
مبادرة عربية لإحباط «ترانسفير ترامب»
عن “هآرتس” وترجمة “الأيام الفلسطنية”
يمكن أن يجدا نفسيهما في مواجهة سياسية مباشرة مع رئيس غير متوقع، في أعقاب تصريحات الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، المتكررة التي بحسبها هو معني بأن تستوعب الدولتان لاجئين فلسطينيين من قطاع غزة، والإعلان أنهما «ستفعلان ذلك». القول: إن الولايات المتحدة تساعد القاهرة وعمّان، ولذلك «يجب عليهما»، يمس نقطة حساسة جداً.
بشكل رسمي رفض الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وملك الأردن عبد الله الثاني، وحكومتاهما المبادرة كلياً، وأعلنوا أنهم يعارضون فكرة الترانسفير أو تهجير سكان القطاع. السبت الماضي، حصلوا على الدعم لموقفهم من السعودية وقطر والإمارات، التي نشرت بياناً مشتركاً مع السلطة الفلسطينية، رفضوا فيه هذه الخطة.
باستثناء ذلك يحذرون في مصر من تداعيات هذه الخطة، إذا تم تطبيقها، على الأمن القومي لمصر، وضمن ذلك شبه جزيرة سيناء. في الأردن أيضاً سيضعون قضية الأمن القومي على رأس اهتماماتهم، وسيخططون للتوضيح للرئيس الأميركي أن تدفق مئات آلاف الفلسطينيين إلى المملكة سيقوض الاستقرار فيها، بالتأكيد في ظل العمليات العسكرية الإسرائيلية في الضفة. مع ذلك، الخوف من ألا يتنازل ترامب عن الفكرة وأنه لن يكون مستعداً للموافقة على رد سلبي، ما زالت تحتاج إلى الاستعداد من ناحيتهم.
في القاهرة، وفي عمان أيضاً، لا يخفون خوفهم وهم يوضحون أن التوقيت الحساس الذي قيل فيه إعلان ترامب، وعلنيته، لا تبقي أمام الزعيمين أي هامش للمناورة. من جهة، يعارض الرأي العام في الدولتين هذه المبادرة بشدة، لكن من جهة أخرى، عقوبات أو تقليصات واسعة للمساعدات يمكن أن تهدد منظومات حيوية في الأردن ومصر.
حسب دبلوماسيين وجهات سياسية تحدثت لـ»هآرتس» في الدولتين، وفي السلطة الفلسطينية أيضاً، فإنه يوجد للولايات المتحدة عدة أدوات وروافع ضغط على القاهرة وعمّان، بالأساس في المجالين العسكري والمالي. الدولتان لا يمكنهما تحمل أضرار اقتصادية شديدة أو نقص في التزويد المتعلق بمنظومات عسكرية طالما أنه لا توجد لها شبكة أمان اقتصادية من دول أخرى. «مع كل الاحترام للبيان المشترك مع السعودية، فإن هذا الموقف بحاجة إلى شبكة أمان اقتصادية واسعة لتمكين السيسي وعبد الله من الوقوف أمام ترامب»، قال مصدر مصري مقرب من متخذي القرارات في القاهرة.
وحسب قول هذا المصدر، فإن دولة مثل مصر تعتمد على المساعدات من واشنطن، وهي بحاجة إلى البنك الدولي الذي توجد للولايات المتحدة فيه قوة كبيرة. «طالما لا توجد خطة بديلة، فإن مصر ستجد صعوبة في مواجهة ضغط الإدارة الأميركية إذا صمم ترامب على تطبيق خطته»، قال المصدر.
استمرار الانقسام الداخلي أيضاً سيصعب على الفلسطينيين معارضة خطة ترامب. حسب أقوال مصادر فلسطينية، فإن «حماس» والسلطة الفلسطينية عبرا عن المعارضة الحازمة للفكرة، لكنهما لا ينجحان في التوافق فيما بينهما على إدارة القطاع، الأمر الذي يمكن أن يفشل كل محاولة للدفع قدماً بخطة بديلة. «المفارقة هي أن إعلان ترامب فاجأ أيضاً حكومة إسرائيل»، كتب الكاتب والصحافي الفلسطيني داود كُتّاب، الذي يعيش في الأردن.
وحسب قوله، فإنه ما زال من غير الواضح إذا كان تصريح ترامب هو نتيجة تخطيط إستراتيجي أم أنه مجرد زلّة لسان نبعت من محادثات وصلت إلى أذنه في مارلاغو.
حسب أقوال كُتّاب، فإن حقيقة أن مجلس الشيوخ لم يصادق بعد على تعيين مستشار ترامب للأمن القومي يدل على أن هذا التصريح ليس جزءاً من خطة مبلورة. التوقعات في القاهرة وعمّان هي أنه إذا كان نتنياهو معنياً بالتنسيق معهم والحفاظ على علاقات عمل سليمة مع الدولتين – حتى لو لم تكن علنية – فإنه يجب عليه عدم الإعلان أنه يؤيد هذه العملية.
«ترامب يمكنه رمي أفكار من واشنطن تجاه غزة من وجهة نظر رجل العقارات، لكن الواقع على الأرض وتأثيرات ذلك على المنطقة أكبر من خطة الإخلاء»، قال دبلوماسي عربي للصحيفة.
في قطاع غزة يخشون من أنه طالما لا توجد خطة بديلة مبلورة، فإن الولايات المتحدة وإسرائيل ستحولان الإخلاء الإنساني أو الأمني إلى تذكرة باتجاه واحد، وعملياً سيشكل ترانسفيراً صامتاً.
«بدأ هذا بالأسرى، ويستمر الآن بالجرحى والمرضى، وربما فيما بعد بفئات أخرى مثل الطلبة ولمّ شمل العائلات في الخارج، وبعد ذلك فإن من سيخرج لن يعود»، قال ناشط في مجال المساعدات الإنسانية بالقطاع. وحسب قوله، فإن القيادة الفلسطينية بكل فصائلها، والدول العربية، يجب عليها التوحد أمام ترامب واقتراح بدائل لإعادة إعمار القطاع وإدارته دون الترانسفير، وإلا فإنه سيستمر بالتسلي بالفلسطينيين كلعبة.