البنك الأوروبي والقرض الفلاحي.. شراكة لإنقاذ المقاولات الصغيرة في المناطق المتضررة من الزلزال
يأتي القرض المالي المقدم من البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية بالتعاون مع مجموعة القرض الفلاحي كخطوة استراتيجية لإنعاش المقاولات الصغيرة جدًا والصغرى والمتوسطة، في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها المغرب بعد زلزال سبتمبر 2023، هذه الشراكة تُترجم عبر اتفاقية قرض بقيمة بقيمة 50 مليون يورو، تهدف إلى تمويل و تزويد المقاولات المتضررة بالسيولة اللازمة لاستعادة نشاطها، وضمان استمرارية أعمالها في المناطق الأكثر تضررًا.
الاتفاقية، التي وُقعت بالرباط في 5 من ديسمبر، بحضور شخصيات بارزة من القطاعين الحكومي والمؤسسات المالية، تعد استمرارًا لمذكرة التفاهم التي أُبرمت في فبراير 2024 لتعزيز التعاون بين الطرفين في مجالات الشمول المالي والاقتصاد الأخضر.
فالتمويل المقدم سيستهدف بشكل أساسي الشركات التي تشكل العصب الاقتصادي في المناطق القروية، مما يساهم في تعزيز صمودها أمام التحديات الناجمة عن الكوارث الطبيعية وتداعياتها الاقتصادية.
و في هذا السياق، أكدت رئيسة البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، أوديل رينو-باسو، على أهمية هذا الدعم في مواجهة تداعيات الزلزال، مشددة على أن تمكين المقاولات الصغيرة والمتوسطة هو خطوة ضرورية لتحقيق الانتعاش الاقتصادي وتعزيز مرونة المجتمعات المحلية.
من جانبه، أوضح محمد فيكرات، رئيس الإدارة الجماعية للقرض الفلاحي، أن هذه الاتفاقية تمثل استجابة ملموسة لاحتياجات المقاولات في العالم القروي، مشيرًا إلى التزام المجموعة بتسريع الإدماج المالي وتعزيز التنمية العادلة والمستدامة.
كما تجدر الإشارة أن التمويل المقدم لا يقتصر على إنعاش الأنشطة الاقتصادية في المناطق المتضررة فقط، بل يتماشى مع رؤية المغرب لتحفيز الاقتصاد الأخضر، حيث يُخصص جزء من الموارد لدعم قطاعات الطاقة المتجددة والصناعات الغذائية والفلاحة، هذه القطاعات تمثل محاور رئيسية لاستراتيجية “الجيل الأخضر”، التي تهدف إلى تعزيز ريادة الأعمال في العالم القروي، وتطوير مقاولات قادرة على مواجهة التحديات البيئية والاقتصادية.
و مع ذلك، تبقى التحديات الهيكلية التي تواجه المقاولات الصغيرة والمتوسطة قائمة، فرغم أن هذه الفئة تمثل أكثر من 90% من النسيج الاقتصادي المغربي، إلا أنها تعاني من صعوبات في الوصول إلى التمويل وتلبية المتطلبات البنكية الصارمة، في هذا السياق، تبرز أهمية القروض المدعومة.
لكن الواقع يشير إلى وجود تحديات أكبر على مستوى التنفيذ، فغالبًا ما تفتقر المشاريع في المناطق النائية إلى البنية التحتية اللازمة لتنفيذ مشاريعها بنجاح، كما أن الدعم الموجه للمقاولات الصغيرة كثيرًا ما يعاني من سوء التوزيع، مما يجعل الشركات الكبيرة هي المستفيد الأول من هذه المبادرات، ولذا، فإن توجيه الموارد بشكل عادل ومستدام يتطلب تنسيقًا أفضل بين المؤسسات المعنية، وضمان وصول التمويل إلى الشركات الأكثر حاجة.
من جهة أخرى، الدعم المالي لا يمكن أن يكون كافيًا لتحقيق التحول المطلوب دون وجود برامج مرافقة تشمل التكوين المهني وتطوير المهارات الإدارية والتكنولوجية، هذه الجهود تساهم في تعزيز تنافسية المقاولات الصغيرة والمتوسطة، وزيادة قدرتها على الاستفادة من سلاسل القيمة الوطنية والدولية،.
في النهاية، تشكل هذه الاتفاقية نموذجًا للتعاون الدولي والمحلي لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية، لكنها تضع أيضًا مسؤولية كبيرة على الأطراف المعنية لضمان تحقيق أثر إيجابي طويل الأمد.