الرئسيةثقافة وفنون

وداعا سليمان سيسي: رمز الوعي الافريقي السينمائي

بقلم الكاتب والناقد السينمائي: محمد بكريم

فقدت افريقيا أحد أبرز رموزها الثقافية بوفاة السينمائي سليمان سيسي. نعم ينحدر من مالي (ولد في باماكو 21/ابريل 1940) ولكنه ظل دوما مهووسا بانتمائه للقارة السمراء جاعلا من السؤال الثقافي الموجه الأساسي لتفكيره الذي ترجمه بلغة العصر: الصورة السينمائية والسمعية البصرية.

كنت محظوظا حين سمحت لي الظروف اللقاء به خلال “القمة السينمائية” التي كانت نظمتها جنوب افريقيا (صورتي مع سيسي من انجاز الصديق السينمائي ماما كيتا) وكان التواصل معه سهلا وعميقا

سهلا لأنه يقدر كثيرا المغرب حيث يحظى بتتبع وشغف من طرف أجيال مختلفة من سينيفيليي المملكة وتربطه علافة وطيدة بصديقه الراحل نورالدين الصايل

وعميقا لأن سيسي يضعك مباشرة في صلب اهتماماته وفي صلبها السؤال المركزي الذي رافق تأملاته وأفكاره في المرحلة الأخيرة من ابداعه. لقد جاء الى السينما مبكرا وعن طريق الالتزام والتفتح على قضايا الساعة واستفاد من تكوين رصين في معهد السينما الشهير بموسكو (ابان المرحلة السوفياتية) الذي تخرج منه أسماء سينمائية كبيرة (عصمان سامبين، عبد الرحمان سيساكو…)

يمكن بشكل تركيبي أن أقدم أفلامه حسب اتجاهين بارزين:

  • اتجاه سوسيو-اجتماعي سياسي: حيث يلتقط بشكل سينمائي يدخل في سياق “السهل الممتنع” مواضيع قوية كما في فيلم بآرا (الشغل – 1975) متناولا تحولات الطبقة الاجتماعية الجديدة التي أعطت للصراع الطبق لونا محليا (تحول الأطر الجديدة الى أدوات في خذمة الاستعمار الجديد)…ثم فيلم فينيي (الريح- 1982) حيث تناول انتفاضة الطلية في خضم الصراع سياسي في مالي
  • اتجاه اتنوغرافي- هوياتي يؤسس لقاعدة ثقافية لسينما افريقية متجذرة في تربتها فكان فيلمه التحفة «يليين” (النور- 1987). سيناريو يسائل الإرث السردي الافريقي ( في منطقة بامبارا التي تتجاوز الحدود التي رسمها الاستعمار لتمزيق الغرب الافريقي) …لقد انخرط في هذا البحث ساعيا الى تأسيس نسق سينمائي مضاد لما تفرضه منظومة صناعة الفرجة العالمية (التي عملت على استقطابه بمنحه عدة جوائز حيث كان فيلم يليين اول فيلم من جنوب الصحراء يحصل على جائزة لجنة التحكيم الخاصة في كان). وفي هذا الاتجاه جرب الإنتاج التلفزي بحثا عن تواصل أوسع مع محيطه الثقافي. وفي تدخلاته وحواراته كان يستعمل لغته الأصلية رافضا النجومية السهلة.

لقد وافته المنية وكان يتأهب لترأس لجنة تحكيم بمهرجان واكادوكو (بوركينا فاسو) عاصمة السينما الافريقية. وكان موته هذا ترسيم لواقع مريرمؤشر عن موت شيء ما في السينما الافريقية …تلك التي حلم بها الرواد

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى