الرئسيةصحةمجتمع

الرياضة في رمضان: بين التحديات الصحية والإستراتيجيات الفعالة للحفاظ على اللياقة البدنية

يعتقد الكثيرون أن ممارسة الرياضة في شهر رمضان تشكل عبئًا إضافيًا على الجسم في ظل الامتناع عن الطعام والشراب طوال اليوم، وهذا ما يجعلهم يفضلون تأجيل النشاط البدني إلى ما بعد الشهر الفضيل، لكن هل هذا الاعتقاد قائم على أسس علمية؟ وهل هناك إمكانية لممارسة الرياضة أثناء الصيام دون التأثير سلبًا على صحة الجسم؟ للإجابة على هذه التساؤلات، يجب النظر إلى الموضوع من زاوية مختلفة، حيث يمكن للصيام والرياضة أن يتمازجا بشكل إيجابي إذا تم اتباع الإرشادات الصحية الدقيقة.

تحديات رمضان على الجسم وكيفية التكيف معها

من المعروف أن شهر رمضان يشكل تحديًا كبيرًا على الصعيد البدني، حيث يمر الجسم بفترات طويلة من الجوع والعطش، بالإضافة إلى التغيرات في مواعيد النوم والنشاط، ومع ذلك، يشير الدكتور عماد الدين الماس، أخصائي في الطب الرياضي، إلى أن ممارسة الرياضة في هذا الشهر يمكن أن تحقق فوائد صحية كبيرة، بشرط أن تتم بشكل صحيح، ويقول: “إذا تم تنظيم النشاط البدني بشكل مدروس، يمكن للصيام أن يكون فرصة لتحفيز الجسم على استخدام مصادر الطاقة بشكل أكثر كفاءة”.

وبحسب الدكتور عماد، من أبرز النقاط التي يجب الانتباه لها هي ضرورة تعديل البرنامج الغذائي بحيث لا يتسبب الإفطار الدسم في شعور بالإرهاق والخمول، يضيف: “الإفراط في تناول الطعام بعد الإفطار قد يؤدي إلى تراكم الدهون والشعور بالتعب، مما يعيق قدرة الجسم على ممارسة الرياضة، من الأفضل تناول وجبة خفيفة تحتوي على البروتينات والكربوهيدرات المعقدة التي تمد الجسم بالطاقة اللازمة”.

أفضل الأوقات لممارسة الرياضة في رمضان

يعتبر التوقيت المناسب لممارسة الرياضة في رمضان من العوامل الأساسية التي تساهم في الحفاظ على لياقة الجسم دون التأثير على صحته يوضح الدكتور ناصر الزعبي، أخصائي في التغذية والطب الرياضي، أن الوقت المثالي لممارسة النشاط البدني هو بعد الإفطار بساعتين، ويشير إلى أن هذا الوقت يسمح للجسم بالتعافي من الجفاف الذي يحدث أثناء الصيام، بالإضافة إلى استعادة الطاقة اللازمة للقيام بالتمارين.

ويضيف الدكتور ناصر: “بعد الإفطار، يستعيد الجسم جزءًا من سوائله وقدرته على هضم الطعام بشكل أكثر كفاءة، مما يجعل هذا الوقت الأنسب لممارسة الرياضة.
يمكن أن تكون الأنشطة مثل المشي أو الجري الخفيف أو تمارين القوة البسيطة خيارات رائعة لتعزيز اللياقة البدنية”. كما ينصح الدكتور الزعبي بالمشي إلى صلاة التراويح أو التنزه في أماكن مفتوحة مثل الحدائق أو الشواطئ، حيث تساعد هذه الأنشطة على تحسين الدورة الدموية والتخفيف من الضغوطات النفسية التي قد تتراكم خلال يوم الصيام.

مخاطر ممارسة الرياضة أثناء الصيام

على الرغم من أن ممارسة الرياضة لها فوائد كبيرة، إلا أن ممارستها أثناء ساعات الصيام قد تكون ضارة إذا لم تتم بحذر، و يحذر الدكتور حسين العزاوي، أخصائي في طب الباطنة، من ممارسة التمارين الرياضية خلال النهار، خاصة في الأيام الحارة، حيث يؤدي نقص السوائل إلى زيادة خطر الجفاف والإرهاق. ويقول: “عند ممارسة الرياضة أثناء الصيام، يتعرض الجسم لفقدان كبير للسوائل، مما يؤثر سلبًا على الأداء الرياضي وقد يؤدي إلى حالات من الإعياء الشديد أو الدوار”.

وبالنسبة للتمارين المكثفة، ينصح الدكتور حسين بتجنبها نهائيًا خلال ساعات الصيام، خاصة في أوقات الظهيرة، حيث يكون الجسم في أضعف حالاته، و “أفضل طريقة هي الحفاظ على النشاط البدني الخفيف خلال النهار، مثل المشي السريع، لكن من دون ممارسة الرياضات العنيفة التي قد تؤدي إلى مشاكل صحية”.

التمارين في وقت متأخر من الليل: تأثيراتها على النوم

ومع اقتراب ساعات الليل، قد يكون من المغري أن يمارس البعض الرياضة بعد التراويح أو في وقت متأخر، ولكن هل لهذه التمارين تأثيرات سلبية على النوم؟ يوضح الدكتور ناصر الزعبي أن ممارسة التمارين الرياضية في وقت متأخر قد تؤدي إلى صعوبة في النوم بسبب ارتفاع مستويات الأدرينالين، ويضيف: “ينصح بأن يكون هناك فارق زمني لا يقل عن خمس ساعات بين التمرين ووقت النوم لضمان أن الجسم يتعافى بشكل كامل وتتمكن معدلات الأدرينالين من العودة إلى مستواها الطبيعي”.

إلى جانب ذلك، يوصي الدكتور ناصر بتحديد أوقات تمرين تكون متوافقة مع ساعات النوم المريحة، مثل ممارسة الرياضة بعد الإفطار وقبل العشاء بفترة، لضمان النوم الجيد الذي يعزز من فوائد النشاط البدني.

استراتيجيات الحفاظ على اللياقة في رمضان

إن الرياضة في رمضان ليست مستحيلة، بل هي فرصة لتطوير التوازن بين الجسد والعقل، و يوصي الخبراء باتباع بعض الاستراتيجيات البسيطة للمحافظة على اللياقة، مثل تناول وجبات متوازنة، تجنب الإفراط في الطعام والشراب، والابتعاد عن التمارين الشاقة أثناء ساعات الصيام، مع اختيار الأوقات المناسبة لممارسة الرياضة، يمكن للجسم أن يظل نشيطًا دون التعرض للإجهاد أو المشاكل الصحية.

خلاصة القول، مع التخطيط المدروس وتعديل العادات الغذائية وأوقات ممارسة الرياضة، يمكن لشهر رمضان أن يصبح فرصة مثالية لتحسين اللياقة البدنية والصحة العامة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى