
أثنى فريق الاتحاد المغربي للشغل على الجهود المبذولة من طرف مؤسسة المجلس الأعلى للحسابات الدستورية في مراقبة المالية العمومية وتقييم مدى فاعلية السياسات العمومية، مشددًا على أن هذه العمليات تمثل حجر الزاوية في تحقيق الحكامة التدبيرية وتحسين الخدمات العامة، إلا أن الاتحاد استغل هذه الفرصة للتعبير عن بعض القضايا الجوهرية التي تهم الطبقة العاملة في المغرب، وتؤرق بال المواطنات والمواطنين.
و سلط فريق الاتحاد المغربي للشغل الضوء على مجموعة من الاختلالات التي تعيق تحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية، مؤكدًا أن أي إصلاح حقيقي يجب أن يرتكز على تحسين أوضاع الطبقة العاملة وتعزيز الحماية الاجتماعية لجميع الأجراء.
وتركزت مداخلة الفريق على محورين رئيسيين، إصلاح منظومة الاستثمار والتشغيل وتنزيل ورش الحماية الاجتماعية، فرغم التحسن النسبي في مناخ الأعمال، إلا أن المغرب لا يزال بعيدًا عن تحقيق أهدافه الاستثمارية للفترة 2022-2026، والمتمثلة في تعبئة 550 مليار درهم وإحداث نصف مليون منصب شغل، كما أن أوضاع الأجراء، خاصة في القطاع غير المهيكل، لا تزال هشة، حيث يُحرم أكثر من 6 ملايين أجير من أي شكل من أشكال الحماية الاجتماعية، مما يؤدي إلى خسائر تتجاوز 60 مليار درهم سنويًا لنظام الضمان الاجتماعي.
وعلى صعيد التأمين الإجباري عن المرض، أشار الفريق إلى أن نسبة استخلاص الاشتراكات لا تتجاوز 37%، ما يثير مخاوف حول استدامة تمويل هذا النظام، خاصة في ظل استمرار هشاشة قطاع الصحة العمومية.
كما أن التشغيل الناقص والتصريح بعدد أيام أقل من 26 يومًا في الشهر يحرم العديد من الأجراء من حقوقهم الأساسية، وعلى رأسها التغطية الصحية، وللحد من هذه الاختلالات، طالب الاتحاد بتفعيل آليات مراقبة أكثر صرامة لضمان احترام قوانين الشغل، وإدماج القطاع غير المهيكل في المنظومة الاقتصادية، ورفع قيمة التعويضات العائلية، وتوسيع الاستفادة من التعويض عن فقدان الشغل مع تبسيط شروطه وضمان استدامته.
كما شدد على ضرورة تنفيذ الالتزام الحكومي بخفض شرط استحقاق معاش التقاعد في القطاع الخاص إلى 1320 يومًا بدل 3240، دون المساس بالحد الأدنى للمعاش.
أما المحور الثاني، فقد تناول إصلاح الإدارات والمؤسسات والمقاولات العمومية والجماعات الترابية، وأكد الفريق أن نجاح هذه الإصلاحات مرهون بتحسين أوضاع موظفي هذه المؤسسات والاستجابة لمطالبهم العادلة، من خلال مراجعة منظومة الأجور لتحقيق العدالة الأجرية، واعتماد استراتيجية واضحة للترقية والتحفيز، وتعزيز الاستقرار الوظيفي عبر القطع مع نظام التوظيف بالتعاقد.
كما دعا إلى تنفيذ الالتزامات الحكومية الواردة في اتفاقات الحوار الاجتماعي، خاصة المأسسة الحقيقية للحوار الاجتماعي الوطني، وفتح مفاوضات قطاعية جادة لتحسين أوضاع الموظفين والمستخدمين.
وفي ختام مداخلته، شدد الاتحاد المغربي للشغل على أن نجاح الإصلاحات الكبرى التي تشهدها البلاد، سواء في مجالات الاستثمار، الحماية الاجتماعية، أو تدبير الموارد المائية، يعتمد على مدى قدرتها على تحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين، كما وأكد أن تقوية الطبقة المتوسطة، التي تشكل الطبقة العاملة عمودها الفقري، أمر ضروري لضمان نمو اقتصادي مستدام وتعزيز الاستقرار الاجتماعي.
ودت النقابة الحكومة إلى اتخاذ إجراءات ملموسة تضمن تحسين القدرة الشرائية للمواطنين وتعزيز العدالة الاجتماعية في مختلف القطاعات.