هذا موقف جماعة العدل والإحسان بخصوص تعديل مدونة الأسرة
قال مجلس الإرشاد حول تعديل مدونة الأسرة، إن التعديلات التي لا تزال عناوين عريضة، ويكتنف عددا منها الغموض، وتحتمل تأويلات عديدة، إلا أننا انطلاقا مما أذيع ونشر إلى حد الساعة نسجل، أن "المرجعية التي ينبغي الاستناد إليها في مثل هذه القضايا هي القرآن الكريم والسنة المشرفة وغيرهما من مصادر التشريع المعتبرة، والاجتهاد بشروطه فيما لم يرد به نص، وليس الاعتماد على ما شذ من أقوال في الفقه؛ تغليبا لطرف على آخر أو استجابة لمسارات غريبة عن مجتمعنا وعوائده وأحواله وظروفه وثقافته، وذلك بالتأصيل لها وشرعنتها، بدعوى جلب مصالح ودرء مفاسد.
جاء ذلك في بيان مجلس الإرشاد للجماعة حيث أكد فيه، أن جماعة العدل والإحسان تابعت -كباقي مكونات الشعب المغربي- ما نشر من تعديلات تتعلق بالمدونة، اهتماما منها بالأسرة وقضاياها التي تعد من أمهات القضايا في ديننا، وكان الأمل أن تستجيب هذه التعديلات لمتطلبات المغاربة وتطلعاتهم، وأن تزيدهم ارتباطا بهويتهم ودينهم وأخلاقهم النبيلة، لكنها جاءت على غير ما كان منتظرا.
وتابعت الجماعة في بيانها، بقولها، إنها “نربأ بعلمائنا الأفاضل أن يلووا أعناق النصوص إرضاء للحكام الخاضعين للضغوط الخارجية، بل عليهم حمل الأمانة بقوة وإخلاص، وهذا يتطلب من علمائنا الأجلاء التيقظ والفطنة لما يراد لأسرنا من تشتت وانسلاخ عن الفطرة والقيم والأخلاق، بل التنبه لما يحاك ضد إسلامنا الحنيف”.
واعتبرت الجماعة، أنه من لا يستقيم “شرعا وعقلا” أن يعتبر احتفاظ الزوجة أو الزوج ببيت الزوجية في حال وفاة أحدهما تحقيقا لمصالح أَوْلى وآكد مما نصت عليه آيات المواريث، داعية بالكشف عن المهج الذي سلكه “المجلس العلمي الأعلى” في استجابته لطلباتٍ وإعطاء حلول وبدائل في مسائل أخرى، وإطلاع الناس على الأدلة التي استند إليها في الاستجابة أو التحفظ، رَفعْا للبس.
و قال بيان جماعة الراحل عبدالسلام ياسين، إنه وبالنظر السريع إلى مخرجات الإحصاء الأخيرة وما تقتضيه من يقظة في الوضع الديمغرافي للبلد، يظهر جليا أن ما تم الإعلان عنه في المدونة يسير في الاتجاه المعاكس لمصلحة الوطن، فهذه “التعديلات” غير المتوازنة وغير المنصفة ستفاقم حالات الطلاق المتفاقمة أصلا والتي ارتفعت مثلا في سنة 2021 إلى 135000 حالة بعد أن كانت سنة 2014 حوالي 43438 حالة، كما أن هذه “التعديلات” المجحفة والمخيفة ستزيد الشباب عزوفا عن الزواج مما سيضاعف التأثير على معدلات الخصوبة في البلاد وعلى الهيكل العمري للسكان، حيث سجل الإحصاء الأخير أن نسبة الأطفال دون سن 15 سنة انخفضت إلى 26.5 % من إجمالي السكان.
وأضافت “العدل والاحسان”، أن عددا من هذه التعديلات المرتقبة من شأنها تذكية الصراع بين الزوجين، وجعل العلاقة بينهما مرتبطة بالماديات فقط، مما سيُسهم في تغييب المعاني السامية التي من أجلها أنشئ بيت الزوجية.
وطالبت الجماعة، “العلماء إلى حمل الأمانة بقوة وإخلاص والتيقظ والفطنة لما يراد م للأسر من تشتت وانسلاخ عن الفطرة والقيم والأخلاق”،
إلى ذلك، أكدت الجماعة وفق بيانها، أن معالجة مشاكل الأسرة وإنصاف مستضعفة المستضعفين المرأة لا يمكن أن يتحقق إلا بمقاربة شمولية، فالأسرة جزء من كل، والعلاج ينبغي أن يكون تربويا تعليميا إعلاميا اجتماعيا اقتصاديا قضائيا، وسياسيا قبل كل شيء. فلا عدل داخل الأسرة إذا غاب العدل داخل الدولة وداخل المجتمع.