الرئسيةمجتمع

تحديات مستقبلية تتطلب إصلاحات عاجلة…المغرب في ذيل تصنيف مؤشرات ملاءمة التعليم مع سوق العمل

في تقرير حديث صادر عن مؤسسة “Quacquarelli Symonds”، تم تصنيف المغرب ضمن المراتب المتأخرة على مستوى العالم في مؤشر “ملاءمة المهارات” مع سوق العمل، حيث احتل المغرب المرتبة 78 من بين 81 دولة شملها التصنيف، وهو ما يسلط الضوء على الفجوة الكبيرة بين مخرجات التعليم وسوق العمل في المملكة.

يعتبر هذا المؤشر أداة هامة لقياس مدى توافق المهارات التي يكتسبها الخريجون مع احتياجات السوق العملية، وهي مسألة تشغل بال الخبراء والمخططين في مختلف أنحاء العالم.

في هذا السياق، تشير الأرقام التي تم الكشف عنها إلى أن المغرب يواجه تحديات كبيرة على عدة أصعدة، فقد سجلت البلاد فقط 17.01 نقطة في فئة “ملاءمة المهارات”، وهي نتيجة منخفضة تعكس فجوة حقيقية بين ما يتعلمه الشباب في المؤسسات التعليمية وما يتطلبه السوق من مهارات عملية، كما حصل المغرب على 53.8 نقطة في “مستقبل العمل”، مما يعكس حالة من التراجع في الاستعداد لسوق العمل المتغير والمتطور بسرعة.

أما في فئة “التحول الاقتصادي”، فقد حصل على 20.8 نقطة،مع معدل إجمالي بلغ 30.5 نقطة من أصل 100 نقطة، وهذا يضعه في مراكز متأخرة جدًا مقارنة بالدول الأخرى، مما يبرز صعوبة تأقلمه مع التحولات الاقتصادية العالمية والمحلية.

يعتمد التقرير على أربعة محاور أساسية لتقييم الدول ليعطي لمحة شاملة عن أداء الدول في هذا المجال، و تشمل هذه المحاور “ملاءمة المهارات” التي تعد المعيار الأبرز في التقرير، بالإضافة إلى “الاستعداد الأكاديمي”، الذي يقيس مدى جاهزية النظام التعليمي لمواكبة التحديات العالمية، و”مستقبل العمل” الذي يعكس تطور بيئة العمل وقدرتها على التكيف مع الابتكارات الجديدة، و”التحول الاقتصادي” الذي يظهر قدرة الدول على التكيف مع التغيرات الاقتصادية العالمية والمحلية.

على المستوى العربي، تصدرت دولة الإمارات العربية المتحدة قائمة الدول العربية بحلولها في المركز 29 عالميًا، تليها السعودية في المركز 38، ثم مصر في المركز 46، ولبنان في المركز 48، بينما جاءت قطر والأردن في المركزين 50 و53 على التوالي.
وتبرز هذه الدول كأمثلة على التقدم التدريجي في مواءمة أنظمتها التعليمية مع احتياجات أسواق العمل المحلية والدولية، مما يعكس استثماراتها المتزايدة في التعليم الموجه نحو المستقبل.

أما على المستوى العالمي، فقد تصدرت الولايات المتحدة الأمريكية قائمة الدول الأكثر كفاءة في مواءمة المهارات مع سوق العمل، حيث حصلت على 97.6 نقطة، تلتها المملكة المتحدة بـ97.1 نقطة، ثم ألمانيا بـ94.6 نقطة، في حين جاءت أستراليا وكندا في المركزين الرابع والخامس بنقاط بلغت 93.3 و91.0 على التوالي، و حلت فرنسا في المركز الثامن عالميًا، بينما جاءت سنغافورة في المركز التاسع، مما يعكس نجاح هذه الدول في تطوير أنظمة تعليمية تتماشى مع التحولات الاقتصادية المتسارعة والاحتياجات التكنولوجية المتجددة.

في ضوء هذه النتائج، أصبح من الضروري أن يعيد المغرب النظر في استراتيجياته التعليمية والتدريبية فهناك حاجة ماسة لربط التعليم الجامعي والتقني بمتطلبات السوق من المهارات العملية التي تتطلبها الوظائف المستقبلية، كما يجب تعزيز التعاون بين المؤسسات الأكاديمية وقطاع الأعمال لتطوير مناهج تدريبية تتناسب مع التحولات الاقتصادية والتكنولوجية السريعة التي يشهدها العالم، وبالإضافة إلى ذلك، يجب تعزيز دور التعليم المهني في تحضير الشباب لسوق العمل، وتحفيز الابتكار وريادة الأعمال لتوفير فرص جديدة في القطاعات غير التقليدية.

إن هذه التحديات ليست فقط أزمة وطنية، بل هي قضية عميقة تتعلق بمستقبل الشباب المغربي وفرصه في الحصول على وظائف مستدامة، وفي حال لم يتم اتخاذ خطوات إصلاحية فورية، فإن هذه الفجوة بين التعليم وسوق العمل قد تتسع أكثر، مما يفاقم من مشاكل البطالة ويعرقل التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى