الرئسيةثقافة وفنوندابا tv

السينما و فيلم أعجبني..ربيكا، حين يتكرر التاريخ يتحول إلى مأساة أو ملهاة + فيديو وصور

هذه المادة يتم إنجازها بشكل مشترك بين ّدابا بريس” ومجموعة عشاق الفن السابع التي يديرها الكاتب عبد العزيز كوكاس.

 

 

 

حلقة اليوم: ربيكا.. حين يتكرر التاريخ يتحول إلى مأساة أو ملهاة

 

الكوكاس
بقلم الاعلامي والكاتب عبدالعزيز كوكاس

فيلم “ربيكا” Rebecca الذي أصدره ألفريد هتشكوك عام 1940، مقتبس من رواية دافني دو مارييه عام 1938 التي تحمل نفس الاسم، ونال بسببه هيتشكوك جائزة الأوسكار اليتيمة في حياته السينفلية، لقد تفوق على أعماله الشهيرة مثل “Rear window” و”Psycho” و”Vertigo”.

ويظل أكثر جودة من فيلم ربيكا الجديد الذي قدم على منصة نيتفليكس عام 2020، وأخرجه سينمائي واعد هو بين وايتلي وأدت دور البطلة الممثلة ليلي جيمس، والذي تم استهجانه باعتباره مليئا بالتفاصيل المملة والعديد من الأحجية التي حاول المخرج الشاب أن يسد بها فراغ تحويل لغة الرواية السردية إلى فليم، فيما ملأه هتشكوك بالصورة عبر ثنائية الظل والضوء، أما الممثل آرمي هامر في نسخة ربيكا الجديدة فبدا أداؤه جد متصنع بل ومضجرا، ولا يشد انتباه المشاهد، فيما تضيع ليلي جيمس على غير عادتها في القصر تصرخ أنها لا تؤمن بالأشباح وحين تجد الكل يناديها ريبيكا، تعطي الانطباع أنها مريضة نفسانيا تعاني من بانوريا، في حين ليس هذا ما قصدته رواية “ريبيكا” الذي التقطه هيتشكوك ببراعة.

فيلم “ريبيكا” دراما نفسية حول بطلة لا نعرف لها اسما (أدت دورها جوديث أندرسون) انتقلت بعد زواجها من الأرستقراطي ماكسيم دي وينتر (لورانس أوليفييه) إلى منزله المحبوب الباذخ مانديرلي حيث شبح زوجته الأولى المتوفاة ريبيكا.

حتى بعد مرور أكثر من ثمانين عاما على إطلاق الفيلم، لا تزال “ريبيكا” هتشكوك تمثل درسا متقدما في إنشاء دراما نفسية مثيرة للسينمائيين.. ومنذ صدورها عرفت رواية “ريبيكا” عدة اقتباسات، أولها مسرحية إذاعية لأورسون ويلز، وثانيها كلاسيكية هيتشكوك، كما تحولت إلى سلسلة مسلسلات قصيرة مقدمة للتلفزيون، وآخرها فلم وين وايتلي وجدير بالذكر أن الكاتبة الإنجليزية دو موريير خطت العديد من الروايات الناجحة، لكن رواية “ريبيكا” تبقى هي الأشهر.

بعد تعارفهما في “مونتي كارلو” وقصة عشق جارفة، تصل شابة من طبقة اجتماعية دنيا إلى منزل عائلة زوجها على ساحل إنجليزي تعصف به الرياح ويبدو كما لو أنه مليء بأشباح زوجته السابقة الراحلة، فتجد نفسها تقاتل في ظل زوجته الأولى ريبيكا، التي لا زال يعيش إرثها وأثرها في المنزل حتى بعد فترة طويلة من وفاتها.

حبكة ريبيكا تبدو كقصة رومانسية بملامح فلم رعب، سرعان ما ستكتشف الزوجة الجديدة أنه لا مكان للحب داخل أسوار قصر مانديرلي. عندما برز مكسيم لأول مرة، كان متعجرفا فخورا بعروسه الجديدة، التي لم يتم تسميتها مطلقا ولم يُشر إليها إلا باسم السيدة دي وينتر بعد زواجهما.. تقع علاقتهما في قلب ريبيكا التي تبرز قوتها على الرغم من وفاتها، إلا أنها لا تزال تتمتع بسلطة كونها مدبرة المنزل، السيدة دانفرز (جوديث أندرسون) وزوجها مكسيم. إن قبضتها تجعلنا نشعر كما لو كانت لا تزال على قيد الحياة، مما يطارد السيدة دي وينتر في محاولتها أن تحل محلها.

تمثل ريبيكا هيتشكوك لعبة سينمائية متقنة في خلق جو قمعي داخل بيت الزوجة الجديدة. ونجح المصور السينمائي في جعل الظلال مثيرة للذكريات، مما يجعل صوت وصورة ربيكا المتوفاة وكأنها توجد في كل زاوية. هذه الظلال تجعل حركات السيدة دي وينتر مقيدة ومرعوبة. الخوف الذي يخلقه المنزل يحتجزها داخل جدرانه. هذا الشعور بالاختناق يمنح ريبيكا هيتشكوك بعد عنصر التشويق، يلعب لورانس أوليفييه ببراعة دور رجل مضطرب حتى عندما يكون حاضرا جسديا، وهو أمر نادر، لا يستطيع أن يسلم نفسه بالكامل لزوجته الجديدة..

ريبيكا ليست فقط واحدة من أكثر أفلام هيتشكوك التي لا تنسى، ولكنها واحدة من أفضل أفلامه. بل أكثر الأفلام التي لا تنسى في هوليوود. لذلك قدم منتقدو نسخة نيتفليكس لعام 2020 من ريبيكا تنقيطا سلبيا. لان النسخة الجديدة برأيهم لا ترقى إلى الفيلم الحائز على جائزة الأوسكار لألفريد هيتشكوك عام 1940. لقد كانت الكاميرا فقط هي من يتكلم، في وصف حضور روح ريبيكا، لا يتكلم ماكسيم كما في نسخة نيتفليكس، بل يحضر صوتها فقط، وأثر ظلها لنعرف أنها تملك سلطة خارقة في القصر الفخم حتى بعد رحيلها لم تنجح الدخيلة الجديدة في ملئه.

فيلم ربيكا تحكمه حكاية خيالية مليئة بالثراء والحب والخطر، تبدو الزوجة الميتة ريبيكا امرأة قوية ومستقلة في قراراتها على النقيض من السيدة دي وينتر الجديدة، التي هي أكثر هدوءا وتفتقد الأمان والثقة بالنفس. كانت ريبيكا خبيرة اجتماعية وزوجة ناجحة على ما يبدو، في حين أن العشيقة الجديدة المحرجة لا تملك سوى موهبة ضئيلة في الرسم.

في الحلقة القادمة:  “الفتاة الدنماركية” مخاض قضية حساسة من خلال قصة رائد المتحولين جنسيا

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى