أسعار الترفيه في المغرب بعيدة تماما عن القدرة الشرائية للمواطنين
في وقت يبلغ فيه الحد الأدنى للأجور في المغرب حوالي 2828 درهمًا شهريًا في القطاع الصناعي والتجاري والخدماتي، وحوالي 199 درهمًا أسبوعيًا في القطاع الفلاحي، تطرح أسعار الخدمات وأماكن الترفيه في البلاد تساؤلات جدية حول مدى ملاءمتها للقدرة الشرائية للمغاربة.
يبدو أن تسعير هذه الخدمات مصمم لشريحة محدودة من المجتمع، وكأن الأجور في المغرب تفوق هذا المستوى بكثير، مما يعكس فجوة اقتصادية واجتماعية عميقة.
مؤخرًا، أثار قرار تحديد ثمن ولوج حديقة الحيوانات بالدار البيضاء من قِبل نبيلة الرميلي، عمدة المدينة، موجة من الانتقادات.
فقد تم تحديد السعر بـ80 درهمًا للبالغين و50 درهمًا للأطفال، وهي أسعار تُعتبر مرتفعة بالنسبة للعائلات ذات الدخل المحدود، بحيث أن أسرة مكونة من أربعة أفراد قد تحتاج إلى دفع ما يقارب 260 درهمًا فقط لدخول الحديقة، دون احتساب تكاليف النقل أو الطعام، وهو ما يعادل تقريبًا 10% من الحد الأدنى للأجر الشهري.
هذه الأسعار، إلى جانب تكاليف الخدمات والمطاعم والأنشطة الترفيهية الأخرى، تجعل الترفيه في المغرب رفاهية لا يمكن التفكير فيها بالنسبة لغالبية الأسر، تناول وجبة واحدة في مطعم متوسط التكلفة أو قضاء يوم عائلي في منتزه أو حديقة ألعاب قد يكلف نصف الأجر الشهري، مما يدفع بالكثيرين إلى التخلي عن أي شكل من أشكال الترفيه لتلبية الاحتياجات الأساسية فقط.
الأسعار المرتفعة لهذه الخدمات تعكس انفصالًا واضحًا بين تسعيرها والواقع الاقتصادي للمواطنين، فالكثير من مقدمي الخدمات يوجهون أنشطتهم نحو السياح أو الطبقات الميسورة، متجاهلين الطبقة المتوسطة والفقيرة التي تمثل غالبية السكان.
هذا الوضع يعمق الإحساس بالإقصاء الاجتماعي ويؤدي إلى تفاقم الفوارق الطبقية.
تقول الدكتورة مريم أخصائية الأمراض النفسية أن الحرمان من الأنشطة الترفيهية له انعكاسات نفسية واجتماعية خطيرة، خصوصًا على الأطفال الذين يحتاجون إلى الترفيه لتنمية مهاراتهم وتحقيق توازن صحي في حياتهم، وغياب خيارات ميسورة التكلفة يعزز الشعور بالحرمان ويضع الأسر في معاناة مستمرة لتحقيق التوازن بين احتياجاتهم الضرورية ورغبتهم في الترفيه.
هذا وانه من الضروري، بل واجب الدولة توفير خيارات تناسب جميع الشرائح الاجتماعية، مثل تخفيض أسعار ولوج الأماكن العامة المدعومة من الدولة، ودعم الفعاليات الترفيهية المجانية أو ذات التكلفة الرمزية في الفضاءات العمومية. الترفيه ليس ترفًا، بل حق أساسي يجب أن يكون متاحًا للجميع، لضمان مجتمع أكثر عدالة وشمولية.