تقرير: إعادة بناء مناطق “زلزال الحوز” بطيئة و الإجراءات التي تم اتخاذها لا ترقى لمستوى التوقعات والوعود المعلنة
ذكر مرصد برنامج الأطلس الكبير لإعادة البناء بعد الزلزال، في تقرير أصدره حديثا، بأنه "لم يتم احترام المعايير المحددة في البداية، مثل؛ صيغ إيواء ملائمة في عين المكان وفي بنيات مقاومة للبرد وللاضطرابات الجوية، من قبل الجهات المسؤولة عن إعداد وبناء هذه البنيات".
جاء ذلك في التقرير الأول الذي قدمه لجمعية “ترانسبرانسي المغرب” التابعة له، حيث استعرض في ستين صفحة وانطلق من شهر شتنبر 2023 إلى أكتوبر 2024، حصيلة سنة من عمل السلطات العمومية المتعلقة بإعادة بناء وتأهيل المناطق المتضررة، وحيث خلص إلى “أن الإجراءات التي تم اتخاذها من طرف السلطات العمومية لا ترقى إلى مستوى التوقعات والوعود المعلنة”.
قال التقرير إن “البنيات ظلت غير كافية، نظرا إلى حجم الاحتياجات؛ بحيث كان على السكان التحلي بالصبر، أثناء انتظار بدء برنامج إعادة الإعمار وقبول طلباتهم”، كما أن “السكان استطاعوا إدارة حلول الإقامة الطارئة، بإمكانياتهم الضئيلة، مع الاعتماد على التضامن الأسري والجمعوي”.
أضاف التقرير أنه “تم، بشكل سريع، إطلاق برنامج إعادة الإعمار المبني على أربعة مبادئ؛ وهي الإنصاف والوضوح والإنصات إلى حاجيات السكان والمبادرات الفورية. وأثناء مرحلة تنفيذه، كان لمعيار المبادرة الفورية الأسبقية على المعايير الأخرى”،
سجل التقرير الأول وفي التقييم الأوليلمرصد “ترانسبرانسي المغرب”، “غياب المساواة في الولوج إلى مساعدات إعادة البناء، مع انخفاض بنسبة 20 في المائة في نسبة المستفيدين المحتملين (المساعدة بقيمة 140 ألف درهم)”، كما نتج عن عدم الإنصاف، “خلق شعور واسع النطاق بالإحباط والغضب والسخط بين السكان المتضررين؛ إذ لم يساعد عدم الوضوح في هذه العملية، مع مركزية المعلومات على مستوى السلطة المحلية، في تبديد هذا القلق الاجتماعي حول هذا الجانب من البرنامج”.
سجل المرصد أيضا وفق تقريره، الصعوبات في التنفيذ والتطبيق والشفافية والاتساق، واعتبرها كلها علامات تدل على تدبير متعثر ميز السنة الأولى بعد الزلزال، كما اعتبر ذلك فشلاً “علماً أن استعمال هذه الكلمة ليس بمبالغ فيه”، مؤكدا أن هذا الحكم ليس مبالغ فيه “إذا أدركنا الطموحات التي تم الإعلان عنها غداة الزلزال وما يعانيه 2.8 مليون نسمة من سكان هذه المناطق جراء هذا الوضع”.
أوضح التقرير أن السكان المتصررين “اضطروا إلى تحمل الظروف المناخية الصعبة للعام الثاني في انتظار تفعيل وانتعاش برنامج إعادة البناء”، مشيرا إلى أنه “بالنسبة للسنة الأولى من تنفيذ الالتزامات، لم تتسم حزمة التمويل المخصصة للبرنامج بالوضوح من حيث أهداف الميزانية؛ إذ لم يتم الإعلان عن المساهمات من خمسة مصادر تم تحديدها حتى 20 شتنبر 2024. كما لم يتم الإعلان عن مساهمات السلطات المحلية والتعاون الدولي من قبل الحكومة أثناء عمل اللجنة المشتركة بين الوزارات أو أثناء مناقشة مشروع قانون مالية 2024”.
لفت التقرير لمحاولات إعداد مواقع استقبال مجهزة بجميع وسائل الراحة المطلوبة، غير أنها لم تحقق النجاح المتوقعة منها، ومنها تلك التي قامت فيها السلطة المحلية والقوات المسلحة الملكية بتوفير الخيام في عدة أقاليم لضمان أماكن الإقامة الطارئة، غير أنه “بصرف النظر عن الأيام الأولى للزلزال، فسرعان ما هجر السكان هذه الخيام التي أقيمت وسط الجماعات الترابية”، حيث فضل السكان العودة إلى للاستقرار بالقرب من منازلهم التي دمرت كلياً أو جزئياً، والبقاء بالقرب من أنشطتهم الفلاحية أو تربية المواشي.
في تقيمه لالتزامات الدولة، ذكر التقرير أن محاور البنية التحتية وإنعاش الاقتصاد لم يجر تحديد أهداف تفعيلها، في وقت لم يتم تحديد طبيعة الوسائل المالية المخصصة لالتزامات البيئة، ومقاربة النوع، وأيضاً أهداف التفعيل، مشيرا أن “جل هذه المعطيات رافقها غياب المعلومة الدقيقة من طرف الحكومة”.
أوضح المصدر ذاته أن “برنامج إعادة الإعمار يواجه صعوبات عملية وهيكلية، أيضا. ويشكل التسلسل بين المراحل المختلفة (الشطر الأول، إعداد التصميم، الحصول على المواد، تضخم الأسعار، إلخ) مصدر ارتباك ومرارة بين المستفيدين”، و أن “تدخل السلطات العمومية، مع الرغبة الصارمة في التخطيط في هذه المناطق غير المعتادة على هذا النوع من التدخل، هو أيضا، مصدر لسوء الفهم والصعوبات”، مسجلا أن “السكان أظهروا مقاومة معينة لمعايير التخطيط العمراني للدولة”.
سجل التقرير، أنه وفيها جرى صرف المساعدات السكنية في الشطر الأول لفائدة 97 في المائة من الأسر المحصاة، أي 57.703 أسر من أصل 95.438 أسرة، لم يتجاوز تسديد أقساط الشطر الثاني 44 في المائة، وأقساط الشطر الثالث 22 في المائة، في حين استفادت نسبة 3 في المائة من الأسر فقط من أقساط الشطر الرابع حتى تاريخ 2 أكتوبر 2024.
أوضح التقرير في السياق ذاته، أن هذه الأرقام المجزأة لا تسمح بالحصول على فكرة دقيقة عن التطور حسب الجهة “لكنها تعطي تصوراً على التباطؤ في تسديد القسط الثاني والثالث والرابع، بعد اثني عشر شهراً من وقوع الزلزال”، مسجلا أيضا، أن معدلات الصرف “تظل منخفضة للغاية بالنسبة للشطرين الأخيرين (%3، %22)”، وهو ما يؤكد التأخير في مواقع البناء والصعوبات العملية في ضمان سلاسة سداد الأقساط لضحايا الكوارث، حيث “تواجه مواد البناء والنقل تضخماً مرتفعاً في أسعار ”.