغلال النفوذ.
اعتبر المصدر ذاته، أن للإدارة العمومية بالمغرب،دورا كبيرا في عرقلة الاستثمار وأنها تفتقر للإنتاجية، حيث يسود التأخر في معاجلة ملفات مشاريع الاستثمار، وغياب التفاعل مع الاستفسارات والشكايات والمشاكل التي تعترض المستثمرين، فضلا عن تعقد المساطر الإدارية.
إلى ذلك، تحدث التقرير البرلماني، عن ضعف بنيات الاستقبال واعتبرها أحد أبرز أعطاب الإدارة العمومية حيث أكد أن الإدارة عانت من عدة مشاكل واختلالات مرتبكة بالاستقبال وبنياته، بدء بضعف التواصل مما يجعل المرتفق تائها ودون توجيه، الأمر الذي يؤثر سلبا على طبيعة التواصل بين المرتفقين والإداريين، مما أسفر إلى سوء التعامل مع المرتفقين وعدم فهم احتياجاته مع غياب الشفافية والوضوح في الولوج الى الخدمات العمومية، منبها إلى عدم توفير أي بنية أو فضاء خاص بالاستقبال في العديد من الإدارات، بالإضافة إلى غياب موظفين مكلفين بالاستقبال متوفرين على التكوين والتأطير المناسبين.
التقرير سجل أيضا، أن نظام الوظيفة العمومية كلاسيكي، ويعاني من عدة نقائص تزداد حجما وكلفة مع مرور الزمن، ووأن الولوج إليها لا يعتمد مبادئ الكفاءة والاستحقاق وتكافؤ الفرص ، فضلا عن قصورها في الجانب المتعلق بمنظومة تنقيط الموظف، حيث إن عددًا كبيرًا منهم يعتبر الوظيفة العمومية وسيلة تضمن لهم أجرا قارا دون الاخذ بعين الاعتبار مردوديتهم وإنتاجيتهم، مما يؤثر سلبا على أداء الإدارة العمومية ويضعف العلاقة بين الإدارة والمواطن.