أحكام قضائية بحق موظفين بوزارة الفلاحة تثير جدلاً واسعاً وتطرح تساؤلات
تستمر قضية الأحكام القضائية الصادرة بحق خمسة موظفين في المديرية الإقليمية لوزارة الفلاحة ببن سليمان في إثارة جدل واسع داخل الأوساط النقابية والحقوقية، حيث تطرح تساؤلات عدة حول عدالة هذه الأحكام والآثار التي ستترتب عليها على مستوى القطاع الفلاحي بشكل عام.
أصدرت مؤخرا محكمة جرائم الأموال الابتدائية بالدار البيضاء حكماً يقضي بسجن هؤلاء الموظفين لمدة عامين نافذين، بتهمة سوء التدبير في إطار مشروع فلاحي في إقليم بنسليمان، ما دفع النقابة الوطنية للقطاع الفلاحي العضو بالاتحاد المغربي للشغل، إلى إصدار بيان وصفت فيه ذلك بكونه “مجحفاً” وغير مدعوم بأدلة حقيقية، و واصفة التحقيقات بالاعتماد على معلومات غير دقيقة.
و تعود تفاصيل القضية إلى اتفاقية شراكة وقعت في عام 2012 بين المديرية الإقليمية للفلاحة وعدد من التعاونيات الفلاحية، التي كانت تهدف إلى غرس أراضٍ بأشجار الزيتون وتطويرها للاستغلال الفلاحي، وعقب تسليم المشروع للمستفيدين، أفادت التقارير الرسمية أن نسبة نجاح المشروع بلغت 97%، مما يعكس نجاحاً كبيراً للعمل الذي تم إنجازه، إلا أن الأمور تغيرت بعد أربع سنوات، حين تم فتح تحقيقات بناءً على شكاوى اتهمت المشروع بوجود أضرار في الأشجار المزروعة، وهو ما أدى إلى توجيه تهم الإهمال وسوء التدبير للموظفين المعنيين.
وفي هذا السياق، أكدت النقابة أن الأضرار التي لحقت بالأشجار نشأت بعد تسليم الأراضي للتعاونيات، وبالتالي فإن المسؤولية عن هذه الأضرار تقع على عاتق المستفيدين، وليس على الموظفين الذين أشرفوا على المشروع، كما أشارت النقابة إلى أن التحقيقات اعتمدت على “شكايات كيدية”، وناشدت وزير الفلاحة التدخل لإعادة النظر في الحكم من أجل إنصاف الموظفين المدانين، معتبرة أن القضية تشكل سابقة خطيرة تستهدف موظفي القطاع الفلاحي، و أوضحت النقابة في بيانها أن تقارير مكتب الدراسات وتقارير الوزارة نفسها كانت قد أيدت نجاح المشروع، مما يضعف الأساس القانوني للأحكام الصادرة بحق الموظفين.
في نفس السياق أعربت النقابة كذلك عن قلقها العميق من التأثير السلبي لهذه الأحكام على معنويات العاملين في القطاع الفلاحي، محذرة من أن استمرار “الضغوط القضائية غير المبررة” قد يؤدي إلى عزوف الموظفين عن الإشراف على مشاريع تنموية مماثلة في المستقبل، و هذا التحذير يسلط الضوء على تأثير الأحكام القضائية على سير العمل الحكومي، حيث يبرز الخوف من تراجع المبادرات والمشاركة الفاعلة من قبل الموظفين في المشاريع الوطنية التي تساهم في تحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي في البلاد.
هذا و من المنتظر أن تنظر محكمة الاستئناف في القضية خلال الأسبوع المقبل، في جلسة يأمل العديد من المهنيين أن تسهم في مراجعة الأحكام الصادرة وإعادة الاعتبار للموظفين المدانين، و في هذا الإطار، يرى بعض المراقبين أن القضية تمثل حالة معقدة تبرز الصعوبات التي يواجهها المغرب في إدارة المشاريع التنموية، وخاصةً ما يتعلق بتحديد المسؤوليات بين الجهات المشرفة على المشاريع والجهات المستفيدة منها، ما يفتح المجال لمزيد من النقاش حول كيفية تحسين آليات التنفيذ والمراقبة للمشاريع التنموية، وضمان المساءلة الفعّالة دون الوقوع في الأخطاء التي قد تؤثر سلباً على العاملين في هذا القطاع الحيوي.