الرئسيةسياسة

صفعة أخرى لحكومة أخنوش..المغرب يتراجع في مؤشر الفساد العالمي والغلوسي الفساد لم يعد ظاهرة عرضية

كشف تقرير منظمة “الشفافية الدولية” لمؤشر إدراك الفساد لعام 2024 عن تراجع ملحوظ في مستوى النزاهة في البلاد. إذ سجل المغرب معدل 37 نقطة من أصل 100 نقطة، مما أدى إلى انتقاله إلى المرتبة 99 عالميًا من أصل 180 دولة، بعد أن كان يحتل المرتبة 97 في العام السابق.

إن هذا التراجع يؤكد بشكل جلي  استمرارً لمسيرة الانحدار التي بدأت منذ عام 2012، وتعمقت مع حكوم أخنوش،  إذ شهدت البلاد أفضل نتائجها في عام 2018 عندما حصلت على 43 نقطة واحتلت المرتبة 73، قبل أن تتراجع تدريجيًا بفقدان 5 درجات و26 مرتبة خلال السنوات اللاحقة.

سارعت  “الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة ـ ترانسبرانسي المغرب” بمقرها في الرباط، لتعلن  الجمعية عن أسفها الشديد لهذه النتائج التي تعكس تدهورًا مستمرًا في وضع الرشوة داخل المغرب. وتؤكد أن هذه الأرقام ليست مجرد أرقام جامدة، بل إنها مرآة تعكس غياب الإجراءات الجدية والفعّالة لمكافحة الفساد بكل أشكاله، خاصة وأن المغرب كان يحتل المرتبة 88 في بداية هذه الفترة قبل أن يشهد تقلبات متلاحقة أثبتت تفاقم الظاهرة وتأثيرها السلبي على مختلف جوانب الحياة العامة.

بدوره، وصف محمد الغلوسي، رئيس “الجمعية المغربية لحماية المال العام”، هذه النتائج بأنها “صفعة أخرى للحكومة التي تتبجح بكونها نفذت جزءًا كبيرًا من البرامج الواردة في الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد”. وشدد على أن الفساد في المغرب لم يعد ظاهرة عرضية، بل أصبح نظاميًا وبنيويًا، في ظل غياب الإرادة السياسية الحقيقية لمواجهته. وأشار إلى أن عدم تنفيذ مقتضيات الفصل 36 من الدستور، الذي يعد حجر الزاوية في تخليق الحياة العامة ومحاربة الانحراف في ممارسة السلطة، يعد دليلًا واضحًا على الانحراف الدستوري والأخلاقي والسياسي الذي يشهده المغرب.

وأضاف، في التونة ذاتها، أن هذا التراجع لم يكن مفاجئًا بالنظر إلى السلوك السياسي المتبع، والذي يركز على حماية مواقع الريع والفساد والدفاع عن مصالح الفئات المستفيدة من هذا الواقع. واستشهد بعدم تجريم الإثراء غير المشروع وتضارب المصالح، مشيرًا إلى أن رئيس الحكومة عزيز أخنوش ومن داخل قبة البرلمان صاح بأعلى صوته مدافعًا عن أحقية شركته في الفوز بصفقة تحلية مياه البحر بملايير الدراهم”، مما يبرز بوضوح غياب الشفافية وتضارب المصالح في الجهاز السياسي.

واعتبر أن هذا الوضع،  لا يمس فقط ضعف السياسات التنفيذية فحسب، بل إنه يتجلى أيضًا في تقويض الآليات المؤسسية لمكافحة الفساد، إذ لم تجتمع “اللجنة الوطنية لمحاربة الفساد” سوى مرتين منذ تأسيسها قبل 8 سنوات، على الرغم من أن النص المؤسس يلزمها بعقد اجتماعين سنويًا. كما أن الحكومة قامت بسحب مشروع القانون المتعلق بـ”تجريم الإثراء غير المشروع” بعد مناقشته لسنوات، إلى جانب فرض تشريعات تقيد نشاط منظمات المجتمع المدني والسلطة القضائية في متابعة الجرائم التي تمس الأموال العامة.

وتابع، الناشط الحقوقي أن المنظمات الدولية قد التقطت هذه الإشارة “التي تعكس انحرافًا دستوريًا وأخلاقيًا وسياسيًا في ممارسة السلطة”، وأعطى نموذجًا عن ذلك بـ”رفض” رئيس الحكومة عزيز أخنوش “في أكثر من مناسبة عقد اجتماع اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد ولو شكليًا، وانتهت المدة المحددة للإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد دون أن يكون لهذه الأخيرة أي أثر على الواقع، لكون لوبي الفساد والريع قد عمد إلى وأد هذه الإستراتيجية في مهدها حتى يبقى مستفيدًا من ريع السلطة والنفوذ”.

وختم تدوينته بالإشارة إلى أن “المجتمع اليوم يتطلع إلى مكافحة شاملة للفساد والرشوة ونهب المال العام، وربط المسؤولية بالمحاسبة عبر استراتيجية وطنية متكاملة ومتعددة الأبعاد تقي بلدنا من كل المخاطر والأزمات الخارجية والداخلية، وتخرج المغرب من دائرة التقارير السوداء المتعلقة بمؤشرات الشفافية والتنمية”.

وكانت “الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة – ترانسبرانسي المغرب” قد قررت “تجميد عضويتها في (اللجنة الوطنية لمحاربة الفساد) إلى أن تظهر بوادر ملموسة من السلطات العمومية تشير إلى التزام فعلي في مكافحة الفساد”.

وقالت الجمعية إن قرارها جاء على إثر تلقيها دعوة من رئيس الحكومة لتعيين ممثل عنها في اللجنة المذكورة خلفًا لأمينها العام الراحل عبد العزيز النويضي، مشددة على أنه قرار “تمليه العديد من المؤشرات التي لا تبعث على الاطمئنان فيما يتعلق بالإرادة السياسية للسلطات العمومية لمحاربة الفساد”.

وسجلت أن ذلك الترتيب يمكن أن يرجع إلى تدهور وضع الرشوة في البلاد منذ عام 2012. وتابعت: “إن ظاهرة الرشوة تظل نسقية في المغرب ولم تُتّخذ إجراءات جدية للحد منها، في بداية هذه الفترة، احتل المغرب الرتبة 88، متقلبًا صعودًا وهبوطًا، وسجل أفضل ترتيب له سنة 2018 بالمرتبة، ومنذ ذلك الحين، استمر المغرب في التراجع ترتيبًا ودرجة ليحتل المركز 99 في التصنيف العالمي لسنة 2024 فاقدًا 5 درجات و26 مرتبة مقارنة بسنة 2018”.

جدير بالذكر، أن متوسط مؤشر إدراك الرشوة في العالم بلغ  43 نقطة من أصل 100 سنة 2024. وحصلت أكثر من 120 دولة على متوسط أقل من 50 نقطة من أصل 100 “ما يعني أن ملايين الأشخاص في العالم عانوا من آثار الرشوة والتبذير واختلاس المال العام”، تقول “ترانسبرانسي المغرب”.

ويطالب نشطاء حقوقيون بضرورة تبني “استراتيجية وطنية متكاملة لمكافحة الفساد”، تشمل إصلاحات هيكلية وإرادة سياسية حقيقية للحد من تأثير الفساد والرشوة ونهب المال العام، بهدف تأمين مستقبل أكثر نزاهة وشفافية للمغرب وضمان حقوق المواطنين في حياة عامة قائمة على المساواة والعدالة. وتظل النتائج السوداء التي تكشفها التقارير الدولية بمثابة إنذار صارم بضرورة التحرك العاجل لتصحيح المسار وإعادة الثقة إلى مؤسسات الدولة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى