الرئسيةثقافة وفنون

الدراما الرمضانية المغربية بين اجترار الأسماء وغياب التجديد: هل أصبح المشهد الفني مغلقًا؟

مع حلول كل موسم رمضاني، تعود الشاشة المغربية لتستقبل جمهورها بمزيج من الإنتاجات الدرامية التي تسعى لاستقطاب المشاهدين وتحقيق نسب مشاهدة عالية، غير أن تكرار نفس الأسماء في العديد من الأعمال أصبح ظاهرة ملفتة تثير الجدل في الأوساط الفنية و الجماهيرية، فهل هو مؤشر على جودة الأداء واحترافية الممثلين، أم أنه شكل من أشكال الاحتكار الذي يحدّ من فرص ظهور وجوه جديدة ويؤثر سلبًا على التنوع الدرامي؟

هذا العام، شهدت الساحة الدرامية الرمضانية تكرارًا مكثفًا لمجموعة من الممثلين الذين تصدّروا المشهد في أكثر من عمل واحد، و على رأس هؤلاء نجد عبد الله ديدان، الذي ظهر في خمسة أعمال دفعة واحدة، وهي “الدم المشروك”، “الشرقي والغربي”، “أنا وياك”، “جرح قديم”، و”رحمة”. إلى جانبه، تألقت دنيا بوطازوت في أربعة مسلسلات، شملت “الدم المشروك”، “أنا وياك”، “أولاد إزة 2″، و”يوم ملقاك”، ولم يكن ربيع الصقلي استثناءً، حيث شارك أيضًا في أربعة أعمال متنوعة بين المسلسلات والأفلام التلفزيونية.

أثارت هذه الظاهرة ردود فعل متباينة بين الجمهور والنقاد، فهناك من اعتبر أن تكرار الوجوه المألوفة يمنح المشاهد شعورًا بالملل، خاصة عندما يؤدي الممثلون أدوارًا متشابهة لا تقدم إضافات جديدة لمسيرتهم الفنية، كما أن تكرار نفس الأسماء يؤدي إلى نوع من التشويش، حيث يجد المشاهد نفسه أمام الشخصيات نفسها بأدوار مختلفة، مما يؤثر على مصداقية القصص الدرامية ويضعف تأثيرها العاطفي.

في المقابل، يرى آخرون أن اختيار نفس الوجوه يعكس ثقة المنتجين والمخرجين في موهبة هؤلاء الممثلين وخبرتهم، خاصة في ظل غياب ضمانات نجاح الوجوه الجديدة، كما أن المنتجين يبحثون عن الأسماء التي تضمن نسب مشاهدة مرتفعة، خصوصًا مع التنافس الشديد في الموسم الرمضاني الذي يعد أهم فترة من حيث استهلاك المحتوى التلفزيوني.

الناقد الفني فؤاد زويرق قدّم وجهة نظر نقدية حادة بخصوص هذه الظاهرة، مؤكدًا أن “استحواذ أسماء معينة على البطولات وتكرارها في أكثر من عمل خلال نفس الموسم يؤثر سلبًا على التجربة البصرية للمشاهد، ويخلق نوعًا من التشتيت الذهني”. وأوضح أن “الممثل الذي يظهر في عدة مسلسلات متتالية يصبح عرضة للاستهلاك، مما قد يؤدي إلى فقدان بريقه الجماهيري مع مرور الوقت”.

وأشار زويرق أيضًا إلى أن هناك أسبابًا أخرى تقف وراء هذا التكرار، من بينها العلاقات الشخصية داخل الوسط الفني، حيث تلعب الصداقات والمصالح المشتركة دورًا كبيرًا في فرض بعض الأسماء على حساب غيرها، كما أكد أن “هناك ممثلين اعتادوا على التواجد المكثف في الأعمال الدرامية دون أن يسعوا لتطوير أدواتهم التمثيلية، ما يجعلهم يكررون نفس الأداء في كل مرة”.

من جهة أخرى، ألقى الناقد باللوم على القنوات التلفزيونية والمعلنين، معتبرًا أنهم يساهمون في تكريس هذه الظاهرة، حيث أن المستشهرين يفضلون التعامل مع وجوه مألوفة لضمان جذب الجمهور، مما يقلص فرص المواهب الصاعدة التي قد لا تحظى بنفس القبول الجماهيري.

أما دنيا بوطازوت، التي كانت من بين الأسماء الأكثر حضورًا هذا الموسم، فقد دافعت عن نفسها بقوة خلال استضافتها في برنامج “مع الفاميلا”، حيث صرّحت قائلة: “نحن درسنا أربع سنوات وتدربنا لنصبح محترفين، فلماذا يُطلب منا التوقف عن العمل؟ التمثيل هو مهنتنا، ومن الطبيعي أن يشارك الممثل في أكثر من عمل إذا كان قادرًا على تقديم أدوار متنوعة”.

وأضافت أن نجاح الإنتاج الدرامي لا يعتمد فقط على تنوع الوجوه، بل على جودة النصوص والإخراج، مؤكدة أن “الجمهور يهتم بالقصة أكثر من اهتمامه بعدد المرات التي ظهر فيها الممثل خلال الموسم”.

في ظل هذا الجدل المستمر، يبقى السؤال مطروحًا: هل ستستمر الدراما المغربية في تقديم نفس الأسماء عامًا بعد عام، أم أن هناك إرادة حقيقية لكسر هذا النمط وإفساح المجال أمام المواهب الصاعدة؟ ربما يكون الحل الأمثل في تحقيق توازن ذكي بين الحفاظ على الأسماء التي أثبتت نفسها وبين ضخ دماء جديدة قادرة على إثراء المشهد الفني، حتى لا تبقى الدراما المغربية أسيرة لنفس الوجوه والقصص المتكررة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى