قال محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، إن المادة 3 من مشروع قانون المسطرة الجنائية، التي تمنع الجمعيات الحقوقية من التبليغ عن جرائم الفساد ، اعتمدها من المادة 9 من ميثاق أخلاقيات حزب الأصالة والمعاصرة.
جاء ذلك، في تدوينة للغلوسي، على صفحته على الفايسبوك، حيث أوضح أن هذه المادة أي الثالث من مشروع قانون المسطرة الجنائية، تقيد النيابة العامة في تحريك الأبحاث واقامة الدعوى العمومية ،وتمنعها من التحرك التلقائي، إذ على هذه الأخيرة أن تنتظر توصلها بتقارير من المجلس الأعلى للحسابات والمفتشية العامة للداخلية، والمفتشية العامة للمالية.
وتابع من خلال مقارنته بين المادتين، بأن المادة 9 من ميثاق أخلاقيات حزب الأصالة والمعاصرة، ايضا لايعترف بالمتابعة القضائية التي تحركها النيابة العامة تلقائيا او بناء على شكايات الجمعيات الحقوقية ضد منتخبيه ومسؤوليه الذين يتولون تدبير المؤسسات الدستورية،
وأضاف أنه و بالرغم من حديث المادة المذكورة عن متابعة جنائية او جنحية عمدية مرتبطة بتدبير الشأن العام، إلا أن ذلك يتوقف على احالة من طرف المؤسسات المشار اليها في المادة 9، وهذه المادة التي تحمل بصمات الجهات التي تغولت بفعل تشابك المصالح والمنافع المتأتية من مواقع الإمتياز والسلطة ضدا على الفصل 36 من الدستور، وتحالفت مع أصوات وجهات أخرى تشكل امتدادا للريع والفساد ،وتحالف نفعي وتآمر ضد مؤسسات الدولة (النيابة العامة ،البرلمان ).
وأوضح الغلوسي أن هذا التحالف النفعي وبتوظيف خبيث وانتهازي مقيت للبرلمان والأغلبية الحكومية هي من صاغت المادة 3 من مشروع قانون المسطرة الجنائية، التي صفدت يدي النيابة العامة وجعلت رئيسها تحت تصرف لوبي وأخطبوط الفساد وزواج السلطة بالمال،
واضاف المتحدث نفسه : ب”أنها شبكات ومافيات فساد وتبييض اموال تتحدث باسم الشرعية المفترى عليها للتآمر ضد الدولة والمجتمع.
ونبه في تدوينته الإرادات الصادقة والضمائر الحية ومؤسسات الدولة، الى خطورة ما يدفع اليه البعض ، قائلا:”انهم يريدون ليّ ذراع المجتمع والدولة والتمكين للفساد، وحماية حفنة من اللصوص والمرتشين من المحاسبة، وتكريس التمييز بين المواطنين امام احكام القانون وقواعد العدالة”.
واضاف ” انهم يؤسّسون لتغول الفساد والنهب وجعل المؤسسات وسيلة لمراكمة الثروة وحماية مصالحهم المتحصلة من مستنقع الفساد والرشوة”.
وفي الاخير قدم محمد الغلوسي ملحوظة كون المادة 9 من ميثاق الأخلاقيات لحزب البام وما بعدها إلى غاية المادة 14 منه لم يطبقها المكتب السياسي ولجنة الاخلاقيات ضد منتخبين محسوبين عليه متابعين قضائيا بجرائم الفساد المالي ومنهم من صدرت ضده احكام قضائية.
يشار في هذا الصدد، أن وزير العدل عبداللطيف وهبي سبق له وأن أطلق وعيدا يتم بموجبه حرمان جمعيات حماية المال العام من وضع شكايات ضد المنتخبين وشخصيات تمارس مهام عمومية بتهم تتعلق بالفساد ونهب المال العام، وجعلها حصرية في وزارة الداخلية والمجلس الأعلى للحسابات ومفتشي الضرائب وهيئة مراقبة الرشوة، وكان ربط ذلك بأن الذي من حقه هو من يمتلك ذلك المال وهو وزير الداخلية، وبأنه لا حق لأحد لوضع شكايات إلا إذا كان مصدر المال من عنده، قافزا على أن الأمر يتعلق في نهاية المطاف بمال عام مال كافة المغاربة.
وهاهو الوزير يستغل فرصة وضع مشروع قانون يخص المسطرة الجنائية لينزل المادة الثالثة فيه، والتي تنص على حصر وضع شكايات ضد الفساد وناهبي المال العام، ومنع الجمعيات المعنية بمحاربة هدر المال العام من ذلك.
وكان مجلس الحكومة صادق الخميس 29 غشت من السنة الجارية، على مشروع القانون رقم 03.23 بتغيير وتتميم القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية، أخذا بعين الاعتبار الملاحظات المثارة.
يشار أيضا بهذا الخصوص، ان المادة الثالثة من مشروع قانون المسطرة الجنائية الذي صادقت عليه الحكومة، تشير بأنه “لا يمكن اجراء الأبحاث وإقامة الدعوى العمومية في شأن الجرائم الماسة بالمال العام، إلا بطلب من الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيسا للنيابة العامة بناء على إحالة من المجلس الأعلى للحسابات، أو بناء على طلب مشفوع بتقرير من المفتشية العامة للمالية أو المفتشية العامة للإدارة الترابية أو المفتشيات العامة للوزارات أو من الإدارات المعنية، أو بناء على إحالة من الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها أو كل هيئة يمنحها القانون صراحة ذلك، وهو ما تعتبره جمعيات من المجتمع المدني ومنها الجمعية المغربية لحماية المال العام، والتي اعتبرته يعني عمليا تطبيق الوعد الذي كان تحدث فيه وزير العدل عن منع جمعيات المجتمع المدني من إقامة دعاوى ضد المفسدين وسراق المال العام.
اقرأ أيضا…
جدير بالذكر، أن الجمعية المغربية لحماية المال العام نظمت أول أمس السبت 21 شتنبر امام البرلمان وقفة الإحتجاجية، وهي وقفة لإستنكار توجه لوبي الفساد وزواج السلطة بالمال الهادف إلى التضييق على المجتمع المدني في التبليغ عن جرائم الفساد ونهب المال العام ، وهو توجه اعتبرته الجمعية بات يشكل خطرا على الدولة والمجتمع، ويسعى إلى تعميق واشاعة الفساد والإثراء غير المشروع، ويوظف المؤسسات وضمنها البرلمان لتوفير الحصانة والحماية لحفنة من المرتشين واللصوص وسماسرة العمل السياسي.