“بيت لحم” بلا زينة ولا احتفالات بعيد الميلاد.. حرب غزة ألقت بظلالها على كنيسة المهد ومسيحيي فلسطين
غابت عن مدينة بيت لحم مظاهر الاحتفال بعيد الميلاد مقارنة بما جرت عليه العادة خلال السنوات الماضية، فلم توضع شجرة الميلاد في ساحة كنيسة المهد ولم تعزف فرق الكشافة لدى دخول بطريرك اللاتين بيير باتيستا بتيسابلا ساحة الكنيسة بسبب الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وبدل أن يحمل أعضاء فرق الكشافة الآلات الموسيقية في المسيرة السنوية التقليدية مع بدء الاحتفالات بعيد الميلاد، رفعوا لافتات تدعو إلى وقف الحرب على قطاع غزة، وذلك يوم الأحد 24 ديسمبر 2023، ومما كُتب على اللافتات التي رفعها أعضاء فرق الكشافة “سلام لغزة وأهلها” و”غزة في القلب” و”نريد حياة لا موت” و”يريد أطفالنا أن يلعبوا ويضحكوا”.
عيد ميلاد حزين في بيت لحم
قال البطريرك بيتسابلا للصحافيين لحظة وصوله إلى ساحة كنيسة المهد التي بدت خالية سوى من بضع عشرات من المواطنين: “هذا عيد ميلاد حزين جداً”.
وأضاف: “مثلما رأينا لا توجد أجواء للسلام لأننا في حرب رهيبة، ونعبر عن تعاطفنا مع أهالي غزة، جميع أهالي غزة، وعلى وجه الخصوص المجتمع المسيحي في غزة الذي يعاني، وأنا أعلم أنهم ليسوا وحدهم من يعاني. هناك أكثر من مليوني شخص يعانون من التشريد والجوع في ظروف لا يمكن تحملها”.
أوضح البطريرك أن “رسالة الميلاد هي السلام وليست العنف.. السلام العادل لكل الفلسطينيين الذين انتظروا طويلاً دولتهم وحريتهم”.
وأضاف “في هذا التوقيت علينا أن نكون متحدين، وهذا مهم. العدو يريد لنا الانقسام.. والشيطان يريد لنا الانقسام. لكن يجب علينا أن نكون متحدين. قوتنا في الاتحاد.. مسيحيون ومسلمون. وأقولها لكل الفلسطينيين.. الاتحاد أمر ضروري حتى تعملوا معاً من أجل الحقوق والكرامة وإنهاء الاحتلال؛ لأن هذا هو أصل المشكلة”.
وعبر البطريرك عن أمله في أن يكون “عيد الميلاد في العام المقبل مليئاً بالفرح والحياة والأطفال لأن عيد الميلاد بدون الأطفال ليس عيداً حقيقياً”.
غياب الزينة عن بيت لحم بسبب حرب غزة
ولم تتزيّن شوارع المدينة كعاتها بأشكال مختلفة من الإضاءة ولم يأتِ إليها المواطنون، مسيحيين ومسلمين، إلى ساحتها في ظل غياب مظاهر الاحتفال والاقتصار على الشعائر الدينية.
وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس: “يأتي ميلاد السيد المسيح هذا العام، ومدينة الميلاد، بيت لحم، تعيش حزناً لم ترَه قبل هذا اليوم، قوى الاحتلال تبطش وتقتل أطفالاً فلسطين، وتختطف الابتسامة البريئة من وجوه الأحياء منهم، حيث لم يسلم أحد من أبناء شعبنا، النساء، والرجال، وكبار السن من هذا القتل والإرهاب ومحاولات التهجير القسري وتدمير الآلاف البيوت، ما يذكّرنا بما حدث في نكبة عام 1948”.
وأضاف في كلمة بثتها الوكالة الرسمية بمناسبة عيد الميلاد: “أقول لأبناء شعبنا ولعائلاتنا التي تتخذ من الكنيسة في غزة ملجأ لها، والذين لم يسلموا من همجية العدوان الإسرائيلي، ولجميع أبناء غزة، بأن عذاباتكم، وعذابات شعبنا في الداخل والخارج لن تذهب سدى، وإن شمس الحرية والدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، آتية لا محالة، بل إنها قاب قوسين أو أدنى”.
وحيا عباس في كلمته الشعوب التي خرجت في مسيرات للمطالبة بوقف الحرب على غزة وقال: “أما أنتم يا شعوب العالم، فإننا نحييكم ونشكركم، على خروجكم إلى الشوارع في جميع أنحاء العالم، مطالبين بالحرية لفلسطين، وهذا فخر لنا وهزيمة للطغاة”.
ولم يُعلن رسمياً إن كان عباس سيشارك في قداس منتصف الليل مثلما جرت العادة أم سيرسل ممثلاً عنه.
إلغاء الاحتفالات بسبب الحرب
وفي نوفمبر 2023 أعلنت الكنائس في القدس إلغاء الاحتفالات الخاصة بعيد الميلاد المجيد؛ بسبب حرب إسرائيل على غزة، فيما أعلنت كنائس ومؤسسات بيت لحم، السبت، اقتصار الأعياد على الطقوس الدينية.
وخلافاً لسنوات سابقة، غاب الحجيج القادمون من خارج المدينة نتيجة للحرب على غزة، ومن الداخل بسبب الإجراءات والحواجز الإسرائيلية المحيطة ببيت لحم.
الأب عيسى ثلجية، كاهن رعية الروم الأرثوذوكس في بيت لحم، قال إن “أجواء بيت لحم حزينة، لم نرَها حزينة كاليوم، لا زينة ولا أعياد ولا شجرة ميلاد ولا موسيقى ولا كشافة أو أي مظهر يدل على البهجة والعيد”. وأضاف: “من قلب مدينة الميلاد، مدينة بيت لحم وكنيسة المهد بالذات، نرسل رسالة محبة وسلام رغم الألم والدمار والحرب”.
ثلجية تابع: “نحن في وضع صعب جداً، وصامدون. وفي مدينة بيت لحم نرفع أدعيتنا لربنا حتى يعطينا السلام، ويستطيع الناس العيش بحرية وسلام، وأن يستطيع أطفال بيت لحم وغزة العيش في حرية”.
جدير بالذكر أنه ومنذ 7 أكتوبر 2023، يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي حرباً مدمرة على غزة خلّفت حتى ظهر الأحد 20 ألفاً و424 قتيلاً، و54 ألفاً و36 جريحاً، معظمهم أطفال ونساء، ودماراً هائلاً في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة، وفقاً لسلطات القطاع والأمم المتحدة.
ورداً على “اعتداءات إسرائيلية يومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته”، شنت حركة “حماس” في ذلك اليوم هجوم “طوفان الأقصى” ضد قواعد عسكرية ومستوطنات إسرائيلية في محيط قطاع غزة.
وقتلت “حماس” في الهجوم نحو 1140 إسرائيلياً وأسرت حوالي 240، بادلت قرابة 110 منهم مع إسرائيل، التي تحتجز في سجونها أكثر من 7800 فلسطيني، وذلك خلال هدنة استمرت أسبوعاً حتى 1 ديسمبر 2023.