الرئسيةثقافة وفنون

فيلم “مريم” شهادة على قدرة السينما المغربية على التفاعل مع القضايا الاجتماعية المعقدة

انتزع الفيلم القصير «مريم» للمخرج والمنتج المغربي عمر الضنايا الجائزة الكبرى لأفضل فيلم عربي قصير خلال مهرجان الإمارات السينمائي الذي أقيم في دبي.

و فيلم “مريم” للمخرج المغربي الشاب عمر الضنايا يحكي قصة فتاة تبلغ من العمر 14 عامًا تنتمي إلى عائلة محافظة، تركز على دراستها وتعيش حياة هادئة تحت سلطة والد صارم، إلى أن تتعرض حياتها لنكسة مروعة عندما تواجه اعتداء يقلب موازين حياتها وحياة أفراد عائلتها، ويضعهم أمام تحديات مجتمعية وأسرية قاسية.

ويستعرض الفيلم بشجاعة تداعيات هذه الحادثة الصادمة على الفتاة وأسرتها، ويكشف عن التحديات التي تواجهها في ظل ضغوط مجتمع محافظ. ويعكس العمل بتقنياته المتقنة وقصته المؤثرة تحديات الضحايا في مجتمع تقليدي، حيث تأتي النهاية المأساوية لتحمل رسالة نقدية قوية تثير التفكير والجدل حول القضايا التي يطرحها.

الفيلم الذي يمتد لمدة 16 دقيقة و46 ثانية، يصنف ضمن أفلام الدراما. وقام عمر الضنايا بإخراجه وإنتاجه عن سيناريو للكاتب لطيف المتوكل. وشارك في تصوير الفيلم عمر الضنايا وتوفيق روفيكس، بينما أدّى الأدوار الرئيسية نخبة من الممثلين الشباب، من بينهم رميساء العقاوي، محمد الحمزاوي، نجوى الفايدي، وأسهم أداؤهم المتقن في إيصال المشاعر الحقيقية التي تعكسها القصة، مما أكسب الفيلم مصداقية وتأثيرًا كبيرين لدى الجمهور.

وصرح مخرج الفيلم عمر الضنايا لصحيفة “العرب” قائلا: إن الفكرة الأساسية التي دفعته لاختيار موضوع الاغتصاب في فيلمه “مريم” جاءت بعد طرح الموضوع عليه من قبل إحدى جمعيات المساواة وحماية القاصرات.

وأضاف في التصريح ذاته، “بصراحة، عندما قرأت السيناريو لأول مرة، تأثرت كثيرا بالفكرة والقصة، لأنها كانت تحمل بعدا إنسانيا واجتماعيا عميقا، فقررت أن أعمل عليها وأعالجها سينمائيًا، بينما كان السيناريو مكتوبا بطريقة تتيح للصورة السينمائية أن تكون الراوي الأساسي للقصة. حرصت على تعديل بعض الأحداث والمشاهد لتكون أكثر تركيزا، وتجنب أي مشهد لا يخدم الحدث الدرامي أو لا يحمل مغزى، وكان الهدف هو تقديم الموضوع بشكل حساس ومؤثر دون التورط في المبالغة أو الخطابية.”

زأضاف المخرج في التصريح نفسه لصحيفة “العرب”، أنه “ينبغي التوقف عن أسلوب التطبيل والتهليل بعد الحصول على الجوائز العالمية، لأن هذا النهج يعكس عدم تقدير حقيقي للكفاءات الوطنية، حيث لا يتم الالتفات إليها إلا عندما تحقق اعترافا من الخارج أو تنال جوائز من دول أجنبية، وهذا الأسلوب يعكس تجاهلا لإمكانيات الشباب المغربي في بداياتهم، وهو ما يحرمهم من الدعم اللازم لتطوير أعمالهم وصقل مواهبهم، فيجب على صناع القرار والمسؤولين في قطاع السينما المغربية أن يوجهوا الدعم للفنانين الشباب في مراحلهم الأولى، لأنه يتيح لهم فرصة الظهور والإبداع داخل بلدهم قبل أن يشيد بهم العالم الخارجي، وبالتالي تعزيز مكانة السينما الوطنية من خلال الاستثمار في الطاقات المحلية من البداية.”

إن فيلم «مريم»، يوجّه رسالة قوية تسلط الضوء على قضايا مجتمعية حساسة مثل العنف ضد القاصرات، كما أنه يتبنى رؤية تحص الدور الذي يمكن أن تلعبه السينما في التوعية وتعزيز القيم الإنسانية. ويعدّ هذا العمل الفني شهادة على قدرة السينما المغربية على التفاعل مع القضايا الاجتماعية المعقدة وإيصال رسائلها بجرأة وعمق إلى جمهور محلي ودولي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى