الرئسيةثقافة وفنون

عندما حلق بنا “الروخو” في أجواء “سمائه المربعة”!

توراني
بقلم عبدالرحيم التوراني

كانت أمسية نادرة بحق وأكثر من مميزة، تلك التي جمعت البارحة المناضل محمد السريفي فيلار بجمهور نوعي، حتى إنه يكاد يعرف جل أسماء الحاضرين، بل إن له مع كل واحد منهم قصة وحكاية نسجت خلف الأسوار وفي أقبية التعذيب، في فترة ما يسمى عادة بسنوات الرصاص، وهي التسمية التي يرفضها السريفي، ويفضل بدلها وصف “سنوات الدكتاتورية”..
إن القيادي البارز في منظمة الى الأمام يصر على تسمية الأمور بأسمائها.

كانت المناسبة هي صدور كتابه باللغة الفرنسية تحت عنوان le ciel carrè عن منشورات “الفنك” بالدار البيضاء، لصاحبتها الصديقة ليلى الشاوني.

 

في البداية أفصح محمد السريفي فيلار عن سعادته البالغة باحتفاله بصدور كتابه، الذي يندرج ضمن خانة “أدب السجون”، وهو احتفال استثنائي كما قال يحدث في مدينة كازا، المدينة المكافحة التي يكن لها ولأهلها حبا عميقا لن ينساه..

أليست هي المدينة التي دخلها يافعا ثوريا وعاش في كنفها سنوات السرية تحت اسم مستعار (عبد الله البهجي)، وهو اسم حركي اختاره له رفيقه التاريخي المناضل الراحل عبد الله زعزاع، بعدما انتقاه من لقب أحد أقربائه…

المدينة التي كما قال يستحق أحد شوارعها أو ميادينها وساحاتها العامة أن تحمل اسم المناضل الوطني والثوري ابراهام السرفاتي…

إن هذه الأمسية الثقافية والنضالية التي احتضنتها مكتبة livre moi بحي كوتيي في الدار البيضاء، وسيَّرتها الكاتبة كنزة الصفريوي، كانت ولا شك، أمسية الاحتفاء بذاكرات اليسار الماركسي السبعيني، حيث عرف اللقاء تدخلات عدد من المناضلين اليساريين الذين جربوا محنة الاضطهاد والعسف والسجن…

وقد حرص السريفي على التنويه بفصائل اليسار السبعيني الأساسية: إلى الأمام، و23 مارس، ولنخدم الشعب..

تكلم “الروخو” – اللقب الذي اشتهر به السريفي- بطلاقة آسرة، بلغة فرنسية جميلة، تخللتها عبارات عامية، لكن الأكثر من ذلك أنها لغة قوية وجذابة، كأنه نحات بارع يمتلك تطويع الكلمات بسهولة ويتفنن في نحتها من صخر واقع مرير وصلد وعنيف، ويقدمها بجمالية وبلغة صادقة نابعة من القلب إلى القلب، لغة مشحونة بالأحاسيس المتوهجة، جعلت أعين البعض تنقهر أمام الدمع العصي، ومن حرص منا على كتم دمعته فضحته ملامحه ولغة عينيه…

الرفيق محمد علي السريفي فيلار، هو اليوم في سنته الثالثة بعد السبعين…

لكن في لحظة مارقة رأيته البارحة وهو يحدثنا بعاطفة مشبوبة، وأيضا بعقلانية وواقعية، عن معاناته مع القمع والاستبداد، رأيته شابا في العشرينيات لم يغادر عنفوانه وألقه الثوري أبدا..

ثوري ظل عميق الإخلاص للقيم وللمبادئ، ولرفاق الدرب والطريق..

مناضل لم تنل منه 18 عاما في سجون الحسن الثاني، حالم عنيد يحافظ على الحلم ويتمسك بالأمل حتى آخر الرمق..
مكافح لم يسقط السلاح، ولم يغير كتفا بكتف…

شكرا جزيلا السي محمد السريفي فيلار..

لن نوفيك حقك مهما شكرت عما عشناه معك ليلة أمس…

* حرص السريفي على توقيع كتابه للجمهور بقلم أحمر، قلم أحمر ليس من النوع الجاف، بل إنه قلم من الحبر الأحمر السائل..
ألسنا في حضرة الأحمر “الروخو”..
ما أجملك أيها الروخو…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى