حول العالم

«الإندبندنت»: جيرمي كوربين يعارض ضرب بريطانيا لسوريا.. لكن هل هو حقًّا ذو مبادئ؟

في تقرير نشرته «الإندبندنت» البريطانية، يتساءل «بول رنتورز» حول موقف البعض المؤيد لـ«جيرمي كوربين»، زعيم حزب العمال البريطاني، بعد معارضته التدخل العسكري البريطاني في سوريا؛ بل ويتعجب من أن البعض يعتبر الرجل ذا مبادئ بسبب موقفه من التدخل العسكري في العراق، لكن بالنظر قليلًا إلى تاريخه السياسي، هل يتفقون أيضًا مع موقفه من سيراليون؟ أو كوسوفو؟ أو البوسنة؟

يستهل الكاتب تقريره موضحًا أنه ليس ممن يستفيضون في عرض آرائهم الخاصة، لكن تزايدت مشاعر الإحباط لديه من جراء حجم الهراء الهائل الذي يتبادله كثير من الناس في نقاشاتهم حول ما حدث في سوريا في وقت سابق من هذا الأسبوع، لا سيما في تناولهم حقيقة أهداف التدخل، ومواقف بعض السياسيين.

هدف التدخل العسكري؟
يرى الكاتب أن من الأهمية بمكان توضيح أولًا الهدف من الضربات الجوية؛ فيقول: «لم تتعرض تيريزا ماي في تصريحاتها بشأن القرار الذي اتخذته بالإشارة أو حتى التلميح من بعيد إلى أنها أو أيًّا من حلفائنا قد تدخلوا من أجل تغيير النظام في سوريا، أو لتغيير موازين القوى في الحرب الشرسة والممتدة التي تدور رحاها هناك، أو حتى لتعريف روسيا من الآمر الناهي الحقيقي».

بل لم يدَّعِ أحد أن من شأن هذه الضربات أن تمنع الأسد من شن مزيدٍ من الهجمات بالأسلحة الكيميائية، يبدو أن كل ما تهدف هذه الضربات إلى تحقيقه هو تأكيد أن «إذا ما فكر الأسد في استخدام هذه الأسلحة مرة أخرى، فسيكون لديه انطباع بأن ما فعله لن يمر دون عواقب، إذا تكرر حدوثه مرة أخرى»، ويردف قائلًا: «نحن نحتفظ بحقنا في معاقبة الطغاة، والمستبدين، والمجرمين، والمجانين مثل الأسد على التصرف بهذه الطريقة. نقطة».

ما مدى مشروعيته؟
ثم يتعرض ثانيًا إلى مشروعية هذه الخطوة، فيقول إن التدخل الإنساني ركيزة أساسية معترفٌ بها على نطاق واسع للتدخل العسكري، فقد كان أساس التدخل في كوسوفو عام 1999 لوقف المذبحة والتطهير العرقي الذي مورس في حق مئات الآلاف من البشر هناك، إلا أنه لا ينبغي الاندهاش لدى معرفة موقف «جيرمي كوربين» آنذاك، إذ عارض هذا الإجراء أيضًا.

ويذكر أيضًا أن التدخل العسكري كان أساسًا للتدخل في سيراليون لإنقاذ قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، ومساندة بعثة الأمم المتحدة في هذا البلد، إلا أنه عارض ذلك القرار أيضًا.

أما بالنسبة لدور البرلمان، فيقول الكاتب إن الأحرى بنا إضافة نقطتين أخريين، الأولى باعتبارها مسألة تتعلق بالقانون الدولي، وبالتالي ليس هناك حاجة للرجوع إلى البرلمان في هذا الصدد، ويوضح أن سواء أكان استخدام القوة يُعد خرقًا للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة أم لا، فإن تصويت البرلمان بشأن هذا الخرق لن يقدم أو يؤخر. ويضيف ثانيًا أن «في ظل غياب دستور مكتوب، من الواضح جدًّا عدم توافر إطار قانوني ينص على أن البرلمان هو الهيئة المنوطة باتخاذ قرار التدخل العسكري».
نفاق الإمبرالية الغربية
ثم يتساءل الكاتب ثالثًا: هل بريطانيا من ترتكب ذلك؟ يعتقد الكاتب أن الكثير من الناس ينتقدون الإمبريالية والنفاق، وبغض النظر عن كل ذلك، فإن بريطانيا مستمرة في بيع الأسلحة للسعودية لاستخدامها في ذبح المدنيين الأبرياء في اليمن. يؤكد الكاتب أنه يتفق تمامًا مع ضرورة وقف بيع هذه الأسلحة، لكنه يتساءل مستنكرًا: «هل من أحدٍ يريد أن يقول لأم ذابت رئة طفلها للتو بسبب غاز الكلور: أشعر بشديد الأسف لخسارتك. إنه حقًّا أمر مروع. لكن أخشى أننا لن نستطيع فعل أي شيء حيال ذلك؛ بسبب مصالحنا المرتبطة ببيع الأسلحة للمملكة العربية السعودية؟».

ويوجه رسالة لمن يظنون أنهم بمنأى عن ذلك قائلًا: «أنتم لستم مجرد مشاهدين فحسب، إذا كنتم تريدون أن يكون لكم رأي في الأمر، فمن الأفضل أن تستعدوا للتفكير في مثل تلك الأمور كما لو كنتم من يتخذ هذا القرار، ويقدم هذا التفسير».
كوربين ومبادئ المصلحة
وانتقل الكاتب رابعًا لمواقف جيرمي كوربين السابقة، إذ وصف كوربين سابقًا معارضته لحرب العراق –التي على الرغم من عدم تحقيقها أي شيء يُذكر- أنها كانت إحدى أكثر اللحظات فخرًا في حياته السياسية. وقد يتفق الكثيرون مع موقفه في ما يخص العراق، لكن ماذا عن سيراليون، وكوسوفو، والبوسنة، هل يتفقون مع موقفه أيضًا؟

ويتساءل: «ماذا عن حرب الخليج الأولى عندما تدخلت بريطانيا ردًّا على محاولة صدام حسين التعدي على أراضي دولة مجاورة بالقوة؟»، ويضيف أن بطبيعة الحال لم تتدخل بريطانيا وحدها حينها، إذ أعطت الأمم المتحدة الإذن بالتدخل المسلح. هل احترم جيرمي -الذي يقول الآن إن بريطانيا بحاجة إلى التحرك من خلال الأمم المتحدة، والحصول على تفويض أممي قبل الشروع في التدخل- ذلك القرار الصادر عن الأمم المتحدة؟ «بالطبع لا». ويضيف أن كوربين في حقيقة الأمر لم يكتفِ بالامتناع عن دعم استخدام القوة في تلك الحادثة فحسب؛ بل طرح اقتراحًا في البرلمان لشجب القرار الذي أصدرته الأمم المتحدة.
يذكر الكاتب أحد المواقف الأخرى لكوربين، والتي حدثت قبل ذلك الموقف بفترة طويلة، وبعبارة أخرى قبل انتخابه، إذ عارض «مؤامرة حزب المحافظين»، والتي تتلخص في كونها مهمة لجزر فوكلاند من أجل منع شن بلد تديره طغمة عسكرية غزوًا على المواطنين البريطانيين هناك. ويؤكد أن بإلقاء نظرة شاملة على مسيرته المهنية، سنجد أنه لم يؤيد قرار اتخاذ تحرك عسكري ضد أي طاغية، أو سادي، أو مستبد، أو مضطرب نفسي، وبالتالي يتساءل عن مصداقية وصفه بأنه «رجل مبادئ»؟

ويختتم الكاتب تقريره قائلًا: «ليس كل تدخل عسكري مثل غزو العراق»، وحقيقة أن ترامب هو من يقوم بذلك، ليس سببًا كافيًا لعدم التدخل العسكري. ويعتقد أن القول بأننا «بحاجة إلى حل سياسي ليس بالأمر السهل؛ بل يكاد يكون بلا معنى». ويؤكد أنه لا يعتقد أن انتشار الصواريخ في السماء سيؤمن له الشعور بالأمان، لكنه من ناحية أخرى يشعر أن القواعد التي تمنع شخصًا ما من تعريض شعبه لنوع من التعذيب، حاضرة الآن وبقوة أكثر مما كانت عليه يوم الاثنين الماضي.
المصدر: الموقع الاعلامي ساسة بوست والترجمة للاعلامية مروة عبدالله

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى