قال محمد الغلوسي رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، إنه وفي الوقت الذي كان من المفروض أن تتفاعل إيجابيا مع التقرير السنوي للهيئة الدستورية، الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة، خرجت حكومة أخنوش التي وصفها بأنها حكومة تضارب المصالح عبر ناطقها الرسمي، محمد بايتاس، لتهاجم مؤسسة دستورية.
وأضاف الغلوسي في تسجيل صوتي مباشر تعقيبا على ما صرح به بايتاس في الندوة الصحافية التي أعفبت اجتماع الحكومة يوم أمس الخميس، حيث سجل هذا الأخير اندهاش الحكومة لعدم الانتباه للإجراءات الذي تقوم بها في محاربة الفساد، ولم يسجل قلقها ولاحزنها ممن فقدناهم في الزلزال ولا ضحايا الفايضانات، حيث لم تتدخل في الوقت المناسب، واختفت بشكل نهائي خلال تلك الوقائع، مثلما لم تواجه الإضرابات ولا الأزمة المستعصية لطلبة الطب والصيدلة، وتخلت عن مهامها وباتت تستند بأطراف أخرى لتحل لها هذه الأزمة.
وتابع الغلوسي في السياق ذاته، أنه وبغية أن تبين الحكومة للمغاربة أنها معنية بمكافحة الفساد، سجلت عبر ناطقها الرسمي ان الهيئة لم تنتبه أنه هناك متابعات قضائية حاصلة ضد من تطاولوا على المال العم، أو مارس فعلا من أفعال الفساد، وكأنها تنسب هذه المتابعات للحكومة، مع العلم أن هناك فصل للسلط، واستقلالية السلطة القضائية، ومع العلم أيضا، يضيف الغلوسي، ان الذي أحال هذه الملفات هم إما النيابة العامة، وإما الشرطة القضائية عن طريق النيابة، وإما عن طريق المجلس الأعلى للحسابات..
في السياق نفسه، تسأل رئيس جمعية حماة المال العام، عن ما دخل المتابعات القضائية في عمل الحكومة، إذ أنه هذه الأخيرة، بناء إما على شكايات الجمعية، أو على شكايات جهات أخرى، وبالتالي لا يد للحكومة مطلقا في هذا الموضوع، فضلا يقول الغلوسي، أن الذي حركت ضدهم هذه المتابعات على الحكوم أن تخجل، لأن 30 برلمانيا ضمنهم متابعين ينتمون لأحزاب الأغلبية الحكومية، مستشاريين جماعيين وبرلمانيين، وبالتالي إذا كانت الحكومة قامت بإجراءات لمكافحة الفساد فالأحرى أن تقوم بها في صفوف أحزابها.
وبعد أن سجل المتحدث ذاته، أن تقرير الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة، لموسم 2023 لم يتضمن جديدا، و لم يتطرق للعديد من الوقائع، وفضل غض الطرف عليها، أكد أن المغاربة تفاجئوا بسقوط شبكات فساد واسكوبار الصحراء وغيره، الذي تورط فيها قادة وزعماء ينتمون لأحزاب الأغلبية الحكومية، وكيف أنه في صفوف أحزابها أعضاء تشوب حولهم شبهات تضارب المصالح، واستغلال مواقع النفود والسلطة، وضمنهم وزراء في الحكومة، وعلى رأسهم يضيف الغلوسي رئيس الحكومة نفسه، صاحب الشركات ورجل الأعمال، والذي لم يدع للاجتماع مع هذه الهيئة الدستورية، رغم أن المرسوم المحدث لهذه الهيئة، ينص من خلال الفصل الرابع على أن تجتمع على الأقل مرتين في السنة، فضلا أنها الية من اليات تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد.
وبهذا الخصوص وجه الغلوسي سؤالا مباشرا للناطق الرسمي باسم الحكومة، عن مصير هذه الاستراتيجية والتي بدأت فعليا في 2016 وستنتهي في 2025، والتي وردت فيها العديد من الإجراءات وفق مقاربة تشاركية تضم العديد من الأطراف في الحكومة ومن خارج الحكومة، وهي الاستراتيجية التي لحد الان، لم يعد يسمع عنها المغربة أي شيء.
في هذا الإطار، ذكر الغلوسي في التسجيل ذاته، أن الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة كانت راسلت رئيس الحكومة من أجل أن تجتمع هذه اللجنة لتقييم هذه الاستراتيجية ولمتابعة تنفيذ المقترحات الواردة في هذه الاستراتيجية المتضمنة للعديد منها لمقترحات مهمة، غير أن الناطق الرسمي للحكومة، لم يخبر المغاربة بمالها وبمصيرها، بل وبدل ذلك، يضيف المتحدث نفسه، وفقط لأن الهيئة فضحت واقع الفساد والذي وصل مستويات خطيرة، أظهرت الحكومة أنها لارغبة لها و لا تريد أن تستمع لذلك، لأنها ببساطة جزء من هذه البنية، بنية الفساد والريع.
إلى ذلك، اعتبر رئيس جمعية حمال المال العام، أن الناطق الرسمي باسم الحكومة في مهاجمته لهذه المؤسسة الدستورية، استعمل لغة فضة وغير مقبولة أخلاقيا وسياسيا وقانونيا، وهي نفسها اللغة التي سبق أن استعملتها مع مؤسسات دستورية أخرى ومنها المندوبية السامية للتخطيط، إذ كيف يشير الغلوسي، أن تقدم هذه الحكومة المغرب وهي تهاجم مؤسسات الحكامة الدستورية، بلغة فضلا أنها غير مقبولة فيها نوع من الاستعلاء والاستقواء، وفيها نوع بالدارجة “نشطبوا بكم الأرض”، وبأن توصياتكم “بخروا بها” وبأن تقاريركم لا تعنينا، وان ذلكم التقرير “سير لوحوه في سلة المهملات”.
واعتبر الغلوسي أن الحكومة لم تعبر عن انزعاجها من تقرير الهيئة وما أوردته بخصوص المقاولات الصغرى والمتوسطة وواقع الصفقات العمومية، واستشراء الرشوة وغيره مما ورد في تقريرها الأخير، وبالتالي الحكومة الحالية تعتبر اليوم امتدادا لهذه المراكز، بل إن ناطقها الرسمي، يضيف المتحدث ذاته، يكمل ويتمم ما يصرح به وزيرها في العدل، الذي يقول للمغاربة لا تبلغوا على الجرائم التي لها علاقة بالفساد، بل بلغوا فقط على الجرائم العادية التي تهم المواطنيين من سرقة وخيانة الأمانة..اي المتعلقة بعامة الشعب، وما يعتبرونه “رعاع”، غير أنه لا يحق لهم التبليغ عن جرائم الفساد التي يرتكبها ذوي اللياقات البيضاء، من المسؤوليين والمنتخبين، الذين يستغلون مواقع المسؤولية العمومية للاغتناء غير المشروع، وللفساد في مجالات الصفقات العمومية، مثلما لا يحق للجمعيات التبليغ عن هكذا جرائم.