
ما زال صدى زلزال الثامن من شتنبر 2023 يخيم على مئات العائلات المتضررة، التي وجدت نفسها في مواجهة مصير مجهول بعد أكثر من عام ونصف من وقوع الكارثة، حيث عادت عشرات الأسر إلى مقر البرلمان المغربي، في محاولة لإيصال معاناتهم المستمرة إلى صناع القرار، بعدما طال انتظار الحلول دون جدوى.
و في هده الخطوة الاحتجاجية جديدة، رفع المتضررون الذين يمثلون التنسيقية الوطنية لضحايا زلزال الحوز، أصواتهم مجددًا للتنديد ببطء الاستجابة الحكومية لوضعيتهم الإنسانية الصعبة، حيث لا يزالون يعيشون في خيام بلاستيكية مهترئة لا توفر الحد الأدنى من ظروف العيش الكريم، فتفاقم الأوضاع المناخية القاسية، وندرة المياه الصالحة للشرب، وغياب الخدمات الصحية والاجتماعية، جعل هذه العائلات عرضة للأمراض الموسمية، ما زاد من حجم معاناتهم وألمهم.
و في صلب هذه الاحتجاجات، برزت مطالب واضحة لا تقبل التأجيل على رأسها التحقيق في تلاعبات توزيع الدعم، حيث وجه المحتجون أصابع الاتهام إلى بعض أعوان السلطة الذين استغلوا نفوذهم لضمان استفادة مقربين منهم وذوي المصالح المشتركة من المساعدات المخصصة للضحايا، بينما تُرك العديد من المستحقين الحقيقيين دون أي دعم.
و أثار هذا الامر موجة من الغضب والاحتقان بين المتضررين، الذين طالبوا بفتح تحقيق نزيه للكشف عن أي تجاوزات وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها الفعليين.
إلى جانب ذلك، شدد المحتجون على ضرورة تسريع وتيرة إعادة الإعمار، حيث أكدوا أن الدعم المالي المخصص لإعادة البناء غير كافٍ بالنظر إلى حجم الأضرار التي لحقت منازلهم، و رغم مرور أكثر من 18 شهرًا على الزلزال، فإن عمليات إعادة الإعمار لا تزال تسير بوتيرة بطيئة، تاركة العديد من الأسر في العراء دون أفق واضح لتحسين أوضاعهم.
هذا و لم يغب عن مطالب المحتجين تعميم التعويضات الشهرية على جميع الأسر المتضررة، حيث لا تزال فئات واسعة محرومة من هذه المساعدات رغم تعرض ممتلكاتها لأضرار جسيمة، وشدد المتضررون على أن هذه المساعدات لا ينبغي أن تكون انتقائية أو خاضعة لمزاج بعض المسؤولين المحليين، بل يجب أن تشمل جميع المتضررين وفق معايير شفافة وعادلة.
ولم تقتصر الاحتجاجات على المطالبة بالحقوق المادية فقط، بل امتدت أيضًا إلى المطالبة بالمحاسبة، فقد طالب المحتجون بإجراءات صارمة ضد كل من تورط في التلاعب بملفات الدعم، مؤكدين أن غياب المحاسبة يشجع على استمرار الفساد ويكرس معاناة الضحايا، كما شددوا على ضرورة تدخل الحكومة بشكل مباشر لإيجاد حلول جذرية، بدلًا من الاقتصار على وعود لم تجد طريقها إلى التنفيذ.
ومن بين المطالب التي ركز عليها المحتجون، كانت الدعوة إلى الإفراج عن رئيس التنسيقية، الناشط سعيد آيت مهدي، الذي اعتُقل في سياق الاحتجاجات، حيث اعتبر المتظاهرون أن توقيفه محاولة لإسكات أصوات المطالبين بحقوقهم، مؤكدين استمرارهم في الاحتجاج إلى حين تحقيق مطالبهم كاملة.
هذه الوقفة ليست الأولى من نوعها، فقد سبق للمتضررين أن نظموا عدة احتجاجات خلال الأشهر الماضية، دون أن تلقى مطالبهم استجابة ملموسة، ومع تزايد الضغوط، يجد المسؤولون أنفسهم أمام اختبار حقيقي حول مدى قدرتهم على إدارة الأزمات وضمان حقوق المواطنين المتضررين.
وفي ظل استمرار المماطلة، تبقى التساؤلات مطروحة حول مستقبل هؤلاء المشردين، وما إذا كان صوتهم سيصل أخيرًا إلى من يملكون القرار.