“نُوزْهَة”. لـ.”عائدة” “الْخَاطِرِ”
أمال حجي
عَادَتْ..
هِي ” عَائِدَةٌ” مِنْ رحَلَةٍ كانت نَحْوَ ” نُور اللهِ”.
عَادَتْ ل ” نوزهة ” الْخَاطِرِ:
عَلَى خَاطِرِي،
متِي عَلَى خَاطِرِي.
لِلرَّوْضِ الْعَاطِرِ،
للدَّةِ، للدَّةِ الرّوحِ وَالْجَسَدِ للجرح الماطر.
مُتَا مُتَا مُتَا:
مُتَا فِي رَوْضِكما الْعَاطِرِ.
لَكما الْمَوْت وَحَدَكما فموتا كَمَا شِئتما.
مُتَا ..
مُتَا فِينَا
يَا ابْنَتي الْبَطْحَاء الدمشقية
لَمَّا الْبَطَحَا تنَام عَلَى مَرَمَّةِ الْخُلُودِ
أُنْتما الَّلاتِي تَعْرِفُ دمشق وَطْأَتهما (1)
فِي تَجَاعِيدِ بَلْدَةٍ بَعيدَةٍ تَنْهَارُ كَالْشَّمْعَةِ
تَذُوبُ فِي مَاءِ الْوَرْدِ وَالْيَاسَمِين.
لَمَّا الْغِيَابُ يَقْسُو عَليَّ كَطِفْلٍ شَرِيدٍ.
كَطَيْرٍ يشتهي قَمْحهُ، يُعَانِقُ شَدْوُهُ
كَيَمَامَةٍ مِنْ وَرِيدٍ إِلَى وَرِيد آخرَ
يَسِيلُ دَمُهَا بَيْنَ ضُلُوعِكَ
فَتموتُ جَنْبهَا فِي نَوْمَةِ الْخُشُوعِ.
سَأَشُقُّ صَدْري لَكما،
كَيِ أمْشِي جَنْبَ حَائِطِ مَبْكَاي
أمْشِي أَدُقُّ أَبْوَابَ السَّمَاءِ
سَأَرْمِي نَفَسِي طَرِيدًا كَطَيْرِ الْبَجَعِ، …
عَلًّ السَّمَاءَ تُمْطِرُ لِي السَّكِينَةَ بَعْدَ الْوَجَعِ.
مُشَرّدًا كليالي الْأُنْسِ
فِي حُزْنٍ عَمِيقٍ
فِي حَدَائِقَ فَاسَ الْعَتِيقَةَ
اجول فِي ” نوزهة”
الرَّيَاحِينِ وَالْعَنْبَرِ وَالنَّدِّ وُعُودِ الْمَرْمَرِ وَطِيبِ يَاسَمِينِ قَمَرٍ فضِّيٍّ يسْتَقْطرُ مِنْ روحِهِ قَطْرَ النَّدَى مِنْ قَضِيبِ الْخَيْزُرَانِ:
يَا ” نوزهة ” فِي خَيَالِي
يَا عِشْقَ نِسَاءِ بِلَادِي
يَا حُبَّ الازقة وَالدُّرُوبِ
وَمَصَابِيحَ تَلهتُ وَرَاءكَ وَوَرَائِي.
حِينَ تَغِيبَانِ عَنِي:
أكون قد اشتقت اكْثرْ.
وَحِينَ اشْتَاق:
اتوه كَالْمَعْتُوهِ فِي الزَّوَايَا وَالْمدَارِسِ وَالنَّوَافِيرِ وَالنَّوَاطِيرِ وَالْمدَى وَالْخَيَال،
عَلَّنِي أَجِدُ نَفْسِي، فَلَا أَجِدُ لِنَفْسِي فِي هَذَا الكون أثَرًا.
حِينَ أمر عَلَى مقربَة مِنْ مضَاجِعِ الْجلُودِ..
اُخْلع جلْدِي كُلَّهُ عَلَى مَدَاخِلِ ” سيدِي عَبْد الرَّزَّاق ”
اصيح فَوْقَ التَّلِّ قَرِيبًا مِنْ بَقَرَةٍ حَلُوبٍ
تُنْبِتُ رُمَّانًا وَمِشْمِشًا وَبَعْضُ الْخوخ وَقَلِيلٍ مِنَ الْبُرْتُقَالِ:
هَدِيَّةً لَنَا.
وَأَعُودُ الْقَهْقَرَى إِلَى “سَيِّدِنَا الْخَلِيلِ”
فَلَا اُجدُنِي هُنَاكَ
أراوح مَكانِي ذَهَابًا دُونَ عَوْدَةٍ هُنَاكَ
لِوَحْدِي أَتَأْبطُ ظِلّكُمَا،
فَأَتَنَفَّسُ الصُّعَدَاءَ فِي أَضْيَقِ زُقَاقٍ فِي الكون.
حَمَلكُمَا، الْخلاَّنُ حَمَلكُمَا الى الْمَثْوَى الْمُسَيَّجِ بِالْبَيَاضِ،
فَوْقَ ظهْرِ “الْمَهْدِيِّ الْمُنْتَظَرِ”، يَجُرّ:
وَأَلمَاهُ، وَأَلمَاهُ، أذْيَالَ الْوَجَعِ لِوَحْدِهِ،
يَتَسَاءَلُ بِحَسْرَةِ طِفْلٍ رَضيعٍ: أَيْنَ لِي أَن أَرَاهَا ؟؟
أَيْنَ لِي أَن أعَانِقَ ظِلّهَا ثَانِيَةً فِي خَيَالِ الطَّبِيعَةِ بِنَهْرِ الدُّموعِ الْمهْرَاقَةِ ؟؟؟
وَعَادَ الْجَمِيعُ.. الْكلّ عَادَ، مِنْ فَاسَ الْقَنَادِيلِ،
وَفِي جِبَاهِهِمْ فَرَاغ،
فِي جَوْفِهِمْ صَمْتٌ الْمَسَاجِدِ وَالْكَنَائِسِ،
وَالْقَدَرِ اللَّئِيمِ.
فَأَفِرُّ، وَأَفِرُّ: وَأَمرٌّ هَارِبًا،
مُتَّكِئًا عَلَى عَصَاَي مِنْ لَهَبٍ،
قُرْبَ الْمَسْجِدِ الْأمَوِيّ، وأَبْوَابِ الْفُتُوح:
الزَّعْفَرَانُ مِنْهُ فِيكُمَا، يَفُوح.
أَغَلِقٌ أَبْوَابَهُ كَيْ لَا يَرَاكُمَا أحَدُ..
كَيْ لَا يَخْطِفُكُمَا الْمَوْتُ مَرَّةً أُخْرَى،
وَتموتَانِ، يَا اِبْنَتِي الشَّعْبِ،
وَنموت عَلَى الْقُرْبِ مِنْكُمَا مِثْل فَرْخَةٍ مَذْبُوحَةٍ تَفْرُكُ مَكَانَهَا مَاءَ الْعَيْنِ الى الْأبَدِ..