الرئسيةمنوعات

المسحراتي يوقظ النائمين في خان يونس المدمرة بنداء: “سنين وسنين.. لا نركع ولا نلين”

من قلب الدمار في مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، خرج الشاب محمد ماجد زقوت بزي المسحراتي التقليدي ليعلن انتصار الحياة وقدرة الفلسطيني على الصمود والبقاء رغم كل محاولات الإبادة التي شنتها إسرائيل ضدهم على مدار أكثر من عام ونصف.

وفي أولى ليالي شهر الصيام، تجول زقوت متزيناً بالكوفية الفلسطينية وزي المسحراتي، وبرفقته عدد من أصدقائه وسط أحياء خان يونس، سعياً منه لإعادة خلق بهجة رمضان ورونقه في نفوس أبناء المدينة التي لم تسلم بدورها من وحشية القصف الإسرائيلي.

وزقوت كغيره من أبناء قطاع غزة، شاب في مقتبل العمر واجه ويلات الحرب والنزوح، فخلال عام ونصف فقط من حياته نزح 9 مرات إلى مناطق مختلفة بحثاً عن الأمان.

بيد أن هذه المعاناة لم تجعله يستسلم بل خرج ليقولها علنا “لن نركع ولن نلين، وغصباً عن نتنياهو سنحتفل برمضان”.

يقول زقوت بينما كان يتجول في شوارع خان يونس عشية أولى ليالي رمضان لإيقاظ الناس وتذكيرهم بفضل هذا الشهر الكريم وبهجته في النفوس: “خلال الحرب، مررنا بظروف أصعب من الصعاب، وأجواء رمضان لم تعد كما كانت من قبل، ولذلك من الضروري إحياؤها”، في إشارة منه إلى عودة الهدوء ولو مؤقتاً إلى القطاع بفضل اتفاق وقف إطلاق النار، الذي عادةً تنتهكه تل أبيب بين الحين والآخر.

وشدد على أن المسحراتي هو “بهجة رمضان وهو من يصنع ابتسامة الأطفال”، لافتاً إلى أنه هذا العام يتجول بين المنازل المدمرة لممارسة هذا الطقس الرمضاني بعدما أجبرته الحرب العام الماضي عن التخلي عنه، ربما ممارسته جزئياً في مدينة رفح، التي كانت تحت القصف الإسرائيلي أيضا.

واختار زقوت التجول كمسحراتي في شوارع خان يونس هذا العام، كونها من المناطق القليلة التي لا يزال سكانها يعيشون في منازل حيث شردت الحرب أبناء باق المناطق وجعلتهم يختبئون داخل الخيام التي تجعلهم بطبيعة الحال مستيقظين، فلا يحتاجون لمن يأتي ويوقظهم في رمضان أو يعيد تذكيرهم بقسوة واقعهم.

وتابع: “هذا العام أعمل في منطقة خان يونس، لأن منطقتي كلها مدمرة والناس هناك تعيش في خيام وليس منازل، لذلك هم أصلا مستيقظون، ووجود المسحراتي في ظل الدمار سيعيد لهم ذكريات قديمة سيحزنون عليها”.

وعن حياته قبل الحرب حيث كان من سكان مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة “كانت أياما حلوة، وكانت الناس تحبنا، وكنا يد واحدة، لكن مع الحرب تشردنا واختلفت الأمور”.

وبسبب الحرب اختلفت الأناشيد والأهازيج التي يرددها زقوت خلال ساعات ما قبل الفجر، فبات ينشد “ابتهالات ومواويل مرتبطة برمضان، وأحيانا نتكلم عن الشهداء في آخر 10 أيام من الشهر، كي لا يحزن أهلهم من بدء حلول رمضان”.

وينشد زقوت أهازيج بينها “مساجد مساجد.. يا راكع وساجد، و”اصحى يا نايم قوم وحّد الدائم، وعشنا سنين وسنين.. لا نركع ولا نلين”.

في الإطار، تجمع سكان مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، لتناول أول سحور جماعي في شهر رمضان بين الأنقاض وركام المنازل المدمرة.

وزين الأهالي شوارع خان يونس، بزينة رمضان والزخارف المضيئة لإضفاء البهجة والفرحة بقدوم الشهر الفضيل الذي نشهد أمس  السبت.

يقول المتطوع في مبادرة “إغاثية أردنية”، سليمان الفرا “رغم الدمار والحرب على غزة، أصررنا على إسعاد أهلنا، وأصررنا على إقامة السحور الجماعي بين الركام”.

وتابع: “حاولنا أن نسعد النازحين وأصحاب البيوت المدمرة في الحرب، وصممنا زينة وإضاءة لإضفاء الفرحة”.

وبجوار ركام المنازل المدمرة، تجمع العشرات وخصوصا الأطفال، على مائدة طويلة لتناول طعام السحور، وفي لوحة تجسد التكافل الاجتماعي بين النازحين.

وفي أجواء فرائحية، تجمع الأطفال لتناول السحور وسط زينة رمضان بألوانها البراقة، ورسومات جدارية ترحب بالشهر الكريم.

من جانبه، قال المسن الغزّي أبو سفيان: “رغم الدماء والدمار، أبينا إلا أن نرسم البسمة على وجوه الأهالي، وكنا قبل الحرب نصنع ذلك وما زلنا على العهد قبل وبعد الحرب”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى