الحكومة تتهرب من إيجاد الحلول الناجعة وتجعل رجالات الأمن في محك الصراع مع المواطنين
يشهد المغرب في السنوات الأخيرة توترات اجتماعية وسياسية متزايدة، نتيجة قرارات حكومية اعتبرها الكثيرون غير موفقة، أثارت غضب واستياء فئات واسعة من الشعب.
وفي ظل هذا السياق تفاقمت الاحتجاجات و تنامت مظاهر الغضب الشعبي، ليجد رجال الأمن أنفسهم في مواجهة مباشرة مع الجماهير الغاضبة، ويصبحوا بشكل غير مباشر “جلادين” أو “ضحايا” ضمن مسلسل قرارات سياسية واقتصادية لم تكن لهم يد فيها.
أثارت الحكومة المغربية خلال السنوات الأخيرة بين فترة العدالة والتنمية والاحرار جدلاً واسعًا، بسبب قرارتها التي مهد لها من سابقتها سواء على المستوى الاقتصادي، مثل رفع الدعم عن بعض المواد الأساسية أو تطبيق سياسات تقشفية، أو على المستوى السياسي من خلال عدم الاستجابة لمطالب الحراك الاجتماعي في عدة مناطق.
هذه القرارات تُشعر فئات واسعة من الشعب بأن الحكومة بعيدة كل البعد عن مصلحتهم المباشرة، ما يزيد من فقدان الثقة في الطبقة السياسية ويؤدي إلى اندلاع الاحتجاجات بشكل متكرر.
حيث مع كل قرار حكومي تتفاقم الأعباء الاقتصادية على المواطن، ويخرج الناس إلى الشارع للتعبير عن رفضهم، لكن بدلاً من أن توجه الاحتجاجات نحو صانعي القرار ومحاولة هؤلاء ايجاد حلول سياسية بشكل مباشر، يجد رجال الأمن أنفسهم في الخط الأمامي في المواجهة، ما يضعهم في موقف صعب بين الحفاظ على النظام وتنفيذ الأوامر من جهة، وبين التعامل مع المواطنين الغاضبين الذين يرونهم ممثلين للسلطة.
فعوض ايجاد الحلول السياسية التي يمكن أن تضع حدًا للاحتقان، والاستماع إلى مطالب المحتجين والبحث عن حلول جذرية للمشكلات الاقتصادية والاجتماعية، تعتمد الحكومة على القوة الأمنية لاحتواء الاحتجاجات، مغيبين احتمال ان هذه الاستراتيجية تزيد من تأجيج الغضب الشعبي وتضع الأمن في مواجهة دائمة مع المواطنين، دون معالجة الأسباب الحقيقية للأزمة.
إن الثمن الذي يدفعه رجال الأمن ليس ماديًا فقط، بل نفسيًا واجتماعيًا أيضًا، فهم يتعرضون لضغوط نفسية كبيرة أثناء تأدية واجبهم في مواجهة المواطنين الغاضبين، ما يزيد من صعوبة مهامهم اليومية، في الوقت نفسه، ينظر إليهم على أنهم أداة للقمع بدلاً من أن يكونوا أداة حماية واستقرار، ما يجعلهم عرضة هم أيضا للانتهاكات.
تحميل الأمن مسؤولية مواجهة نتائج القرارات الحكومية المتعثرة هو استنزاف غير عادل لمجهوداتهم، فالحل لا يكمن في القمع أو السيطرة الأمنية، بل في الإصلاحات السياسية والاقتصادية التي تستجيب لتطلعات الشعب، حينها فقط، يمكن للبلاد أن تسير نحو الاستقرار، دون أن يدفع رجال الأمن ثمن الفشل السياسي.