الرئسيةثقافة وفنون

المخرج جان لوك غودار رائد السينما التجريبية وصديق الفلسطينيين….الوعي بالسينما

قال عبدالسلام دخان، المتتبع السينمائي، أن المخرج السينمائي الفرنسي السويسري جان لوك غودار Jean-Luc Godard، يعد أحد صناع سينما «الموجة الجديدة» التي وصفها صاحب فيلم«الإمبراطور الأخير» المتوج بتسعة جوائز أوسكار عام 1987، المخرج الإيطالي برناردو برتولوتشى Bernardo Bertolucci ب «المعجزة».

وساهم المنحى التجريبي لسينما جان لوك غودار في ظهور ما عرف بسينما المؤلف، وترسيخ أسلوب ورؤية إخراجية، وتقنيات في المونتاج تتسم بالجدة والمغايرة.

و أضاف في تدوينة له على صفحته على الفايسبوك، انه و تساوقا مع سجالات النادي السينمائي بالقصر الكبير ( صباح الآحاد بسينما اسطوريا) تعرفت على مجلة دفاتر السينما (Cahiers du cinéma) ومن خلالها على رؤى جان لوك غودار الجمالية للسينما لا بوصفها صناعة سينمائية فحسب، بل بِعَدِّهَا رؤية فلسفية للوجود وتمردا على الأنساق المألوفة في السينما الفرنسية على نحو ما نجد في فيلمه “حياتي التي سأعيشها” إلى جوار فرانسوا تروفو، وكلود شابرول، وإريك رومر وغيرهم.

وتابع في التدوينة ذاتها، أن رحل جان لوك غودار تاركا تحفه السينمائية تضيىء قاعات السينما، وبصمة جمالية في ذاكرة السينما ومنها: على آخر نفس A Bout de Souffle، وداعا للغة Adieu au Langage، من دون نسيان أفلامه القصيرة مثل: Une femme coquett، Charlotte et son Jule. المخرج الفرنسي ميشيل هازنافيسيوس Michel Hazanavicius صاحب التحفة السينمائية فيلم «الفنان» المتوج بجائزة الأوسكار، وجائزة الغولدن غلوب.

و يصف أستاذه جان لوك غودار بكونه من أعظم مخرجي الموجة الجديدة في السينما ( ينظر الحوار الشيق الذي أجرته صحيفة لوموند الفرنسية مع المُخرِج جان لوك غودار في باريس، ماي 2014). ولم يكن جان لوك غودار مجرد حالة عابرة في السينما (لدى السينيفيليين على وجه التحديد)، بل تحولا جوهريا في شكل وأنساق الفيلم السينمائي عبر عنه جان لوك غودار في عمله الفكري« كتاب الصورة» وفي أفلامه بوصفها تفكيرا عميقا في السينما، وهو ما يبرر الكوجيتو السينمائي للراحل جان لوك غودار «أنا أفكر، إذن فالسينما موجودة».

و يعدّ جان لوك غودار شاعرا بمرتبة مخرج، ومناضلا في ثوب موسيقار ضل طريقه نحو السينما. يتعامل مع السينما كما يتعامل الملحن مع الموسيقى، وقيثارته هي الكاميرا. ليس هذا وحسب، بل يكسر القواعد ويبتكر قواعد أخرى. أغراه الجمال فراح يعزف منفردا. يتعامل مع السينما كلوحات جمالية لا يميزها عن تلك التي تعرض في المتاحف سوى المونتاج. فالسينما من وجه نظره هي فن المونتاج. ويتنبأ بأن الجيل الحالي سيشهد نهاية السينما في صورتها الأصلية، وسيحل محلها شيء آخر، ولن يبقى منها سوى المونتاج. فكل العناصر يمكن أن تغيب عدا هذا النسق البصري المتحرك للصورة المسمى مونتاجا.

جدير بالذكر، أن جان لوك غودار، بعد هزيمة عام 1967 بدأ اهتمامه بقضية فلسطين، وذهب عام 1969 إلى مخيمات اللاجئين في كل من الأردن وسوريا ولبنان من أجل تقديم الثورة الفلسطينية للعالم، وأخرج فيلمه عام 1970 تحت عنوان أصلي “حتى النصر: أساليب العمل والتفكير للثورة الفلسطينية”.

و كان الفيلم أحد الأعمال السينمائية التجريبية لغودار الذي رحل عن دنيانا قبل أيام. وهو نموذج لأسلوب غودار الذي يقفز فوق التقسيمات السينمائية، ويقدم فيلما لا هو بالوثائقي ولا هو بالروائي ولا هو بالدراما الوثائقية أو ما يعرف بالدوكيودراما (docudrama).

يقول عنه في أحد المقالات، هاني بشر وهو صحافي ومنتج أفلام، “أنه لا يمكن اختزال شخصية سينمائية تاريخية هامة مثل غودار في موقفه السياسي، لكن لا يمكن أن ننكر أن رائدا من رواد السينما في العالم كان صديقا للعرب والفلسطينيين، وقدمهم بقلبه وفنه سينمائيا في وقت يعاديهم -أو على الأقل يتجاهلهم- فيه كثيرون”.

ويضيف، “والسؤال الذي تطرحه مسيرة غودار هو: هل يحق للمبدع أن يكون مسيسا؟ حياة غودار وفنه أجابا عن هذا السؤال بالإيجاب، وهنا تكمن الإشكالية في كيفية رسم خطوط رفيعة وواضحة بين الإبداع الحقيقي المعبر عن الرؤية الذاتية والعالم وبين الدعاية السياسية الرخيصة أو البروباغندا، فالأولى باقية والثانية كزبد البحر يذهب جفاء”.

إن غودار دوماً كان شخصية مثيرة للإهتمام، لا كمخرج فقط (وهذا كافٍ بالتأكيد) لكن كشخصية شاركت في ثورة 1968 الثقافية وكان لها موقف مؤيد لفلسطين، وعندما رفض نياشين الدولة (مثل «نيشان الجدارة الوطنية الفرنسي» قائلاً: «لا أحب تلقي أوامر وليس عندي أي جدارة»)، وكذلك عندما هاجم غولدا مائير في فيلمه «هنا وفي غير مكان» (1976) فاتهم بمعاداة السامية وطُلب منه نفي ذلك لكنه لم يكترت للرد وأكمل طريقه في السينما كما أحب ورغب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى