
لا يزال قرار تحسين التعويضات الصحية لأجراء القطاع الخاص، الذي صادق عليه المجلس الإداري للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في يوليو 2019، معلقًا دون تنفيذ، رغم توفر الموارد المالية اللازمة ودون الحاجة إلى أي زيادة في الاشتراكات.
هذا التأخير المستمر أثار استغراب النقابات العمالية، خاصة أن القرار كان يهدف إلى مراجعة التعرفة الوطنية المرجعية للأعمال الطبية ورفع نسب التعويضات عن العلاجات والاستشفاءات، مما كان من شأنه التخفيف من الأعباء المالية على الأجراء الذين يتحملون جزءًا كبيرًا من تكاليف العلاج بسبب ضعف التعويضات الحالية.
و في هذا السياق، يرى الحسين اليماني، عضو المجلس الوطني للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، أن هذا الوضع غير مبرر، خصوصًا أن القرار حظي بموافقة جميع الأطراف داخل المجلس الإداري للصندوق، بما في ذلك ممثلو أرباب العمل والسلطات الحكومية، ومع ذلك، لم يتم تفعيله، ما يطرح تساؤلات حول الأسباب الحقيقية وراء هذا التعليق، خاصة في ظل تزايد احتياطات الصندوق التي تجاوزت 50 مليار درهم.
وشملت المقترحات التي تضمنها القرار تحسين التعويضات عن العلاجات الخارجية والاستشفائية لتصل إلى 80 بالمئة، وتعويض الأدوية الجنيسة بنسبة 90 بالمئة، إضافة إلى تعويض كامل عن الأجهزة التعويضية والبدائل الطبية، ورغم أهمية هذه الإجراءات في تقليص الفجوة بين التكلفة الفعلية للعلاج والمبالغ المسترجعة، إلا أن التنفيذ تعثر بسبب ما تم تبريره بعدم جاهزية الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي لمواكبة هذه التعديلات، بالنظر إلى وضعه المالي غير المستقر.
هذا التبرير يثير استغراب النقابات، خاصة أن صندوق الضمان الاجتماعي الخاص بأجراء القطاع الخاص يتمتع بفائض مالي كبير، مما يجعله قادرًا على تمويل هذه التحسينات دون التأثير على استدامته.
وفي ظل تعميم التغطية الصحية الإجبارية لكافة المواطنين ودمج مختلف أنظمة التأمين الصحي في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، تتزايد المخاوف من أن يتم توجيه احتياطات الصندوق لتمويل العجز في الأنظمة الأخرى، بدل تحسين الخدمات المقدمة للمساهمين الفعليين.
الحسين اليماني يشير إلى أن هذا الوضع يطرح تساؤلات حول مدى التزام الحكومة بتعهداتها بالحفاظ على الحقوق المكتسبة وضمان العدالة بين جميع المستفيدين، كما يعتبر أن استمرار تعليق القرار منذ أكثر من خمس سنوات يبعث على القلق بشأن مصير أموال الأجراء، خاصة بعد ما شهدته المرحلة السابقة من تخصيص 1.4 مليار درهم من موارد الصندوق لتغطية نفقات تلقيح كورونا.
و يتطلب هذا الملف إجابات واضحة من الحكومة، لا سيما فيما يتعلق بتوفير خدمات صحية عادلة ومتوازنة لكل الفئات. فالأجراء، الذين يساهمون بشكل مباشر في إنتاج الثروة الوطنية، يستحقون نظامًا صحيًا يراعي احتياجاتهم ويوفر لهم رعاية تليق بمساهماتهم.
وإلى أن يتم تطبيق الإصلاحات الضرورية، ستبقى التغطية الصحية في القطاع الخاص محل جدل واسع، بين وعود غير مُفعلة وانتظارات لا تزال قائمة.